همسة مغترب..الفساد

> م. علي أحمد حسن:

> من مفارقات هذا الزمن الرديء أن يعترف معظم الحكام العرب والمسلمين (ولاة الأمر) بأن لديهم فساداً في بلدانهم!! ولعل من عادة حكامنا أن لا يروا أي شيء حتى تأتي الإشارة من غيرهم من بعيد!!

إذن دعونا نسأل أين يكمن هذا المرض الخبيث، الذي ينخر المجتمعات العربية والإسلامية ويدفع الثمن الناس البسطاء من قوتهم اليومي إن كان قد بقي لهم منه شيء.

يكمن هذا المرض ويسكن النفوس والضمائر الميتة الحية، وهنا لا بد من تعريف الضمير بأنه حاسة با طنية وقوة داخلية تتذوق معاني الحق والخير والجمال وتدفع إلى البر ومكارم الأخلاق وتهيمن على أعمال الجوارح، وتكافئ عليها بالارتياح والطمأنينة والرضاء إن كانت خيرة، وبالوخز والتأنيب والامتعاض إن كانت شراً.

والضمير الذي لم يرد ذكره في القرآن الكريم عرّف بالنفس اللوامة وهي التي تلوم صاحبها على فعل الشر وسيئ الأعمال، وتحثه على الإقبال على العمل ومكارم الأخلاق خوفاً من الله جل جلاله وطمعاً في رضاه.

لذا فالمصيبة في ضمائر الناس حكاماً ووزراء ومدراء وأمراء إلى آخر السلسلة.. وهم وحدهم الذين يحمون الفساد والمفسدين أينما وجدوا ويكتفون بالاعتراف بأن هناك فساداً ولا يستطيعون معالجة أنفسهم الأمارة بالسوء والتي يعشعش فيها الفساد.

أما كيف يفسدون إدارياً ففي استبعاد الكفاءات الوطنية وإحلال عناصرهم السيئة محلها ، الوساطات غير المشروعة، الرشى، غسيل الأموال، إهدار تكافؤ الفرص بين المواطنين، التربح من الوظيفة، التلاعب بالقوانين، إهدار وقت العمل، العمولات، دخول البضائع المغشوشة وعدم مطابقتها للمواصفات القياسية، تهريب المخدرات، الاستيلاء على التجارة الداخلية والخارجية وحصرها في رموزهم وبطاناتهم المفسدة التي لا تشبع أبداً وتقول مثل جهنم هل من مزيد!!

وبالنتيجة يجد المواطن نفسه مضطراً شاء أم أبى أن يشارك في الفساد وإلا تعطلت مصالحه نتيجة للبيروقراطية المعقدة التي تجبره على البحث عن سبيل سهل يقفز به على تلك الإجراءات من أجل إنجاز مصالحه المشروعة بطرق غير مشروعة. ولعل أكبر مصائب الحكام العرب تكمن في بطاناتهم السيئة الصيت وما تحمله من نفوس مفسدة وضمائر ميتة والتي لا يستطيعون زحزحتها من مواقعها التي هرمت فيها، وكأن لديها عقود انتفاع دائمة مستديمة أبدية في تلك المواقع.

ويعترف حكامنا العرب بأن لديهم فساداً ومفسدين، ويخاطبون الرعية بأنهم سيقضون على بؤر الفساد وسيقدمون المفسدين للعدالة.

ولكن لم نسمع قط أن حاكماً واحداً وضع إصبعه الصغيرة على بؤرة من البؤر أو أن برلماناً من البرلمان المعينة أو المهجنة قد اكتشف موقعاً فاسداً ووضع يده عليه كما تفعل الأمم الحية التي تضع رؤساء وزارات في السجون حتى يومنا هذا (كوريا الجنوبية).

مغترب في دولة الإمارات

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى