المكلا ..عودة جونسون

> علي سالم اليزيدي:

>
علي سالم اليزيدي
علي سالم اليزيدي
نهارات شتوية مشمسة بديعة تسيطر على المكلا بعد غيوم، ثم ظهرت الشمس وبعض الدفء مع دخول نجم (الهقصة) وهو من نجوم الشتاء وما قبل الربيع الذي يعتبر في الساحل الصفري من بداية يناير، وفيه يجيء الدفء وتزهر أشجار العلوب أو السدر، ويكثر العسل حيث يحتاح النحل لهذه العلوب في أسراب ويفرح النحالون ايضاً، وحينما تنعكس أشعة النهار المشمس في بحر المكلا فإن البحر لا يرتد مباشرة بل يتمدد، وهذا من بدائع المكلا مدينة البحر العربي التي يحيط بها الماء، ويتصل من خلف حيث يختبئ القمر الى حوض سيف الشرج ثم القالدة وصخورها المعالم، وبعدئذ بحر المشراف وسيف حميد، وكان البحر يلطم البيوت في الحارة وحي السلام، وعندما يأتي الربيع خلال أيام وتشاهد الصيادين فوق رأس المكلا وهم من الفجر يصطادون الأسماك المعتادة في مثل هذا الموسم والأسماك القشرية السمينة الصغيرة اللذيذة التي يقول عنها أهالي وسكان المكلا القدامى ونتداولها: أسماك القرش والرأس.

وتتنوع هذه المواسم.. المكلا تتسم بميزات لطيفة، فالمتابع مثلاً لظهور الأسماك في بحر المكلا يجد أنواعا تظهر وأخرى تغيب لتعود بعد عام في وقتها، هذه الأيام ذهبت العيدة وجاء موسم الجذب والبوغة والطهمة واللخم الطري ونقول له دقاس، وهناك تسميات لأنواع مثل الروابع وهو سمك لذيذ وغال ومرتبته بعد الديرك الطرناك، ويسير في أسراب من خلف ورأس بروم والمقطوعة وفي حصيحصة، ومن أبرز هواة صيد الروابع الفنان الغنائي كرامة مرسال والأستاذ عبداللاه هاشم وآخرون، وهو يؤكل بطعم البقار أو الباحيشي، ويقول له أخوتنا في عدن الحيشي ونحن فعلنا له باء حضرمية، وأما ما سأحدثكم عنه فهو عودة جونسون الى المكلا هذا العام وبكثافة ملحوظة أثارت ارتياح العشاق.

وجونسون هو سمك أنيق وأحمر ويشبه سمكة بانهار والبابوصى ولا يباع رخيصاً إطلاقاً، وقال لي صياد مكلاوي إن جونسون تغيب سنوات طويلة لأكثر من المعتاد وهو من الأسماك المرغوبة بشدة مثل اللهاو والزرية والخلخل والمعسف، ويقول الصيادون إن أمام المكلا في البحر منطقة يطلقون عليها (البنك) وهو دليل على كثرة الأسماك بها ومن كل الأنواع وما شاء الله حتى لا نحسد بحرنا، وهم يعودون خائبين الا إذا عاكس البحر أو تلخبط في القاع وكذلك يشكون الآن غلاء البترول ومحدودية التزود به لمحاربة التهريب، وهذا يؤثر على كمية ووقت الاصطياد والمسافات، ولا ندري ما هي الحكمة، أو أن عودة جونسون قد أعطت إجابات عن أسئلة إذ إنه من أسماك المكلا وبحرها الغني، وكان الهواة والسكان يجدونه أمام سواحل القرضة وفي أسراب عند دور المكلا القديمة حيث البريد حالياً هو والحيفل والمري السمينة حيث درج أهالي المكلا في ممارسة الاصطياد أي التجليب من أمام بيوتهم وبتقدم الزمن وضيق السياسة والمعيشة وتضييق الخناق ذهب الهواة الى خارج المكلا مثل الشقين وخلف، وعندما ردمت الصخور والمياه في خلف غادر مثلما قال عنترة العبسي: «هل غادر الشعراء»، غادر الصيادون الهواة الى ظلومة والدحسي، وها هو جونسون يتواجد مع ذلك في عودة حميدة تزيل بعض الكدر من تردي هذه الحالة أو تلك، وتفرج على مزاج البسطاء، ومع أنها عودة لسمكة فقط، الا أنها ربطتهم بالحنين لأيام وأيام.

وقال بائع سمك: حيا الله أيام زمان يوم كان جونسون بيننا وبعدين أصبحنا ندور له. وتسمية جونسون لا أدري كيف جاءت وربما هي ارتبطت بدخول مكينة جونسون البرية الى ساحل حضرموت يومئذ، أو لشخص أو لوضع، وإنما هو جونسون عاد إلى بحرنا من زمن الروابع ولهذا أحببناه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى