المحطـة الأخيـرة..بلادي.. تلك البقرة الحلوب

> حسام محمد سلطان:

>
حسام محمد سلطان
حسام محمد سلطان
ضربت كفاً بكف وأنا أقرأ مزايا أعضاء مجلس النواب اليمني التي أقرها البرلمان في إحدى جلساته الأسبوع الماضي، وهي مزايا أبدية تبدأ بانتهاء مهام أعضاء المجلس كنواب للشعب وممثلين عنه، أي أن عضو مجلس النواب بعد أن يعود مواطناً عادياً يمثل نفسه ولا أحد غير نفسه يصبح له الحق في درجة وزير بكل ما لها من مميزات ومستحقات مادية ومعنوية، لا أدري هل فات الأعضاء الموقرين أن يضيفوا مادة أخرى تخول أبناءهم وأزواج بناتهم الدرجة والمميزات نفسها في حالة الانتقال لملاقاة الرفيق الأعلى.. في نهاية الأمر لهؤلاء النواب دين لن ينقضي في رقبة هذا الشعب البائس ومن حقهم هذه المميزات وأكثر.

قد أتفهم هذه المميزات في بلاد مثل بروناي حيث عدد السكان لا يتجاوز الأربعمئة ألف نسمة والداخل السنوي للفرد يقارب التسعة عشر ألف دولار أو في دولة مثل سنغافورة حيث عدد السكان أربعة ملايين ونصف المليون والدخل السنوي للفرد يقارب الأربعة وعشرين ألف دولار، ولكن دولة مثل اليمن مثخنة بالجراح والآلام شعبها محبط من حكومته ونوابه مثقل بالفساد والجرع عدد سكانها يتجاوز العشرين مليون نسمة ودخل الفرد السنوي فيها لا يتجاوز الثمانمائة دولار فهذا والله العيب كله ويا لها من فضيحة مخزية ونكتة تستحق أن تروى بين الأمم وتتناقلها وسائل الإعلام وتنشر في صفحات العجائب والغرائب.

لا أرى من تفسير لذلك إلا أن يكون للأخوة النواب علم مسبق بأن اليمن على وشك الانتقال إلى مصاف الدول الغنية جداً وأن الإعلان عن اكتشاف ثروات مهولة من النفط والمعادن والغازات قد قارب، وأن القضاء على الفساد ورموزه وأربابه قد أصبح قاب قوسين أو أدنى بفضل جهودهم المضنية وجهادهم المستميت وحملهم أثقال من حمّلوهم أمانة تمثيلهم وحمل قضاياهم والدفاع عنها. أما إذا كان الأمر على غير فهي والله خيانة لثقة الشعب بهم واسترزاق من موقع حساس يفترض فيه التضحية بالغالي والنفيس من أجل تحقيق أقل متطلبات العيش الكريم ولن أقول العيش الرغيد. من يدري ربما سيقوم النواب بعد انتهاء فترة (خدمة الشعب) باقتسام هذه الموارد والثروات مع أبناء دوائرهم مكافأة لهم على الثقة التي منحوهم إياها والتي لولاها لما وصلوا إلى هذه المكانة الرفيعة والمنزلة العظيمة، عندها سنقوم بالاعتذار لهم علناً.

لا أدري من أين ستأتي خزينة الدولة بكل هذه الأموال الطائلة لتلبية كل هذه المستحقات التي أصبحت بين ليلة وضحاها قانونا يسري بين الناس ومخالفته خرق للقوانين واللوائح، ربما جرعة جديدة وخفض لميزانية الصحة التعليم أو زيادة لعجز الموازنات المزمن.. لا يهم فالخير باسط، واليمن لها موقع استراتيجي فريد وقوانين استثمار مشجعة وثروات متعددة ومنطقة حرة وبنك مركزي وهيئات ومؤسسات وعملة وطنية والأهم من كل ذلك شعب طيب ومتفهم.

مسكينة بلادي، التي تحولت إلى بقرة حلوب لا تسر الناظرين، جف ضرعها والحلب مستمر ولا أحد يدري إلى أين تسير، حتى الديمقراطية أصبحت وسيلة لحلب هذا الوطن البائس، وكأن الفساد لا يكفي حتى نقوم بتقنين اللا عدل. في نهاية الأمر الشعب هو الذي اختار وهو الذي وقف في طابور الاقتراع وهو الذي هتف بالروح بالدم فهنيئاً لجماهير شعبنا الوفية ديمقراطية البقرة الحلوب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى