إلا باب أبي بكر

> سالم عبدالله باجرش:

> أمر النبي صلى الله عليه وسلم في مرض موته أن تغلق كل الأبواب ويبقى باب أبي بكر لتعرف الأمة سابقاً وحاضراً ولاحقاً قدر ومنزلة هذا الرجل العظيم بعظمة مواقفه.. وليؤصل للأمة النبي صلى الله عليه وسلم مبدأ تخليد ذكر أصحاب الفضل والعطاء من مواقفهم العظيمة، وتضحياتهم النبيلة.. ومقام ابراهيم يشهد بذلك أن أبقى الله أثر الخليل على الحجر وهو يرفع القواعد من البيت لتبقى معجزة خالدة وأثراً مباركاً تشاهده الأجيال فترى من خلاله العطاء، وتذكر من أثره رفع البناء.. والشواهد في ذلك كثيرة وكثيرة جداً، وأردت من خلال تلك الشواهد البارزة أن مبدأ تخليد ذكرى الطيبين من أهل الفضل سنة، وذكر أهل المعروف بمعروفهم مبدأ نبيل وصلة كريمة.

دفعني لكتابة هذه السطور المتواضعة.. قصة رجل الفكرة العظيمة التي أصبحت واقعاً، والمشروع الطموح الشاق الذي أصبح ميسراً. تذكرته والإنسان ربما بطبعه ينسى النعمة وإن كانت كبيرة بتعوده عليها.. تذكرت الوالد الاستاذ المرحوم محمد احمد لعجم، الذي غادر دنيانا فتذكرت مشروعه وبذله مع اخوانه من أقرانه في كيفية إيصال الماء لكل بيت من بيوت شبام حضرموت رغم علو بنيانها، فهي ناطحات سحاب كما يقال.. تذكرته وأنا ألملم ذكريات من خلال سماع حديث.. نسمعه وأنا في سن أولاده، تذكرته من رجال عاصروا المشروع فكرة ورسماً ثم شاهدوه من خلال ابي احمد طموحاً وواقعاً، فيا الله ما أعظمه من عمل ويا الله ما اجلّه من بذل!.. رحمك الله يا أبا أحمد فما ارتوت نفس بعد عطش إلا ولك بذلك أجر إن شاء الله، وسقاك الله من حوض نبيه صلى الله عليه وسلم، فإن نسي الناس ونسينا فما كان ربك نسيا، وأنا أناشد هنا كل اصحاب القرار: ألا يحسنُ أن نخلد ذكر هذا الرجل على معلم من معالم شبام، وما اكثرها، فيكون دافعاً بأن كل طموح مهما كان صعباً بجهد الرجال يتحقق، وليعرف الجيل المعاصر أن ما نحن فيه هو امتداد للماضي وضع لبناته رجال أفاضل وأساتذة أجلاء، وفي مقام الاستاذية وذكرها ورسالة الدعوة والتعليم يحضرني هنا خير من ارتقى منبرها العلامة والمعلم الحبيب عبدالله بن مصطفى بن سميط الواعظ والعالم الشبامي، مصلحا لأجيال المدينة واستاذا حفظ على يديه ما ينوء بحفظه اليوم أصحاب الرسالات الجامعية من حفظهم لألفية ابن مالك في النحو والزبد في الفقه وعلم الفرائض وفي علوم التربية.. أتذكره وأنا أعاتب (وهو عتاب المحب لأحبابه) أولاده أنهم الى يومنا هذا لم يخرجوا بعض سيرته فتطبع، وأقول لهم إن التاريخ ملك للجميع.. ولست هنا أسطر عبارة مجاملة لأحد فصحيفة «الأيام» منبر حر لكل موقف نبيل، من خلالها نبحر وبين سطورها نتنقل، فمن لا يعرف الوالد والاستاذ عبدالله بن مصطفى بن سميط فما رأت شبام بعد رحيله مثله ابداً.. والشكر موصول بعد الله لوزارة التربية والتعليم في الوادي والصحراء متمثلة بالاستاذ الدكتور محمد احمد فلهوم، فقد كرم هذا العلم قبل اكثر من عام في حفل تكريم بعض رجال العلم والأدب (بشهادة تقدير تسلمها ابنه الصحفي علوي بن عبدالله)، فالوفاء من أهل الوفاء يكون، ومن أهل الوفاء العطاء مبذول.

وإذا استشهدت بهذين العلمين الفاضلين فليس إجحافاً في حق غيرهم من الفضلاء ولكنه بداية الغيث إن شاء الله بقطر يسير من السماء، فأول الغيث قطر ثم ينهمر، وأردت أن افتح باباً نلج من خلاله الى مدرسة ضمت في جنباتها كثيراً من أهل الفضل والعلم والخير، فشبام العراقة لها مع ميلاد الرجال تاريخ حافل، ولها في كل محفل عطاء رجال أفاضل، فالعراقة في الدمنة ليس في علو بنيانها فحسب بل في شموخ رجالها وأبنائها جيلاً بعد جيل وصدق القائل:

اقرؤوا التاريخ إن في التاريخ عبر *** ضاع قوم ليس يدرون الخبر

فتخرج الفكرة من بين العقول الى السطور فتقرأ، فالحاضر امتداد الماضي، وجزى الله كل من قدم بين يديه عملاً صالحاً وأبقى لنا به مثلاً يحتذى وهدياً مباركاً. والله من وراء القصد وهو الهادي لسواء السبيل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى