انتقادات الدكتور الارياني وعبدالله غانم لمشروع اللقاء المشترك

> «الأيام» د.محمد علي السقاف:

>
د.محمد علي السقاف
د.محمد علي السقاف
إعلان أحزاب اللقاء المشترك (المعارضة) مشروعها للإصلاح السياسي والوطني في 27 نوفمبر 2005م يعتبر نقطة تحول تاريخية هامة في العمل المشترك لأحزاب اللقاء المشترك في التوصل إلى بلورة مشروع إصلاح سياسي حظي باتفاق تيارات سياسية متناقضة إن لم تكن متعارضة فيما بينها وهذا بحد ذاته يمثل مصدر قوة وضعف في آن واحد. مصدر القوة ينبع من قدرة أحزاب اللقاء المشترك على رفع التحدي أمام السلطة التي طالما اتهمتهم بغياب البديل للنظام السياسي القائم وتقديم الحلول للمعضلات التي يواجهها، والآن بطرح مشروع الإصلاح السياسي أصبح أمام المواطن خياران بين النظام السياسي القائم أو النظام البرلماني المقترح. نقطة الضعف في المشروع تكمن في التفاصيل، أي شكل من أشكال الأنظمة البرلمانية المقترح لليمن من بين التجارب البرلمانية في العالم، إضافة إلى حاجة مشروع الإصلاح السياسي إلى صياغة نصوص دستورية تترجم أفكار المشروع إلى بنود محددة ودقيقة. وفي سبيل ذلك هل سيقتصر الأمر على مشروع تعديلات دستورية أم وضع دستور جديد؟ وهل يمكن الحديث عن إصلاح سياسي من دون إصلاح مسار الوحدة، وطبيعة الدولة البسيطة؟ هل عدم التطرق في المشروع لهذه القضايا والدخول في التفاصيل هو قرار نهائي أم مؤقت أم كان شرطا لإبرام الاتفاق والموافقة عليه بين أحزاب اللقاء المشترك؟ فإذا كانت قيادات من أحزاب اللقاء المشترك أشارت عند تقديمها مشروع الإصلاح السياسي أن المشروع ليس برنامجاً انتخابياًً للانتخابات الرئاسية المقبلة في سبتمبر 2002م، وإن سلمنا بوجهة النظر هذه فالسؤال المطروح هنا هل يمكن تصور برنامج انتخابي مشترك يغفل محوراً أساسياً فيه بتغيير النظام السياسي الحالي إلى نظام برلماني؟ وإن لم يغفله وأشار إليه هل من الحكمة المشاركة في انتخابات رئاسية في الوقت الذي طالب المشروع بتغييره إلى نظام برلماني؟ ألا يعني ذلك عند المشاركة في الانتخابات تجميد مشروع التغيير لمدة سبع سنوات مدة الرئاسة أم أن الآمال معقودة بنجاح محتمل لمرشح الرئاسة المشترك أو واحد من مرشحي أحزاب اللقاء الذي في حين حدوث ذلك سيقوم بتنفيذ مشروع الإصلاح السياسي أو ربما تتجه أحزاب المعارضة إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية المقبلة؟ مهما كانت التصورات والافتراضات فإن المشروع نجح في «عودة الروح» إلى الحياة السياسية وأحيا شعور التفاول بالنسبة للمستقبل.

لن نتناول في هذا المقال مناقشة مضمون مشروع الإصلاح السياسي للقاء المشترك وسنكتفي في حلقتين بالرد جزئياً على الانتقادات التي وجهت للمشروع من قبل شخصيتين قياديتين في الحزب الحاكم هما الدكتور عبدالكريم الارياني والاستاذ عبدالله غانم بهدف «تبصير القراء الكرام والمواطنين عموماً بالمسائل الدستورية والقانونية بمفاهيمها الصحيحة» حسب تعبير عبدالله غانم في مقدمة مقاله المطول بعنوان (قراءة قانونية لمشروع الإصلاح السياسي والوطني المقدم من أحزاب اللقاء المشترك) الذي نشر في صحيفة «الأيام» بتاريخ 8 ديسمبر 2005م وكذا ايضاً بنفس التاريخ في صحيفة الجيش الرسمية «26 سبتمبر». أما انتقادات الدكتور الارياني للمشروع فقد جاءت بتاريخ 5 ديسمبر 2005م في مقابلته الصحفية مع «الميثاق» الناطقة باسم الحزب الحاكم المؤتمر الشعبي العام.

في البداية سنستعرض بعض الملاحظات الشكلية، نتعرض بعدها الى تحديد نوع النظام السياسي القائم حالياً، ثم نحلل مدى صحة قول الأخ عبدالله غانم أن الرئيس صالح هو «الأكثر حرصاً على الحد من صلاحيات رئيس الدولة لمصلحة تعزيز وتكريس النهج الديمقراطي» ومناقشة الأمثلة التي أورها تعزيزا لتأكيده.

أولاً : الملاحظات العابرة
الدكتور الارياني: اعتباره تغيير النظام السياسي القائم إلى برلماني «انقلاب على النظام كله» وفق فهم الدكتور تغيير النظام السياسي المقصود به هو «تغيير الرئيس علي عبدالله صالح» لا حاجة الى الوقوف أمام هذا الاستنتاج الغريب، والمستغرب منه أن يرد على لسان الدكتور ، ما يهمنا عبارته بوصف التغيير «بالانقلاب»، ومفهوم الانقلاب يطلق في العادة على «الانقلاب العسكري» أو عبر وسائل العنف لتغيير الأنظمة السياسية، وهذا لم يرد اطلاقاً في المشروع الذي أكد على طابعه السلمي في إحدات التغيير وعبر الأدوات السياسية الدستورية ونستغرب إطلاق هذا الوصف في تغيير النظام السياسي من نظام إلى آخر، وأكثر دول العالم تشهد مثل هذه التغييرات وتطالب بها كما حدث مؤخراً في مصر من قبل «ائتلاف أحزاب الوفاق الوطني» وجماعة الإخوان المسلمين قبل ذلك في تركيزهم في مجال الإصلاح السياسي على تبني نموذج الجمهورية البرلمانية وهندستها الدستورية التي تفترض التعددية السياسية، لم يتهم أحد مبادرات هذه الأحزاب بأنها انقلاب على النظام لا من قبل النخبة المصرية الحاكمة ولا من قبل صحفها الرسمية. ربما يجهل الدكتور الارياني أن اليمن شهدت انقلاباً دستورياً وانقلابا في نظامها السياسي في عام 1994م، انقلاباً دستورياً وسياسياً من ناحية استبدال دستور الوحدة المستفتى عليه شعبياً في مايو 1991م بدستور جديد من دون استفتاء! ومن ناحية أخرى استبدال السلطة التنفيذية الجماعية (مجلس الرئاسة) إلى السلطة التنفيدية الفردية (الرئيس) والنظام السياسي من نظام برلماني إلى نظام رئاسي برلماني، كما سنشرحه بعد قليل، هذا هو «الانقلاب» الحقيقي.

عبدالله غانم: قوله «إن الحديث عن غياب دولة القانون والمؤسسات يمكن أن يكون مقبولاً اذا كان القصد منه وصف الحالة في اليمن قبل سنوات عدة قبل تحقيق الوحدة اليمنية..»، هذه الفقرة تضع سؤالين: هل فترة حكم الرئيس صالح على رأس ج.ع.ي (1978 - 1990م) يعني اعترافاً من عبدالله غانم بغياب دولة القانون والمؤسسات؟ وفي اطار (ج.ي. د.ش ) برغم توريثها من فترة الاحتلال البريطاني مفاهيم ومؤسسات دولة القانون، هل يمكن أن ينطبق عليها وصفه السابق؟ وكيف كرجل قانون شارك في عدة حكومات بمنصب وزاري في غياب دولة القانون والمؤسسات؟

الاختلاف في تعريف طبيعة النظام السياسي القائم بين الدكتور الارياني، وهو غير قانوني لكنه سياسي مخضرم، والأخ عبدالله غانم (قانوني سياسي)، فالدكتور الارياني بحق وصف النظام الحالي بنظام خليط رئاسي وبرلماني بينما الأخ عبدالله غانم اعتبره نظاماً برلمانياً وهو غير ذلك، وأيضاً ارتكب خطأ فادحاً بتقديمه نماذج أنظمة برلمانية مستشهداً بذلك بفرنسا وبريطانيا، وكأن فرنسا نظامها السياسي برلماني مثل بريطانيا، وهو ليس كذلك. نعم كان لفرنسا نظام برلماني في الجمهوريات السابقة (في أغلبها على الأقل) وأخذت ايضاً بالنظام البرلماني في بداية تأسيس الجمهورية الخامسة من قبل الجنرال ديجول (1958-1962)، لكنها بعد التعديل الدستوري باستفتاء شعبي عام في 28 أكتوبر 1962م، أصبح نظامها خليطاً يجمع بين النظام البرلماني والرئاسي، الذي اختلفت تسميته بين كبار الفقهاء الدستوريين في فرنسا حيث سماه البعض بالنظام البرلماني المطعم بعنصر رئاسي (كوليار) والبعض الآخر اعتبره نظاما نصف رئاسي (ديفرجيه) والأغلبية من الفقهاء أطلقت عليه المسمى الشائع بالنظام الخليط، فهو يجمع خصائص النظام البرلماني من ناحية ثنائية السلطة التنفيذية ومسؤولية الحكومة أمام الجمعية الوطنية (مجلس النواب)، بينما طابعه الرئاسي يتمثل في انتخاب الرئيس المباشر من قبل الشعب مثله مثل الجمعية الوطنية التي لم تعد تحتكر الشرعية الشعبية، فالرئيس الفرنسي قبل التعديل الدستوري كان ينتخب عن طريق هيئة ناخبة، وأصبح بعد التعديل ينتخب مباشرة من قبل الشعب ، اذا لم تكن فرنسا ذات نظام برلماني، فهل النظام اليماني في اليمن نظام برلماني؟ هذا ما سنراه الآن.

ثانياً: النظام السياسي القائم في اليمن هل هو برلماني؟
جاءت إجابة الاخ عبدالله غانم عن هذا التساؤل بـ«نعم» برغم قوله «إن النظام السياسي في الجمهورية اليمنية بموجب أحكام الدستور يحمل من سمات وملامح النظام البرلماني أكثر مما يحمل من سمات وملامح النظام الرئاسي، بل يذهب البعض (حسب قوله دون تحديد من هم؟) الى أنه نظام برلماني أصلا وليس نظاماً فردياً على الإطلاق» فإذا كان الأخ عبدالله غانم أفاض في ذكره للاستدلال بسمات وملامح النظام البرلماني للنظام السياسي القائم في اليمن وفق أحكام الدستور لم يقدم في رده أي أمثلة من سمات وملامح النظام الرئاسي ، وهو ما سنتولى توضيحه مع إظهار فهمه غير الدقيق للنظام البرلماني.

1- الفهم الخاطئ للنظام البرلماني
أهم معايير التمييز بين النظام البرلماني والرئاسي يتمثل في تنظيم اقتراع شعبي مباشر مرة واحدة في النظام البرلماني لانتخاب مجلس النواب، يتحدد في ضوء نتائجه تشكيل مجلس النواب والحكومة في آن واحد، أما في النظام الرئاسي فتجرى الانتخابات بالاقتراع الشعبي المباشر مرتين مرة للانتخابات النيابية ومرة للانتخابات الرئاسية، لهذا الاختلاف بين النظامين انعكاساته على مستوى التداول في السلطة، في النظام البرلماني الانتخاب الواحد يتحدد في ضوئه في آن واحد التداول في السلطة التنفيذية والتشريعية، بينما في النظام الرئاسي لكي يحدث التداول يجب أن تكون النتائج في انتخاب رئيس الجمهورية والسلطة التشريعية لصالح الحزب نفسه، في حين قد يحدث أن تفرز النتائج فوز أحد الأحزاب في الانتخابات الرئاسية، وفوز حزب آخر في انتخاب السلطة التشريعية. بمعنى آخر في النظام البرلماني إذا كان حزب العمال في السلطة في بريطانيا بتنظيم الاقتراع الشعبي المباشر لمرة واحدة إما سيستمر في السلطة؛ في الحكومة والبرلمان اذا حصل على الأغلبية البرلمانية في الانتخابات.............. يقصد بحق الحل إنهاء مدة نيابة المجلس النيابي قبل نهاية المدة القانونية المقررة لنيابته ويعتبر حق الحل من أخطر أنواع رقابة السلطة التنفيذية على البرلمان كسلاح مقابل المسؤولية الوزارية المقررة أمام المجلس النيابي. فإذا عمد المجلس إلى حجب الثقة أو سحبها من الحكومة فإن التهديد بحل المجلس قد يثنيه عن الإقدام على تلك الخطوة مما يسمح لكليهما بإقامة التوازن والتعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية. حق الحل يمتلكه لوحده وفق الدستور (المادة 151) رئيس الجمهورية، والتي قدمها عبدالله غانم ضمن ملامح النظام البرلماني للنظام السياسي اليمني في حين إن أغلب الأنظمة البرلمانية تعطي لرئيس الحكومة حق الحل مباشرة (بريطانيا واليابان) كمثالين، وبعض الأنظمة البرلمانية أعطت شكليا لرئيس الجمهورية حق اتخاذ قرار الحل إلا أنه مرتبط بطلب رئيس الحكومة الذي يقوم بمهر قرار الحل بتوقيعه إلى جانب رئيس الدولة مثال (ايطاليا) وفي ألمانيا يحق لرئيس الدولة الفيدرالية حل (البندستاج) في حالة اذا ما طلب منه المستشار الألماني.

يتضح من هذه الأمثلة أن الأنظمة البرلمانية قصرت حق الحل على رئيس الحكومة وفي حالة أعطت هذا الحق في اتخاذه من قبل رئيس الدولة فهو مقيد بحصوله على طلب الحل من جانب رئيس الحكومة. اذا كان لرئيس الجمهورية في اليمن هذا الحق فهو يدخل ضمن طبيعة النظام السياسي المختلط الذي اختارته اليمن وليس لأن النظام برلماني الذي لا يعطي هذا الحق كما رأينا لرئيس الجمهورية.

تبين من الأمثلة القليلة السابقة التي اخترناها كمادة للتعقيب خطأ مفاهيم عبدالله غانم للنظام البرلماني في تشخصيه لطبيعة النظام السياسي القائم فإذا لم يكن النظام برلمانياً فما هي طبيعته اذن؟ هذا ما سنراه الآن في أسطر قليلة.

2- طبيعة النظام السياسي القائم في اليمن
اذا كانت غالبية الدول النامية واجهت صعوبات جمة باستثناء حالات نادرة في نقل التكنولوجيا المتطورة والمعقدة من الدول الصناعية المتقدمة لتوطينها في بلادهم، فما بال الحال عندما تحاول تلك نقل التكنولوجيا الدستورية والنظريات السياسية التي نشأت خارج بيئتها الثقافية وتاريخها السياسي الموسوم بالاستبداد والديكتاتورية؟ فإنها تواجه صعوبات وتحديدات أكثر تعقيداً من محاولتها توطين التكنولوجيا الصناعية المتقدمة، والغريب في الأمر هنا أن نظريات الاستبداد السياسي والأنظمة الديكتاتورية لم تواجه نفس الصعوبات والتحديات في توطينها محلياً بعكس الأنظمة الديمقراطية. ما يمكن قوله هنا أنه مع قيام الجمهورية اليمنية بخيارها تبني النظام الديمقراطي والتعددية الحزبية والسياسية كان عليها اختيار طبيعة نظامها السياسي.. هل سيكون نظاماً برلمانياً أم رئاسياً، ووقع الاختيار على النظام المختلط الذي يجمع بين النظام الرئاسي والنظام البرلماني، لكن السؤال بقي مفتوحاً حول نموذج النظام المختلط ولأن غالبية النخب متأثرة بنموذج الحكم في مصر كما حدث في ج.ع.ي مع بداية قيام الجمهورية، وفي ج.ي.د.ش أخذت بالنموذج السوفيتي ولدول أوروبا الشرقية، لهذا عادت النخب إلى تجربة نموذج مصر في النظام المختلط الذي تأسس في دستور 1971م في عهد الرئيس السادات والذي بدوره استوحته النخب المصرية من تجربة الجمهورية الخامسة في فرنسا في عهد الجنرال ديجول. بعكس ما هو شائع فرنسا ليست الدولة الأولى التي ابتكرت النظامالمختلط فقد سبقتها قبل أكثر من نصف قرن دولة فنلندا، وهو مطبق حالياً في كل من النمسا، ايرلندا، البرتغال، وروسيا الاتحادية (منذ عام 1993م) وبعض دول أوروبا الشرقية، يجمع النظام بين خصائص وسمات النظام البرلماني والرئاسي. فعلى مستوى النظام البرلماني يتمثل ذلك في ثنائية السلطة التنفيذية بوجود رئيس الجمهورية ( أو رئيس الدولة) وبجانبه رئيس الحكومة (رئيس الوزراء) ومجلس الوزراء كهيئة جماعية مسؤولة بالتضامن أمام مجلس النواب المنتخب من قبل الشعب. وعلى مستوى النظام الرئاسي استوحى النظام المختلط انتخاب رئيس الجمهورية مباشرة من قبل الشعب مثل النظام الرئاسي، وبذلك لم يعد مجلس النواب يحتكر كما هو في النظام البرلماني الإرادة الوطنية والشرعية الديمقراطية منذ انتخاب رئيس الجمهورية مباشرة عبر الاقتراع العام في انتخابات الرئاسة لعام 1999م. بالاضافة إلى الشرعية الشعبية التي امتلكها الرئيس في تلك الانتخابات انتقلت إليه كفرد جميع الصلاحيات الواسعة التي كان يحظى بموجبها مجلس الرئاسة وصلاحياته المحدودة كرئيس لمجلس الرئاسة وفق دستور الوحدة الذي بتعديلاته المختلفة في عام 1994م و2001م أضافت إليه صلاحيات جديدة لم يكن يتمتع بها مجلس الرئاسة ورئيسها حتى عام 1994م.

ثالثاً: قوة رئيس الدولة وصلاحياته الواسعة في النظام السياسي اليمني
1) مكامن القوة تتمثل في أمرين أساسيين: يتمثل الأول في الآتي: انتقال طبيعة السلطة التنفيذية الجماعية إلى السلطة التنفيذية الفردية فطبيعة الحكم الجماعي من خلال الهيئة الجماعية في قمة السلطة التنفيذية كانت السمة المشتركة التي تجمع نظامي الحكم في ج.ع.ي/ج.ي. د.ش، تحت مسميات مختلفة مثل مجلس قيادة الثورة/ مجلس القيادة/ المجلس الجمهوري/ ومجلس رئاسة الجمهورية فيما يخص ج.ع.ي، أما في اطار ج.ي.د.ش. فقد جاء الشكل الجماعي لهيئاتها من خلال رئاسة مجلس الشعب الأعلى ثم هيئة رئاسة مجلس الشعب الأعلى، ومع بداية قيام دولة الوحدة مجلس الرئاسة مثل أحد أشكال الحكم الجماعي بحكم تمثيل ممثلين عن الدولتين اللتين توحدتا في دولة واحدة، هذا على مستوى هيئات الحكم الجماعية نظراً لاعتقادهم الوهمي من الناحية النظرية بأنها تعد ضماناً ضد استبداد الفرد وتفرده بالسلطة.

والأمر الثاني يتمثل في اختيار صيغة الانتخاب الشعبي المباشر، فحتى تعديلات الدستور في عام 1994م كان جميع الأعضاء الخمسة لمجلس الرئاسة يتم انتخابهم عبر مجلس النواب الذي كان الوحيد يمتلك السيادة الشعبية في انتخاب أعضائه من قبل المواطنين مباشرة وبعد انتخابهم يقومون بدورهم بانتخاب أعضاء مجلس الرئاسة. ومع أن تعديلات الدستور لعام 2004م أقرت مبدئين: تحديد فترة ولاية الرئيس بمرتين وانتخابه عبر الاقتراع العام المباشر من قبل الشعب لمدة ولاية 5 سنوات، فقد أدت ظروف الحرب الأهلية لصيف عام 1994م إلى عدم الأخذ بالاقتراع المباشر واستبداله بالانتخاب بواسطة مجلس النواب ولم ينتخب مباشرة إلا في سبتمبر 1999م وهذا التاريخ يمثل نقطة تحول حاسمة. فلأول مرة لا يحكم الرئيس من خلال هيئة جماعية، ولأول مرة ينتخب رئيس يمني مباشرة من جانب الشعب، وفي تقوية مركزه واعتبار نفسه أنه أعلى مرتبة من البرلمان لأن البرلمان ينتخب أعضاؤه على مستوى فردي وفي اطار دوائر انتخابية بعدد أعضاء مجلس النواب في حين انتخاب الرئيس يتم في دائرة واحدة تمثل الوطن كله مما يعطي الشعور لمن يحتل هذا المنصب أنه بات في قمة السلطة وبمشروعية شعبية أعلى مرتبة من مجلس النواب.

2) هيمنة الرئيس على النظامين الدستوري والسياسي معاً بشكل منفرد دون مشاركة ومنازع كما يتبين من الصلاحيات الواسعة التي خولها له دستور الوحدة والتعديلات الدستورية اللاحقة. حدد دستور الوحدة اختصاصات مجلس الرئاسة كهيئة جماعية خمس مواد من المادة (94) التي تتضمن 18 اختصاصا حتى المادة (97) من الدستور، بينما حصر اختصاصات رئيس مجلس الرئاسة وهو الرئيس الحالي 3 مواد فقط من المادة (98) حتى المادة (100) وكلها ذات طابع تمثيلي للدولة وإجرائي . بعد إقرار تعديلات الدستور في 1994م تحولت كتلة اختصاصات مجلس الرئاسة إلى الرئيس الفرد نشير إلى أهمها: دعوة الناخبين إلى انتخاب مجلس النواب، الدعوة إلى الاستفتاء العام، تكليف من يشكل الحكومة، يضع بالاشتراك مع الحكومة السياسة العامة للدولة، إصدار وإقرار المصادقة على المعاهدات والاتفاقيات والمصادقة على الاتفاقية التي لا تحتاج إلى تصديق مجلس النواب عليها، إعلان حالة الطوارئ والتعبئة العامة، حق طلب التعديل للدستور وتقديمه إلى مجلس النواب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى