قصة قصيرة بعنوان (للجحيم أبواب)

> «الأيام» صالح علي بامقيشم /ثانوية نصاب - شبوة

> انطلقت السيارة تنهب الارض.. اعتدل الفتى في مقعده .. وبقية الركاب أفواههم وعيونهم على يمين الطريق ويساره معجبين تارة ومندهشين تارة أخرى.. أطلق هوالعنان لافكاره.. دائماً ما تلوح امام عينيه ذكريات الطفولة.. أجمل ايام حياته رغم أنها تثير الحسرة في نفسه احياناً.. يتذكر «رباب» أخته لأمه.. الانشودة العذبة التي شنفت أذنه ايام البراءة، كان يحس انها تختلف عن جميع إخوانه فقد كانت الاقرب لقلبه، كان بينهما رباط روحي عميق.. يتذكر يوم تركت المنزل فجأة واختفت بسبب قسوة والده عليها، يومها كان طفلاً في الثامنة بينما كانت هي قد تجاوزت السابعة عشرة.. يتذكر الوجه الملائكي، الملامح الطفولية، الجرح الغائر على خدها الايسر. تزيد السيارة سرعتها وتلوح العاصمة امام الركب. هبط الليل.. كان الفتى قد وضع حقائبه في سكن داخلي للطلبة القادمين من الريف، وخرج الى المدينة يسير على غير هدى. المدينة كبيرة.. كبيرة جداً الى درجة يخيل اليه انها ستبتلعه.. تقوده قدماه الى ناد ليلي.. ينسى وصايا والده له أن لا يسلك طريق الشيطان وأن يحقق أمله بشهادة تجعله يفتخر بين أهل القرية!

يشعر بالنقمة على أبيه فقد كان سبب هروب «رباب».. الموسيقى صاخبة، والاضواء خافتة في الملهى، تقترب منه احداهن تهمس له فيبتسم وتتشابك ايديهما.. طوال الطريق المظلم لم ينطقا بكلمة.. قادته الى غرف خلفية تتعالى فيها ضحكات انثوية.. أحس بالارتباك فلم يتصور أن تصل الامور الى هذا الحد! دخلا غرفة مضاءة .. فجاءة! تجمد الدم في عروقه.. أحس بضربات قلبه كانها مطارق بيد حداد ماهر، كانت الاضواء بالخارج ضعيفة فلم يتبين وجه فتاته.. أما الآن! يا الله!! نفس الوجه الملائكي.. نفس الملامح الطفولية.. ينتصب جرح غائر على خدها الايسر.. هز رأسه بعنف وكأنه يهرب من كابوس مرعب.. بالتأكيد ليست هي، وقبل أن ينطق بكلمة خرجت فتاة من غرفة مجاورة، تناديها باسمها «رباب»!! شعر أن المفأجاة فوق احتماله، قدماه لم تعودا تقويان على حمله.. يرى سواداً كثيفاً امام عينيه.. قبل أن يطلق صرخة مرعبة اهتزت لها اركان المدينة الكبيرة.. الكبيرة جداً الى درجة أنها ابتلعت الصرخة!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى