يوم من الأيــام..نخيل حضرموت.. والاحتضار الجماعي

> علي الكثيري:

>
علي الكثيري
علي الكثيري
تواصل (حشرة الدوباس) بوتائر عالية اجتياحاتها الفتاكة لنخيل حضرموت على امتداد مديريات الوادي والساحل، في ظل تراخ ملموس وتقاعس محسوس تبديه الأجهزة والسلطات المعنية لجهة القيام بما تمليه عليها مسؤولياتها من أدوار حيوية لمكافحة هذا الوباء السارح المارح، واتقاء كارثة داهمة توشك على إبادة ما تبقى لحضرموت وأهلها من ثراء هذه الشجرة المباركة التي ظلت تاريخياً المصدر الأبقى للغذاء في أزمنة الشدائد والمجاعات.

قبل بضعة أيام كنت في زيارة خاطفة لـ (وادي عمد) غرب حضرموت، حيث صعقت لمشهد ذلك الامتداد الكثيف من النخيل وقد استباحته تلك (الحشرة) الخبيثة وألقته صريعاً للشحوب والاصفرار والاحتضار الجماعي، وكم كان مؤلماً مشهد نخيل هذا الوادي وهو موبوء بسيلان مادة عسلية لا تنقطع، توشك على الإطاحة بتسامقه وإخماد وهج خصوبته، وتحويل واحاته إلى أراض جرداء مقفرة. وحين سألت وناقشت بعض الأهالي هناك، وجدت أصواتهم تنضح بالمرارة والوجع من هول ما يستبيح نخيلهم، ومن خيبة أملهم في الجهات الحكومية المسؤولة بالمحافظة التي تلتزم - مع سبق الإصرار- الصمت والتجاهل واللا مبالاة، بل أن الأقسى عليهم، أنهم يقفون متفرجين على نخيلهم وهو يصارع الوباء الغريب الذي لا يعرفون له دواء، خاصة أن استغاثاتهم المتواصلة تذهب أدراج الرياح، أسوة باستغاثات غيرهم من أبناء العديد من مديريات المحافظة التي داهمتها حشرة (الدوباس) اللعينة.

أمام تلك المشاهد الموجعة، وجدت نفسي غارقاً في محاولة إحصاء عدد الندوات والمؤتمرات العلمية والمهرجانات التي توالى تنظيمها في حضرموت، والتي تمحورت حول (النخلة)، والكم الكبير من القرارات والتوصيات التي تمخضت عنها، والمبالغ (الملايينية) الطائلة التي صرفت عليها، وهي فعاليات ضاجة ذهبت بذهاب الصخب الذي واكبها، بينما تركت (النخلة) فريسة لمهالك آفة (الدوباس) التي يبدو أنها لا تعني حكومتنا - الرشيقة- ولا تستحق شيئاً من (الاعتماد المالي الإضافي) .. ولحضرموت ونخيل حضرموت ربٌّ قادر كريم عظيم الشأن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى