وداعاً 2005م مرحباً 2006م.. فلسفة الزمن ومعادلته

> د. عبده يحيى الدباني:

>
د. عبده يحيى الدباني
د. عبده يحيى الدباني
يجدر بنا ونحن نودع عاما ونستقبل عاماً جديداً أن نتوقف أمام قضية الزمن,فما أكثر الذين تجدهم اليوم ماضين من أجل أن يقتلوا الوقت لا بل تجدهم يصرحون مع سبق الإصرار والترصد بجريمة القتل هذه، وتراهم يتساهلون في ارتكابها على شناعتها وخطورتها.

نعم إنهم يقتلون أوقاتهم، وهي أغنى ما لديهم وكأنهم يقتلون أنفسهم، لأن الإنسان ليس إلا عدداً من الأيام فإذا مضى منها يوم يكون المرء قد فقد بعضه، والوقت لا شك ذاهب ولا أحد يستطيع أن يسجنه أو يوقفه ولكن أن يمضي الإنسان نفسه للقضاء على نفسه من خلال قتل وقته فهذا هو الخسران المبين.

جاء في الحديث الشريف «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ» والغبن لا يكون عادة إلا في التجارة، وخسارة الوقت هي أكبر الخسائر فداحة وهي لا تعوض إطلاقاً، أما اليوم فقد كثرت الوسائل والأسلحة التي يقتل بها الإنسان وقته وقد صدرها إلينا من يريدنا أن نقتل أنفسنا من خلال قتل أوقاتنا، فما نحن إلا أوقاتنا كما تقدم، فأنت واجد اليوم شبابنا يقضون الأوقات الطويلة في حلقات الشوارع لا في حلقات المساجد يلغون ويحشون ويثرثرون وللأسف الشديد حتى أوقات الدراسة فإن الكثير منها تذهب هدراً نظراً لعدم استثمارها استثماراً جيداً، وكأن الدراسة بمختلف مستوياتها تسعى إلى أن تكون قتلاً للوقت أو إسقاطاً لواجب ممل، حتى تلك الأوقات المحسوبة على العمل والواجب والدرس نجد من يلتف عليها ويعمل على قتلها وكان الصحيح هو أن أوقات الراحة أو الإجازة نفسها ينبغي أن تسخر لما فيه المتعة المشروعة والمنفعة التي تعين على العمل والواجب.

إنما الوقت نعمة مهداة وأوقاتنا أعمارنا بل سنسأل عنها كما سنسأل عن أي نعمة أخرى كما ذكر ذلك رسول الله [ . ووقت المسلم ضيق لا مجال فيه للهو واللغو والتضييع والعبث فأمامه تنتصب واجبات كثيرة دينية واجتماعية واقتصادية، إنه بحاجة إلى الحسنة الواحدة في الميزان يوم القيامة فالوقت إما أن يكون لك وإما يكون عليك، وصدقت العرب حين قالت إن الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك، والانسان صاحب رسالة بحاجة إلى همة للنهوض بها على أكمل وجه. إن فلسفة الزمن من أعمق الفلسفات وكثيرون هم الذين لم يدركوها حق الإدراك، فالحاضر هو مركز الزمن بحيث ينبغي أن يملأ بخير الأعمال فهذا الحاضر سيصير ماضياً فيما بعد، ثم إنه في الماضي كان هذا الحاضر مستقبلاً، فمن يملك الحاضر فقد فاز بالزمن كله ولكنا واجدون من لا يعيش في الحاضر بل يعيش في ماضيه، وهناك من يعيش في مستقبله ويضيعون جوهر الزمن الحقيقي ألا وهو الحاضر.

فعلى المرء السوي أن يركز اهتمامه بزمنه الحاضر ويملأه بالعمل مع الانتفاع بتجارب الماضي والتوق إلى المستقبل، فإن من خسر الحاضر فقد خسر العمر كله، فما فائدة أن يعيش الإنسان في ماضيه أو أن يركن إلى المستقبل ركون غير المبالي أو الاتكالي؟ فما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا وكل عام والجميع بخير

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى