سياسات الإغراق

> محمد عبدالله باشراحيل:

>
محمد عبدالله باشراحيل
محمد عبدالله باشراحيل
عند قراءتي لوثائق خاصة بمنظمة التجارة العالمية WTO التابعة للأمم المتحدة والاتفاقات المتعلقة بتجارة السلع، وقفت في إحدى الاتفاقات عند مصطلح مواجهة سياسة الإغراق Anti-Dumfing واخترته عنواناً لمقالي هذا، وهو يعني كما ورد بالوثيقة أنه عند تصدير دولة سلعة ما إلى دولة أخرى وضخها بكميات كبيرة وبأسعار منخفضة جداً تضر بمصلحة المنتجين في الدولة المستوردة فإن ذلك يعتبر «إغراقاً» وقد تضمنت الاتفاقية وضع قواعد لحساب هامش الإغراق، ولست هنا بصدد الخوض في تفاصيل هذه الاتفاقية، ولكن ما يهمني حصيلة ما يقود إليه الإغراق من أضرار تمس بمصالح الغير وربط هذا المصطلح بما يجري من سياسات إغراق في البلاد والتي تتمثل في الآتي:


أولاً: رفع الدعم عن المشتقات النفطية وتطبيق قانون ضريبة المبيعات وعدم تطبيق قانون الوظائف والأجور بشكل صحيح يخدم الغرض الذي صدر من أجله والمتمثل في تحسين المستوى المعيشي لموظفي الدولة
والمتقاعدين، ولكن الواقع المعاش يعكس أن زيادة الأسعار في السلع والخدمات فاقت كثيراً زيادة المرتبات والمعاشات ، وبعبارة أخرى فإن الزيادة الكبيرة في الأسعار دون زيادة في الدخول أغرقت المواطنين في وحل المجاعة والبؤس والفقر وفي زيادة ديونهم.

ثانياً: إغراق المدن وخاصة في المحافظات الجنوبية والشرقية بالبائعين القادمين من محافظات أخرى الباسطين في الشوارع وأمام المحلات التجارية التي تدفع ايجارات وفواتير كهرباء وتليفون وأجور موظفين وضرائب،
ولم يقتصر الأمر على ذلك فحسب بل زادت الطين بله العربات (الجواري) المتعددة الأغراض إضافة الى عدد المتسولين والمعاقين والمجانين جنوناً صناعياً وليس طبيعياً، أي أننا بدلاً من أن نخطط لتمدين الريف قمنا بترييف المدينة.

ثالثاً: إغراق المتنفدين بالقصور والسيارات الفخمة وحيازة الأراضي وخصوصاً في عدن وحضرموت التي أصبحت حديث الناس اليومي في عاصمتها المكلا عن الأرض الواسعة الواقعة بجانب مركز بلفقيه الثقافي والتي
منحت لأحد المسؤولين الكبار في صنعاء وتقدر بحوالي 500 مليون ريال، إضافة الى استيلاء عسكريين على قطع أراضي قرب مطارالريان قاموا بتسويرها مع انها خاصة بمواطنين في المحافظة.

رابعاً: مع جعل ثقافة القبيلة هي السائدة في المجتمع والتي منها أن من شيمة الرجال حمل السلاح، فقد أغرقت البلاد بالسلاح والذي وصل أن عدد القطع التي يحملها الأفراد يفوق ثلاثين مليون قطعة حسب ما أشارت إليه
بعض المصادر، في حين كانت المحافظات الجنوبية قد تخلصت من هذا الداء والمظهر غير الحضاري منذ خمسينات القرن الماضي في عهد الاستعمار البريطاني وحكم السلاطين والمشايخ، وعجباً أن يعود التاريخ الى الوراء.

خامساً: يقال إن عدد من تدفع لهم خزينة الدولة مرتبات شهرية بدرجة وزير وما فوقها وصل الى اكثر من 14000 شخص ويشمل هذا العدد كل رؤساء الجمهورية ورؤساء الوزراء ونوابهم والوزراء السابقين ومن في
حكمهم. ولا ندري كم سيصل العدد لو اضيف اليه عدد أعضاء مجلس النواب والمجلس الاستشاري ومجلس الشورى الحالية والسابقة.نعتقد أنه إذا ما صح هذا الرقم فحتماً ستغرق ميزانية الدولة لا محالة!!
ختاماً..

نقولها بصراحة إن هذه نماذج من سياسات الإغراق السائدة وإن السواد الأعظم من شعبنا يئن ويصيح منها قائلاً: إني أغرق .. إني أغرق.. إني أغرق، إني غرقان!!

فهل هناك أمل في نجدة من قارئ الفنجان؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى