أيــام الأيــام..على خلفية «انتظار جودو» لصمويل بيكيت.. توجيهات فخامة الرئيس وعزف نشاز لليمنية

> نجيب محمد يابلي:

>
نجيب محمد يابلي
نجيب محمد يابلي
صمويل باركلي بيكيت (1906-1989م) المسرحي والروائي والشاعر الإيرلندي العالمي والحائز على جائزة نوبل في الأدب عام 1969م، أنتج أولى مسرحياته «انتظار جودو»

(WAITING FOR GODOT) في عام 1952م، التي جلبت له الشهرة وضمنت له مكاناً مرموقاً بين رواد «مسرح العبث» الذي وجد رواجاً في الخمسينات والستينات من القرن الماضي.

تقوم الفكرة الرئيسة للمسرحية على الانتظار الذي تجشم معاناته بطلا المسرحية، استراجون وفلاديمير، والأمرّ من ذلك أنهما غير متأكدين مما ينتظرانه، وعلى الرغم من كل التفسيرات النقدية التي أثارتها المسرحية، إلا أن بيكيت نفسه أبدى تردداً واضحاً في تقديم أي تفسير قد يوضح معنى أعماله واكتفى بالقول: «جودو هي الحياة التي لا جدوى منها إذا لم يلُح في الأفق أي بصيص من الأمل».

ينتهي الحوار العبثي للمسرحية عندما أشار فلاديمير لصاحبه إستراجون: حسناً، هل نشد الرحال؟ فيجيبه إستراجون: نعم، هيا بنا نشد الرحال. فيراوحان في مكانهما ويسدل الستار بتلك النهاية الغريبة. هنا همست في نفسي: ما أشبه الليلة بالبارحة.

تزامن اطلاعي على هذه المسرحية مع خبر تتداوله الأوساط الاجتماعية بأن لجنة من طيران اليمنية نزلت إلى فرعها في عدن بغرض تقليص العمالة ونقل من تبقى من المهندسين إلى العاصمة. لماذا نكرس هذا التفكير بالتركيز على العاصمة، الرابضة في المرتفعات الجبلية، وتحجيم مدينة اكتسبت أهمية التاريخ والجغرافيا، مدينة حملت على كتفيها سلامة الملاحة الجوية الإقليمية لعقود طويلة وتبوأت مرتبة عالمية بين موانئ العالم، فهي مؤهلة جواً لأنها تقع على درجة الصفر من مستوى البحر وتراكمت فيها الخبرة، وهي أيضاً مؤهلة بحراً لأن ميناءها حضنته الطبيعة وتحميه من عبث الرياح. أيها السادة: لم تحجم جوهانسبرج مدينة الكاب ولم تحجم القاهرة الإسكندرية ولم تحجم الرياض جدة وهكذا دواليك.

لماذا نتحدث عن عاصمة اقتصادية وتجارية ونحن نفرغ مطارها من وجود لشركة طيرانها المحلية، ثم نقف مكتوفي الأيدي كما حدث مع طائرة «الإمارات»؟ لماذا نروج للمنطقة الحرة بعدن وما تتيحه من فرص استثمارية وحوافز تشجيعية وتقديم التسهيلات والخدمات للمستثمرين وكل ذلك شكل محوراً لزيارات فخامة رئيس الجمهورية إلى بلدان شرقية وغربية؟ إن حصر الرحلات الجوية في مطار العاصمة يعكس ضيق الأفق عند صانعي سياسة اليمنية ولا يخدم توجيهات فخامة الرئيس، لأن واجهة البلاد تتمثل في المدن الكبرى البارزة اقتصادياً: مناطق حرة ومعالم آثارية وسياحية وغيرها، سيما وأن رياح التغيير تجرف العالم، وأحد مظاهر تلك الرياح «السماء المفتوحة».

الناس في حسرة وحيرة في مصير القرار الجمهوري عام 1996م الذي قضى بدمج «اليمنية» و«طيران اليمن» (اليمدا) ونص على قيام إدارة عمليات مركزية في صنعاء وأخرى فرعية في عدن، ونص القرار الجمهوري أيضاً على استمرار «طيران اليمن» و«اليمنية» حتى يتم الوصول إلى نظام موحد. كان نظام التموين في «طيران اليمن» (اليمدا) يجهز (600) ألف وجبة في العام (بمعدل 1643 وجبه في اليوم) وهي وتيرة إنتاجية طيبة، كما تفوقت على نظيرتها «اليمنية» في النظام المالي ونظام الكمبيوتر والنظام التجاري (نظام الحجز).

لماذا جاء عزف «اليمنية» نشازاً لتخفق في تحقيق الهارموني مع ما توخاه القرار الجمهوري؟ لقد أضر العزف النشاز لليمنية بالوحدة الوطنية وبتاريخ عدن في مجال الطيران التجاري وبحقوق المنتسبين لليمدا، الذين تعشموا الخير بذلك الدمج الذي تحول إلى لبج، كما أضر العزف النشاز بموقع عدن، كعاصمة اقتصادية وتجارية وحاضنة للمنطقة الحرة، وتبعاً لذلك أضر العزف النشاز بتوجيهات وتوجهات الدولة، ممثلة بفخامة رئيس الجمهورية.

إن ما يعيبنا في هذه البلاد أن نظرتنا للأمور وصياغتنا للسياسات غير تكاملية وتفتقر إلى بعد النظر (الاستراتيجي) وإلى الإقصاء والإلغاء (غياب البعد الإنساني في التنمية)، وإذا فكرنا في تشمير سواعدنا صوب الإصلاح الشامل فعلينا الوقوف أمام عدد من الملفات ومنها ملف الميناء الجوي للعاصمة الاقتصادية والتجارية وإلا وجدنا أنفسنا حاطبي ليل.

لقد بلغت .. اللهم اشهد

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى