اليمنية.. والحجّ إلى صنعاء!

> عامر علي سلام:

>
عامر علي سلام
عامر علي سلام
ربما - عزيزي القارئ - تستغرب من عنوان هذه المقالة وتتساءل باستغراب.. كيف أصبح الحج إلى صنعاء، علامة مميزة لإحدى شركات طيراننا اليمني- الوحيدة دون منافسة - وهي اليمنية؟!! ولكنك لو كنت مسافراً على خطها الدولي ومسار رحلاتها من عدن إلى مومباي (الهند) والعودة، لأيقنت أن هناك (حجاً جديداً) تفرضه اليمنية عليك ذهاباًَ إلى صنعاء أثناء عودتك من رحلة العلاج أو الزيارة أو الدراسة، لتمكث في مطار صنعاء لمدة (8 ساعات) - دوام رسمي كامل - من الساعة التاسعة صباحاً (بعد قدوم رحلتك من مومباي) حتى الخامسة عصرا!!

وبعيداً عما يشهده هذا المجال الحيوي - النقل الجوي- من معدل متسارع من التغير الذي اصبح علامة بارزة تميزه عاماًَ بعد آخر، في ظل متغيرات متلاحقة جعلت عملية السفر تتجاوز مجرد خدمة توفير مقعد على متن الطائرة تنقل المسافر من مكان إلى آخر حول العالم، كنت أعتقد أن اليمنية اصبحت متميزة الأداء كشركة وطنية رائدة تحمل اسم اليمن وتعزز باستمرار وبنجاح مكانتها وسمعتها عربياً وعالمياً، وتحافظ على سمعتها حتى على المستوى المحلي لرحلاتها!

ولكنني للأسف.. لم أتصور أن المعاناة في السفر جواً، يمكن أن تجعل منك مسافراً بالإكراه، وقد قطعت تذكرة السفر على مسار معين ومحدد ليتغير بإرادة القائمين كيفما شاؤوا وبمعاملات أقل ما تكون تهذيباً أو ذات كياسة في التعامل تحترم الزبون أو العميل معها والمسافر على متنها وعبر خطوطها وتلبي رغباته وتراعي ظروفه دون استخفاف بالوقت، والالتزام به.. والإجبار على قبول (الحج إلى صنعاء) وبعد ذلك.. أنت في اليمن!!

وهنا.. أجعل من كتابتي هذه رسالة مفتوحة إلى الكابتن عبدالخالق صالح القاضي، رئيس مجلس إدارة الخطوط الجوية اليمنية، الذي ما إن قراءت افتتاحية مجلة «اليمنية» على طائرتها بعنوان (وطنية الاهداف .. عالمية الأداء!!) العدد السابع عشر أكتوبر/ديسمبر 2005م، والمذيلة باسمه الكريم وصورته المبتسمة.. حتى تفاءلت خيراً.. وانتشيت فخراً بأن لنا طيراناً يمنياً ووطنياً متميز الأداء.. عالمياً!

وليتصور معي بشخصه الكريم، كيف إن كان مسافراً على رحلة اليمنية بتذكرة سفر (عدن - مومباي(الهند) - عدن)، ومعاناة العودة لمن ذهب للعلاج، حين يذهب إلى مكتب اليمنية في مومباي للحجز فيجد كل الرحلات فقط إلى صنعاء مباشرة!!، وقد ألغيت الرحلة الأسبوعية الوحيدة إلى عدن!، فيضطر إلى السفر إلى صنعاء مع الحجاج القادمين من الهند عبرها إلى جدة، وتمر الطائرة فوق سماء عدن.. ولديها وعلى متنها أكثر من ستة وعشرين راكباً.. يمكنها إنزالهم (لمدة نصف ساعة أو 45 دقيقة) في مطار عدن ومواصلة رحلتها إلى صنعاء، حفاظاً على راحة المسافرين وعلى حجزهم المسبق على هذا الخط الدولي..! ولكن بإرادة القائمين عليها - بدءاً من (الخطوط وتحديد المسار حتى مندوب اليمنية في الهند) - تجد الكذب والاحتيال سمة ظاهرة عليهم.. قائلين إنك ستجد بأقل من ساعة أو ساعتين رحلة أخرى من صنعاء إلى عدن)!! لتمكث في مطار صنعاء ثمان ساعات تتعرض خلالها أنت وأمتعتك للعذاب والتفتيش والإجراءات الجمركية منذ أن تصل المطار حتى وقت الترحيل.

ثم تعود ثانية لوزن أمتعتك وتفتيشها وإجراءات تعسفية وكأنك لا تحمل تذكرة سفر، أو لا قيمة للتذكرة إن كانت إلى عدن أو حتى كلكتا!!

سيدي.. ماذا لو كنت مريضاً قادماً من مومباي، لا تقدر على تحمل السفر، لتتحمل معاناة النزول في مطار صنعاء.. أنت وأغراضك.. وتنتظر من يلتفت إليك.. فلا تجد..!! ليجبرك عسكر المطار على التفتيش.. ويتحججون أن بقاءك هنا ليس مسؤوليتهم .. وتنتظر لمدة ثمان ساعات في صالة الترانزيت!! لتشاهد مريضاً يتعذب وقد فارق النوم رأسه لأكثر من سبع عشرة ساعة، وقد تفشى المرض على وجهه.. وأرهقه التعب من معاناة السفر والانتظار عبر طيران الخطوط اليمنية، وآخر وقد تصلب عموده الفقري وربما زاد ألمه كما لو أن عملياته الجراحية لازالت في يومها الأول.. وطفلة تبكي من ألم الوجع وسوء المضجع.. ليزداد أهلها عليها ألماً في انتظار عودتهم إلى مساكنهم في عدن..! لتكتشف في الأخير أن هذا هو حال المسافرين المرضى وغيرهم من مومباي إلى عدن لأكثر من ثلاثة أشهر مضت من رحلتنا الأخيرة في تاريخ 22/12/2005م (الأربعاء صباحاً).

وقد تقبل عذراً.. وتدعي بأن تكلفة الوقود والطيران لا تقدر أن تتحملها الشركة.. كما قال لي مندوب اليمنية في مطار (مومباي) خصوصاً إن قل عدد المسافرين عن (سبعين راكباً).. أي أنه في حالة وجود أكثر من سبعين راكباً إلى عدن سوف تمر الطائرة إلى عدن مباشرة (في رحلة لا تتجاوز ثلاث ساعات ونصف) - وتصوروا فارق الساعات وإن كان عددهم أقل .. فعليهم تحمل (أربع ساعات جواً) إلى صنعاء (وثمان ساعات انتظاراً) في مطار صنعاء .. في منطق لا يحترم المسافر.. ولا يقدر تكلفة التذكرة التي معه.. ولا حتى مسار الخط الذي عليها.. والحجز فيها، طالما يعتقد بأنه الطيران الوحيد في اليمن اليمنية!!، وهنا نتساءل متى نجد خطوطاً لشركات أخرى ترحمنا من عبث الهيمنة والفرض والإكراه، وقبول منطق (مابيش حجز إلى عدن)! علماً أن كل طيران العالم يحترم الحجز الذي يدونه على نفسه.. ولا يلقي بالاً بعدد المسافرين على رحلته، لأن الطيران والسفر جواً أولاً وأخيراً سمعة وكسب ثقة.

ومشهد واحد استفز مشاعري العقائدية.. وما تبقى منها من مشاعر وطنية وأنا المسافر ومن معي لمدة تجاوزت مع الانتظار (من الواحدة ليلاً في مطار مومباي (مساء الثلاثاء) حتى الخامسة عصراً (ليوم الاربعاء الموافق 22/12/2005م (أي سبع عشرة ساعة) يمكن بها أن يسافر المسافر جواً حول العالم.. وأنا أشاهد الحجيج الذاهبين من الهند إلى صنعاء (في صالة الترانزيت) وقد لبسوا ملابس الاحرام ليتجهوا بعد نصف ساعة فقط إلى جدة!، فقلت في نفسي فقط سبحان الله! لكم التوفيق والحج إلى البقاع المقدسة.. إلى مكة المكرمة.

ولنا الحج إلى صنعاء! فربما لا زال أبرهة الأشرم مصراً على أن يجعل من كنيسته (القليص) في صنعاء.. مكاناً أخر للحجاج في صنعاء..

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى