تحرير التحرير

> «الأيام» اسامة بن محمد الكلدي - المعلا/ عدن

> ما أجمل التحرير، وما أعمق ما تدل عليه هذه الكلمة، فهي تعني التخلص والتقويم، أما التخلص فمن حال سيء إلى ما هو أحسن منه كما في تحرير العبد من الرقي الى الحرية، وتقويم الشيء أي تعديله ليظهر بأحسن صورة، كما في تحرير الكتاب وغيره.

ونحن - في عالم اليوم - ما أحوجنا إلى تحرير حقيقي نحقق فيه المعنيين السابقين فصورتنا مشوهة، وحالنا سيء. وبما أننا في عصر الشفافية وهي من مصطلحات أهل التحرير اليوم دعونا نمارس الشفافية في قضايانا التي نعيشها في مجتمعنا لا بل في عالمنا الفسيح.

فالناظر إلى المؤتمرات والندوات وورش العمل التي تعقد هنا وهناك، يراها تدندن حول إشاعة مبدأ الحريات في جميع المجالات، رافعة لذلك شعارات برّاقة، ومصطلحات وضعت بدقة. والحقيقة أن هذا التحرير يقود إلى هيمنة وتغلب تسعى إليه الدول الكبرى، انطلاقاً من العقلية التي تدير هذا التحرير المزعوم، وتفاعلاً مع طبيعة المرحلة التي يعيشها عالم اليوم. أما العقلية فتعتمد في ذلك على مبدأين خطيرين: 1- ازدواجية المعايير، 2- اعتقاد العلوية والتميز على البشر. وأما طبيعة المرحلة فلا تخفى على بصير. إن كثيراً من الدول تحررت واستقلت وظهر لها علم وطني، وعملة وعاصمة وحكومة وأعلن عنها في منظمة الامم المتحدة انها دولة ذات سيادة، والواقع أنها مسترقة سياسياً وفكرياً وإقتصادياً وأخلاقياً مغزوّة في عقر دارها، بعقول تسير على الخط المرسوم لا تبغي عنه حولاً. تحررت البلدان ورسمت الحدود ولكن من بداخلها مازالوا محتلين في عقولهم، مقهورة إرادتهم محكومين بإما وإلا.

عالم اليوم يعيش في سجن كبير، لا تنعم شعوبه بالحياة كما تحب، لا سيما المسلمون، ولا حكوماته تقود سياساتها كما تريد، ولا دوله تدير اقتصادياتها كما تخطط، محظور على جيوشه التسلح، فأقمار التجسس وعملاء المخابرات ولصوص الانفتاح تجعل القفص محكم الاغلاق.

لنتحرر أولاً من العقول الراضعة المقلدة والنفوس التابعة الخوارة فنحن عندنا دين كامل ولغة اصيلة ومبادئ عادلة وتاريخ مجيد ولدينا عقول مفكرة، وموارد طبيعية متنوعة وسعة مكانية ونمتلك خصوبة بشرية قادرة على النماء والبناء فلماذا نرضى بالظلم؟ ولماذا نفكر بعقول الآخرين؟!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى