رجال في ذاكرة التاريخ

> نجيب محمد يابلي:

>
الشيخ محمد عبدالرب جابر
الشيخ محمد عبدالرب جابر
1- الشيخ محمد عبدالرب جابر: أنار طريق العلم فأنار الله طريقه ومنحه الطمأنينة..في ربوع يافع..أرض يافع رحبة وتتوزع بين السهول والمرتفعات وتنقسم إلى: 1- يافع السفلى (أو يافع بني قاصد),2- يافع العليا,المترجم له الأستاذ أو الشيخ محمد عبدالرب جابر اليافعي ينتمي إلى يافع العليا وقبائلها:

1- اهل الشيخ علي، 2- أهل الحد، 3- أهل وادي الحمراء، 4- الموسطة، 5- الضبي، 6- البعسي، 7- الحضرمي.

لما كان الأستاذ جابر من مواليد عام 1933م في قرية الهجر، فقد وردت (الهجر) مرتين في جغرافية يافع، مرة في مكتب (قبيلة) الموسطة (أهل النقيب)، وينقسم المكتب إلى أربعة أرباع ويتكون من الخلاقي والعلسي والريوي والقعيطي. بحسب التفاصيل الواردة في كتاب (تاريخ القبائل اليمنية) لمؤلفه حمزة علي لقمان (ص 206) أن قرية الهجر ضمن قرى أخرى تقع ضمن فرع «محمدي» أحد فرعي القعيطي.

اما المرة الثانية فقد ورد أن مكتب (قبيلة) البعسي يتكون من الحوري والسيلي، ويدخل (الحوري) في عدة تفريعات منها(أهل الهجر).

النشأة

نشأ الشيخ محمد عبدالرب جابر يتيماً بفقدانه والده عندما كان في الثانية من عمره، فشمله عمه غالب بن جابر برعايته، وتلقى دروسه الأولى على أيدي مشايخ المنطقة منهم الشيخ علي القيفي والشيخ سالم بن محمد الوالي (المتوفى عام 1383هـ) وهما من خريجي رباط تريم بحضرموت والشيخ أحمد بن شملان، رحمة الله عليهم جميعا.

إلى عدن وهو في ربيعة السابع

انتقل محمد عبدالرب جابر من قريته (الهجر) إلى مدينة عدن عام 1940م وهو في عامه السابع، والتحق طالباً بمدرسة الفلاح (تأسست عام 1930م) وأمضى فيها عاماً كاملاً، والتحق بعد ذلك بمدرسة بازرعة الخيرية الإسلامية (تأسست عام 1912م) وأكمل مراحل تعليمه الثلاث: الابتدائية والمتوسطة والثانوية.

الشيخ محمد عبدالرب رفيق العلماء

يؤكد أهل الذكر أن من لا يأخذ عن شيخ ويكتفي باجتهاده الذاتي فإنه كمن يحطب في الليل، ولذلك نأى محمد عبدالرب جابر بنفسه عن ذلك الطريق، فحرص على نسج علاقة وثيقة بعلماء أجلاء منهم الشيخ علي بن محمد صالح باحميش، رحمه الله، قاضي عدن الشرعي، أحد الذين تعاقبوا على ادارة مدرسة بازرعة الخيرية الإسلامية، وعمل الشيخ محمد عبدالرب جابر مع شيخه باحميش في صحيفة «الذكرى» كما ارتبط الشيخ محمد بالعلامة مطهر بن مهدي الغرباني، رحمه الله، أحد الأجلاء من التربويين في مدرسة بازرعة وتلقى منه الشيخ محمد دروسه في المدرسة والمسجد والبيت.

من الكوكبة الساطعة التي أنارت الطريق للشيخ محمد كان الراحل الكبير محمد سعيد الصائغ، رحمه الله، الذي عمل مدرساً أيضاً في مدرسة بازرعة ثم خطيباً لجامع العسقلاني وتولى بعد ذلك الإمامة والخطابة بمسجد الضياء، وكلا المسجدين بمدينة كريتر العريقة.

الشيخ محمد يحقق تراكماً معرفياً

حقق الشيخ محمد عبدالرب جابر تراكماً معرفياً بتعدد المصادر التي نهل منها العلم ومنهم الشيخ محمد بن سالم بن حسين الكدادي البيحاني، رحمه الله، والطيب الذكر الأستاذ والشيخ كامل عبدالله صلاح، رحمه الله، الذي أجاز الشيخ محمد عبدالرب بمروياته وأبرزها (صحيح الأمام البخاري) رضوان الله عليه.

تعرف الشيخ محمد أثناء تلقي دروسه على يدي الشيخ محمد سالم البيحاني على ثلة مباركة من الدعاة والعلماء الأفاضل أمثال الشيخ محمد صالح السودي والعلامة سالم بن عبدالله الشاطري والشيخ صالح بن حسين المسيبلي والمفكر والداعية الإسلامي أبوبكر العدني بن علي المشهور، والشيخ عبدالرحمن هائل غالب الشميري وغيرهم.

الشيخ محمد عبدالرب في رحاب مكة المكرمة

شد الشيخ محمد عبدالرب جابر الرحال إلى الأراضي المقدسة عام 1372هـ (حوالي 1952م) واستقر به المقام في مكة المكرمة لطلب العلم والمعيشة وعمل مدرساً بمدرسة الفلاح بمكة المكرمة قرابة ثماني سنوات، كما نهل العلم الشريف في المسجد الحرام، متنقلاً بين حلقاتها منها حلقة الإمام الذائع الصيت السيد علوي بن عباس المالكي، رحمه الله، وحلقة الإمام العطر الصيت محمد العربي التباني، رحمه الله، وحلقات أخرى، يكن الشيخ محمد لأساتذتها وطلابها كل حب وتقدير.

عودة الشيخ محمد جابر والعود أحمد

بعد أعوام عشرة قضاها الشيخ محمد عبدالرب جابر بين حجرات الدراسة في مدرسة الفلاح معلماً وحلقات الحرم المكي، طالباً، عزم الأستاذ الشيخ محمد على حزم أمتعته والعودة إلى عدن عام 1381هـ (حوالي 1961م) ونشر الحلقات العلمية في مساجد كريتر وخورمكسر والمعلا والتواهي والمنصورة والشيخ عثمان، وجاد بوقته، حيناً في المحاضرات والدروس وحيناً آخر في الموعظة والإرشاد، كان خلالها داعياً إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة.

التحق الشيخ محمد عبدالرب جابر بالمعهد العلمي الإسلامي (حالياً ثانوية البيحاني النموذجية للبنين بكريتر) وعمل فيه مدرساً خلال الفترة (1382هـ - 1388م) حوالي (1962-1970م) كما عين مديراً لمعهد الضياء العلمي بحي العيدروس، والذي تأسس عام 1380هـ (الموافق 1960م) ودامت ادارته للمعهد عدة أشهر.

الشيخ الجليل في مواجهة المحن

انتقل الشيخ الجليل محمد عبدالرب جابر إلى الخدمة الحكومية بعد أن آلت المدارس الخاصة إلى الحكومة حيث قام الشيخ محمد بتدريس التربية الإسلامية واللغة العربية أدباً ونحواً وصرفاً، ورابط في محراب العلم حتى عام 1410هـ (الموافق 1990م) عندما أقعده الشلل النصفي، وطوى الشيخ محمد بذلك قرابة أربعين عاماً تخرج خلالها على يديه أعداد كبيرة من الطلاب، ومنهم من يشار اليهم اليوم بالبنان.

خلال مشوار رسالته العليمة واجه الشيخ محمد عبدالرب جابر محناً ما أنزل الله بها من سلطان، حيث تعرض منزله لمداهمات وتعرض شخصياً للاعتقال ثلاث مرات، حيث قضى فترات سجن تعسفي بلغت في اجمالها ست سنوات كانت فاتحتها عام 1971م وكان في كل مرة يخرج من سجنه القسري أكثر ثباتاً وتمسكاً بالحق، الذي لا يحيد عنه ولا يميل ولسان حاله يقول:

وكنت ربيب السجن ست سنوات *** وها أنذا في ساحة الخلد أولد

وعداتي وصحبي لا خلاف عليهم *** سيعهدني كلٌّ كما كان يعهد

كان المؤمن الصابر الشيخ جابر في سجنه محوقلاً وهو يرى علماء أجلاء يشاطرونه ضنك العيش في السجن، وكان منهم الشيخ عمر سالم طرموم والشيخ ناصر محمد الشيباني وعبدالكريم الشيباني والعلامة سالم الشاطري والشيخ عوض جابر وآخرون . ويقول الشيخ محمد: «وعندما نتحدث عن تلك الفترة، ما هي إلا من باب التذكرة للتبصير وتذكير الأجيال بما لاقاه أصحاب المبادئ، المتمسكون بالحق وليست من باب التشهير أو الشهرة وعفا الله عن الجميع».

الشيخ محمد عبدالرب ونعمة الطمأنينة

بعد تقاعده عن الخدمة عام 1414هـ (الموافق 1994م) أصبح الشيخ جابر في جل أوقاته بين المسجد والبيت، في خدمة الناس ومساعدتهم ويتردد بين حين وآخر على عدد من طلاب العلم. ينعم الشيخ محمد عبدالرب بسكينة وطمأنينة وتلكم هي حياة المؤمنين الذين أحبهم الله وأكرمهم بزوجات طيبات { الطيبون للطيبات والطيبات للطيبين} فقد تزوج الشيخ محمد من المرأة الصالحة، ابنة عمه غالب بن جابر وكان يوم اقترانه بها في يوم الاحد 8 ربيع الثاني 1374هـ (الموافق 1954م) وأنجبت منه ذرية مباركة: ستاً من الإناث وستة من الذكور هم: 1- عبدالرحمن، 2- خالد، 3- عبدالحكيم، 4- صلاح، 5- ياسر، 6- سامح.

أخيراً، أسجل شكري وتقديري للأخ الفاضل عبدالقادر بن عبدالله المحضار الذي يسّر لي مهمة الكتابه عن الشيخ الجليل محمد عبدالرب جابر.

فضل صالح عوض الطيار
فضل صالح عوض الطيار
2- فضل صالح عوض الطيار: نصر الثورة وهو في عنفوان قوته فخذلته وهو في شيخوخته

الولادة والنشأة

المناضل الوطني فضل صالح عوض سالم الطيار من مواليد عام 1920م في ناحية الرجاع من الصبيحة، وورد في كتاب (هذا الجنوب، أرضنا الطيبة) ص 22، للراحل الكبير عبدالرحمن جرجرة أن سلطنة لحج تنقسم إلى خمس مناطق: 1- منطقة الحوطة، 2- منطقة طور الباحة، 3- منطقة الشط، 4- منطقة العارة، 5- منطقة كرش.

جاء في تفصيل منطقة طور الباحة أنها تشمل: مركز طور الباحة والرجاع والفرشة والمشاريج وشعب وشوار، ومن القبائل التي تسكن هذه المنطقة: الأجرية والوحشة والمناصرة والرجيعة والزيدين والشعابية وجزء من المخاديم والدبينة.

نشأ المناضل فضل صالح الطيار في الرجاع ودرس القرآن في كتاب قرية الرجاع، ولشظف العيش الذي كابدته أسرته عمل مزارعاً، وتحت وطأة الفقر هجر الزراعة وراح يبحث عن مصدر دائم للرزق فوجد ضالته في الحرس الحكومي (الذي عرف بجيش شبر تيمناً باسم قائده البريطانيsheperd حيث عمل في سلك الحرس من عام 1958م وحتى عام 1967م وكان من زملائه محمد حسن علي الردفاني وأحمد سيف حسن وفضل صائل.

الطيار في شراكة المصير مع الشيخ المناضل عزب محمد فضل

كان المناضل فضل صالح الطيار من الرعيل الأول الذي استجاب لنداء الثورة وارتبط بثورة 14 أكتوبر منذ قيامها عام 1963م، وكان معروفاً لدى كافة قيادات العمل الوطني، وارتبط تنظيمياً في بداية التحاقه بالعمل الوطني بعدد من المناضلين منهم: عوض محمد جعفر وسيف محمد فضل عزيبي وعزب محمد فضل عزيبي وعلي جاحص وفارس سالم العقربي وعايش عوض سعيد.

كما جمعته روابط نضالية مع عناصر قيادية منهم عبدالفتاح اسماعيل وفضل محسن عبدالله وناصر عمر فرتوت وغيرهم في عملية الكفاح المسلح الذي بدأته الجبهة القومية بدعم مادي ومعنوي من مصر عبدالناصر، أثناء الوجود المصري في المحافظات الشمالية (الجمهورية العربية اليمنية).

أعلن عن اندماج الجبهة القومية مع منظمة التحرير في 13 يناير 1966م في إطار جديد تحت مسمى جبهة التحرير إلا أن الجهاز العربي (المخابرات المصرية في ج.ع.ي) أنشأ 12 فرقة مسلحة من مناضلين جنوبيين بعد دورات تدريبية عسكرية في كل من تعز والقاهرة وربطت تلك الفرق في إطار (التنظيم الشعبي للقوى الثورية) وكان ذلك في سبتمبر 1966م.

كان المناضل الوطني الشيخ عزب محمد فضل قائداً لفرقة (فتح) إحدى فرق التنظيم الشعبي، وكان المناضل فضل صالح الطيار المسؤول الثاني عن الفرقة (فتح)، ومن ضمن مهامه نقل الأسلحة من الصبيحة الى الوهط ويتولى نقلها بعد ذلك الى لحج وعدن. خاض المناضل فضل الطيار مخاطر نقل الأسلحة وحمل روحه على راح كفه، ناهيكم عن اشتغاله في القطاع الفدائي، نائباً للمناضل الوطني الكبير الشيخ عزب محمد فضل.

من اليمين الشيخ محمد علي ننو ،الشيخ محمد جابر عبدالرب، الشيخ مطهر الغرباني، الشيخ كامل عبدالله صلاح .. التقطت لهم هذه الصورة بمناسبة عيد الفطر المبارك بعد الاستقلال مباشرة في زيارة للرئيس الأسبق قحطان الشعبي
من اليمين الشيخ محمد علي ننو ،الشيخ محمد جابر عبدالرب، الشيخ مطهر الغرباني، الشيخ كامل عبدالله صلاح .. التقطت لهم هذه الصورة بمناسبة عيد الفطر المبارك بعد الاستقلال مباشرة في زيارة للرئيس الأسبق قحطان الشعبي
المناضل الطيار مسكون بحب الوهط

رغم تقدمه في الشيخوخة وما يصاحبها من مصاعب ومتاعب فإن المناضل فضل الطيار الذي يبلغ سنه حاليا 85 عاماً لا يزال مسكوناً بحب الوهط أرض السادة آل السقاف الكرام، لأنه ارتبط بعلاقات نضالية وثيقة بالعديد من رموزها منهم عبدالله أحمد حسن (ابو عبدالسلام) والسيد محسن محمد زين السقاف (والد د. هشام السقاف) وكان المناضلون من ابناء الوهط ينسقون ويذللون عملية نقل الأسلحة.

وتفيض ذكريات المناضل فضل الطيار عن الوهط وأبنائها الأشاوس من المناضلين الشرفاء «ومآثرهم البطولية جمة ولا يستطيع أحد أن يفيهم حقهم من خلال ما قدموه من تضحيات جسام من أجل تحرير الوطن».

المناضل الطيار والحصاد المرّ

كان المناضل الوطني فضل صالح الطيار ضمن موجة النازحين من الوطن بعد نيل استقلاله في 30 نوفمبر 1967م الى المحافظات الشمالية، مثلما حملوا ارواحهم على أكفهم في الجنوب حملوها ايضاً في الشمال دفاعاً عن صنعاء في حصار السبعين يوماً، ورابط هناك في ظل ظروف بالغة القسوة والعمر يتقدم به والمرض يغزوه والروماتيزم يداهمه، وظل على ذلك الحال حتى قيام دولة الوحدة.

عاد المناضل الوطني فضل الطيار الى مسقط رأسه حاملاً أوجاعه وهمومه وأصبح فاقد السمع وساخطاً على الواقع الذي عاشه ويعيشه، وربما كانت أوضاعه قبل النضال افضل حالاً مما هي عليه بعد الثورة والوحدة.

المناضل الوطني فضل صالح الطيار متزوج وله 5 بنات و4 اأولاد هم: 1- عبدالله، 2- احـمد، 3- خـالد، 4- صديـق.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى