شكيب عوض الفنان الصحفي الذي يكتب بـ «السؤال» تاريخ الحركة الفنية في اليمن

> «الأيام» أديب قاسم:

>
شكيب عوض
شكيب عوض
وقف فوق خواء الدائرة الفنية، يفتش عن «أغنية جديدة متميزة».. عن «موهبة فريدة غير مقلدة» عن «فكرة عميقة لمسرح لم يمت» عن «قيمة تشكيلية تنبض بإيقاعات ما وراء الجسد»!.. «زمن الفن الجميل» .. «الأصالة في الطرب».. و«العصر الذهبي للأغنية» مفردات سمعناه يعزف عليها بريشة «السؤال». وإلى جانب ذلك راح يفتش عن بعد زمني مغاير قد تجترحه موهبة طبيعية غير عادية لبطل من عصرنا.. فكان يسكب أنفاسه في لهاث البحث عن شيء ما يسمو باليمن!

«نسيت روعته في بلد.. كل شيء فيه ينسى بعد حين» .. الشاعر أحمد شوقي

كان - ومازال - يكتب بـ «السؤال».. وقلة في العالم يجيدون طرح الأسئلة.. يبحث عن إنسان «يملك جميع الأجوبة»:

(فنان المسرح، نجم السينما، كاتب الدراما التلفزيونية والإذاعية، اعلام الإذاعة، أساطين الطرب، وجميع رموز التاريخ الفني).

يعزف على أوتار القلب، يحسن النبش (والتفتيش) ويجيد الإصغاء.. يحفر عميقاً في ذاكرة الأشياء.. فتضيء أحرف من تاريخ منسي! (هكذا راح يكتب تاريخ الحركة الفنية في اليمن) ويفتش في قاع الفنجان ليمتص كل شيء.

يرى أن الفن هوالحياة وكان كثيراً ما يأسى لحالة الفن المتردي في عصر الألفية الثالثة، وهو من عابري القرون (كما يصنف الإنسان الذي عاش بين قرنين) وفي موقفه هذا، بعد أن عاش عصراً من الغناء فريد كل الأزمان، إذا به يحس أن الأغنية في تطورها الراهن قد اقتربت من ذلك الكاريكاتير الذي وجد على أوراق البردي منذ 5000 سنة قبل الميلاد يصور طائراً يصعد على سلم ليصل إلى الشجرة!! وشهد انحدار الموسيقى أشبه بذلك التعليق الذي عَلِق بـ «شاه إيران» عندما كان واحداً من أفراد فرقة موسيقية يقف على خشبة المسرح والستار مسدل فعثر بالآلات الموسيقية ليحدث ضجة، فنهض الشاه يصفق بحرارة وحماس جنوني.. ظناً منه أن الفرقة بدأت في عزفها الموسيقي.

فتشعر أن الفنان الصحفي شكيب عوض كأنما يوشك على البكاء بحشرجة صوته تلك المحببة حتى وهو يهتف بتلك (التقفية): «ياسلام» عند نهاية كل عزف أو نهاية حشرجة حنجرة المغني، وهو الذي اعتاد سماع عزف فريد الأطرش، وتراتيل أساطين الطرب بحناجرهم الذهبية، فكان ذواقة عصره.. «يا سلام» هو تعبير (لحراجة هذا الموقف) فيه صدق حيث يقتضي الصدق.. وقد يغلب عليه (مدح أريد به ذماً) بصورة مؤدبة، وليس له من حيلة، إذ لا تدري أبكت تلك الحمامة أم غنت.

وأخرج لنا مرة من خزائن أرشفة الفن التاريخي، الشاعر الكبير الرقيق والمثقف العميق «لطفي جعفر أمان» وهو يتقمص أصوات (ليلى والمجنون وعفراء الوصيفة ووالد ليلى عم قس) في مشهد من مسرحية أمير الشعراء أحمد شوقي «قيس وليلى»، بأدائه الرائع الساحر من خلال بصمات صوته في ضبط اللغة أو المنطوق بمخارج الحرف وجرسه وتلون الشخوص في أبعادها النفسية الداخلية كأنما هو مخرج وملقن وممثل في آن واحد، وقد كان كذلك تماماً، فكأنما شكيب يقول لنا: انظروا! هذا هو فن التمثيل الجيد إن كنا نتحدث عن الإبداع بما لا يضاهى! وأين هذا مما تشهده اليوم في المسرح؟!

ومرة أخرى أقول: كان شكيب عوض وهو أستاذ كبير في ميدانه يرى: أن الفن هو الحياة.

وإني لأرى فيه غير ما أبدع في مجالات النقد الفني.. وما استودعه من تراث للإذاعة والتلفزيون: (دقة الإنسان الفنان) حيث كان يذهب إلى صياغة ما يعانيه (الفنانون) .. صياغة هذا (اللا معقول) حول ما يحدث للإنسان ولماذا يحدث؟ فكان ومازال يكتب بـ «السؤال»:

«هل نجد مجالاً إنسانياً تتحرك فيه القلوب؟». جميع الفنانين يتوجهون الآن بهذا السؤال نفسه إلى السيد محافظ محافظة عدن الدكتور يحيى الشعيبي والسيد وكيل المحافظة الأستاذ عبدالكريم شائف، فوق مالهم من أياد طيبة. ويرى هؤلاء الفنانون الذين مازالوا يؤمنون، ويأملون ولم يموتوا بعد: أن من حق هذا الإنسان الفنان شكيب عوض أن يظل بين الناس، أن يعود إلى ممارسة حياته الطبيعية.. من حقه الاستمرار طالما بقيت منه (كلمة) وربما (سؤال) في شجن القلوب، وغناء الحب. الجميع الآن يسأل ولسان حالهم يقول :« الكريم لا يضام» .. لماذا «حتمٌ أن يموت» عاشق الحياة؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى