ياليت عدن..!

> فضل النقيب:

>
فضل النقيب
فضل النقيب
حار الناس في أمر عدن وما ينتظرها وما يخبؤه لها الغيب فأما عامة الناس فيراهنون على مستقبلها المضيء بقلوبهم ومشاعرهم التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها، لذلك فقد دفنوا في ترابها العطر مدّخراتهم وشقاء عمرهم وأحلامهم منتظرين أن تنشقّ التربة عن شجرة مباركة لا شرقية ولا غربية تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، وأما الذين في قلوبهم مرض فيرجفون في المدينة يلطمون الخدود ويشقون الجيوب منذرين بالويل والثبور وعظائم الأمور كأنهم عرّافو «المعتصم» الذين حاولوا إثناءه عن غزو «عمّورية» خوفاً من «الكوكب الدُّري ذي الذنب» على حد تعبير البردوني في قصيدته العصماء «أبو تمام وعروبة اليوم» ومنها:

حبيبٌ وافيتُ من صنعاء يحملني

نسرٌ وتحت جناحي يلهثُ العرب

ماذا أحدّث عن صنعاء يا أبتي

مليحةٌ عاشقاها السُّلُ والجَرَبُ

كل مدن اليمن اليوم وفي مقدمتها عدن تسير نحو المَلاَحة وتنأى عن السُّل والجرب ولو كره المرجفون.

منذ وافيت عدن وأنا أذهب كل يوم إلى مجمع عدن السياحي التجاري «عدن مُال» لأبتاع «كابتشينو» وأكتب مقالاتي، وقد سمعت فتاة شابة تقول لزميلتها وهما تصعدان السلم الكهربائي بحذر : أنا مش مصدقة نفسي أنني في اليمن. لم أر أحداً ممن يرمون الأكياس وأعقاب السجائر في الأسواق العامة يفعل ذلك هنا، فالنظافة تعلم مثلما تعدي الوساخة، النساء والأطفال يجلسون إلى المطاعم والكافتيريات بثقة وأمان، وهذا لم يكن معهوداًَ من قبل. مستوى العرض والنوعية أحدث نقلة جديدة في أدبيات التسوق. قال لي أحد الشباب العاملين في الكافتيريا بالطابق الأول : لم يعد أحد يأتي بالشمبلات والملابس الرثة، فقد أدركوا من تلقاء أنفسهم أن ذلك يخدش الجمال، أما صديقي صالح علي الحريبي ذو النظرات الثاقبة فقال لي: هذا السوق وفوز «التلال» ببطولة اليمن ردا الاعتبار لعدن. أحمد هائل سعيد قال لي: أردنا أن تكون هذه التحفة هديتنا للمدينة التي درجنا في شوارعها صغاراً وتعلمنا في مدارسها وتشرّبنا لغة التجارة ومزاجها من انفتاحها على العالم. أما رشاد هائل مدير المجمع فيقول: لو لم نخسر من هنا لخمس سنوات فسنكون سعداء بأن يوازي دخلنا خرجنا، أما المستقبل فنحن متفائلون بلا حدود.

إن مثل أي مشروع أسس على الإخلاص ومحبة الوطن والإيمان بالإنسان مثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مئة حبة والله يضاعف لمن يشاء، وقد قلت لرشاد: سيأتي من يتطلع إلى عملكم ويتفحصه ثم يتجاوزكم ولكن الريادة ستظل لكم، قال: نحن على ثقة من ذلك، ولكن، ربما نكون أول من يتجاوز أيضاً فالمجمع ليس نهاية المطاف وإنما أوله.

في عدن فرصٌ في كل الاتجاهات، ولكل مجتهد نصيب، وأولئك الذين يشتكون من كساد عمرانهم سيأتي عليهم يوم يفتشون فيه عن فرص للتوسع أضعافاً مضاعفة، وقد حدثني محمد عبدالقوي المفلحي المشرف على تسيير فندق عدن إن مؤشرات الوفود القادمة من مختلف أنحاء العالم تشير إلى اهتمام غير مسبوق بعدن وموقعها على طرق التجارة العالمية.

الرئيس علي عبدالله صالح يعكف منذ حوالي الشهرين في مقره بجبل «معاشق» للدفع بالإصلاحات إلى غاياتها القصوى، وإزالة كل المعوقات مباشرة وبلا إبطاء، وهو يلتقي مختلف الفعاليات ويستمع إلى كل الآراء ويوجه بما جعل المدينة خلية نحل نرجو أن تظل حنانة طنانة بحضور الرئيس وغيابه، وأتذكر زميلنا هشام محمد باشراحيل حيث كنا حاضرين سوية إحدى هذه اللقاءات وهو يقول بصوته الذي يجلجل من كل مسامات جسده.. فخامة الرئيس: القوانين في عدن تمام، ولكن في «لَوَكْ» في التنفيذ، واللوك معروف في اللغة حين تلوك الشيء في فمك حتى تمّحي معالمه وتضيع ضوابطه ويفقد معناه، وقد فهمها الرئيس المعروف بنباهته وفراسته.

فلنغنّ معاً: عدن.. عدن.. ياليت عدن مسير يوم..

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى