«فتاة شمسان» المرأة في عدن والوطن العربي

> «الأيام» نجمي عبدالمجيد:

> ظلت مجلة «فتاة شمسان» بما قدمت من معلومات وأفكار وأحاديث وادب وفن موسوعة لمرحلة هامة من تاريخ المرأة في مدينة عدن حيث اتسع دور هذه المجلة الرائدة ليخرج الى مساحات ابعد من قضايا المرأة في الوطن العربي وربط عملية التقدم والتطور للمرأة العدنية بجهود وطموحات المرأة العربية وتلك رؤية تدل على تجاوز مسافات التقاطع والابتعاد عن الآخر وجعل مسألة المرأة العدنية مسؤولية موضوعية في عملية النهوض الاجتماعي الذي قادته هذه المجلة برعاية الشخصية الصحفية والاجتماعية السيدة ماهية نجيب ، التي عملت منذ البداية على جعل هذه المجلة ملتقى لطموحات وافكار سعت لرسم صورة لغد المرأة العدنية في زمن الحلم الجميل.

رضية احسان وهذا الحديث
في العدد الثاني من «فتاة شمسان» الصادر يوم الاربعاء 1 فبراير 1961م الموافق 15 شعبان 1380هـ اجرت مندوبة المجلة هذا الحديث مع السيدة رضية احسان، تلك الشخصية النسائية التي كانت لها العديد من الاسهامات في تاريخ المرأة العدنية، وهذا الحوار يقدم لنا جانبا من مستوى المرأة في هذه المدينة والمدى الذي تحركت فيه مقدرتها على العطاء : «س-بصفتك رئيسة نادي نساء عدن ما هو رايك في الفتاة العدنية واقبالها على العمل التطوعي في هذا النادي؟.

ج- اني اشعر بالسعادة والتفاؤل لوجود عدد من الاعضاء يعملن باخلاص وحماس وتضحية تستحق التقدير والاعجاب وإني لأتمنى ان يكبر هذا العدد وأن يتزود بالثقافة ويوسع مجال اهتمامه لتظهر مواهبه الكامنة وليكون المثل الذي تقتدي به نساء بلادنا.

س- ما هي آراؤك لرفع شأن هذا النادي هل هناك فكرة لطلب بقعة ارض وبناء دار ثابتة لهذا النادي؟

ج- لقد طالبنا منذ اعوام بقطعة ارض لبناء دار للنادي وتحصلنا على وعد فقط ولكن مستوى نادينا لن يرتفع حتى يرتفع مستوى العاملات فيه ..فإن وجود مجموعة تؤمن بالخدمة العامة كواجب وتؤمن بدور النوادي في تطوير المرأة وتطهير المجتمع وتؤمن برسالة النادي ولا تخرج قيد أنملة عن مبادئه ..وجود هذه المجموعة هو ما يجب ان نجهد انفسنا من اجله وبه وحده نستطيع أن نرفع من مستوى النادي وأن نؤدي للبلاد خدمات مؤثرة ولو كنا نعمل على الرصيف.

س- من هي العظيمة التي تعجبين بها؟

ج- طالما عجبت لاطلاق لقب عظماء على من قاموا بعمل كبير أو اعمال كبيرة سواء كانت اختراعات عالمية او اعمال ادبية او فنية او حربية او حكموا دولا في عصور زاهرة بينما تكون شخصياتهم في الغالب او اخلاقهم مليئة بالنقائص ومهزوزة من الناحية الانسانية او الفكرية. ان العظيم او العظيمة في رأيي هي الشخصية العظيمة والاخلاق العظيمة والفكر العظيم الذي يؤدي الخدمات العظيمة لسعادة الانسانية.

والعظيمة في رأيي والتي اعجب بها هي غير معروفة إلا في الوطن العربي وحده مع ذلك أنا اعدها من العظيمات لأنها كما هو ظاهر من كتاباتها انسانة عظيمة بروحها وتفكيرها وخدماتها الصامتة التي تضع بها اسس السعادة للمجتمع.

قد اختلف معها في بعض الآراء ولكن هذا لا يقلل من اعجابي بها إنها (امينة السعيد).

س- ماذا قترحين لرفع شأن مستوى المرأة؟

ج- لا شك أن التعليم هو الوسيلة للثقافة التي تضيء العقل وتزيد الانسان فهما للحياة ومعرفة بواجباته وحقوقه ويتسع بها محيط تفكيره واهتمامه فينظر الى وطنه وكأنه غرفته الخاصة وإلى العالم وكأنه بيته.

والى كل انسان كأخ شقيق له ولكن لا اريد لبنات بلدي ان يحملن الشهادة ويحملن معها فكر ضيق أناني ومشاعر انسانية متحجرة، فهذا لن يفيد في شيء اريد من كل مخلص لبلاده ان يتيح الفرصة للمرأة أن تخرج للحياة وتمارسها فإن احتكاكها بالحياة ومشاكلها يجعلها اكثر فهما لمشاكل البلاد وأكثر تقديرا لمشاعر وآلام اغلبية ابناء الشعب الذين يقع عليهم عبء الاوضاع الراهنة، الى جانب تشجيع الاطلاع وقراءة مختلف الكتب لتكوين فكرة عامة والاحاطة بكل ما في العالم من آراء واتجاهات».

ماهية نجيب تكتب خواطرها عن مؤتمر نساء آسيا وافريقيا
في العدد الثالث الصادر يوم الاربعاء 1 مارس 1961م الموافق 14 رمضان 1380هـ وتحت هذا العنوان كتبت السيدة ماهية نجيب عن هذا المؤتمر وعن طريق هذه الكتابة تؤرخ لاحداث تلك المرحلة حيث غادرت عدن الى القاهرة وبدأت الاستعدادات لحضور اول مؤتمر آسيوي افريقي نسائي في التاريخ وقد كانت الوفود النسائية تصل الى فندق قصر الجزيرة بانتظام وكان الفندق يبدو وكأنه خلية نحل كما تصفه الكاتبة ..كل امرأة تتعرف على الاخرى وتعد لعقد ذلك المؤتمر ومنذ صباح السبت 14 يناير اخذت الباصات بنقل اعضاء الوفود الى مقر المؤتمر وكان في مجلس الشيوخ وكذلك الى اماكن الزيارات المعدة في برنامج ذلك المؤتمر.

عظيمة من الهند
من الشخصيات النسائية التي كتبت عنها السيدة ماهية نجيب السيدة امشوري نهرو، وكانت سيدة متقدمة في السن تتحدث باللغة الانجليزية بطلاقة وقد شاركت في كفاح الهند وطنها بنصيب وافر حتى ظفرت الهند بالاستقلال، وكانت الفرصة سانحة للسيدة ماهية نجيب للحديث مع هذه الشخصية العالمية في كفاح المرأة عبر مترجمة وعبرت في ذلك اللقاء عن سعادتها وهي تلتقي بهذه المرأة وقدمت السيدة ماهية نجيب نسخة من «فتاة شمسان» وقالت لها انها ستحملها معها الى الهند.

محامية من لبنان
وسيدة اخرى من لبنان السيدة حرم فؤاد نجار وكانت رئيسة الوفد اللبناني النسائي، محامية لها شهرة في ذلك الزمان ووجهت دعوة للسيدة ماهية نجيب لزيارة لبنان، وقد أهدت كتاب (يوم الطفل) والذي طبع في منظمة اسبوع الطفل في لبنان.

وقد اشارت تلك السيدة الى اهتماماتها بالنشاط الاجتماعي ومساهمتها بنصيب واسع في ندوات ومؤتمرات المرأة وانشطتها ورعاية الطفل وقالت انها تتشوق «الى قراءة كتاب يعرفها بالحركة النسائية في عدن» وقد ردت ماهية نجيب عن كلامها قائلة : «املي بأن يتم لي ذلك قريبا».

دعوة لزيارة العراق
ومن العراق جاءت السيدة سعدية الرحال وكانت عضوة في هيئة التحكيم في محكمة الاحداث في بغداد وقد تمنت للمرأة في عدن كل التقدم والنجاح .. وقدمت دعوة خاصة للسيدة ماهية نجيب بزيارة العراق وقالت سعدية الرحال انها تنتظر اليوم الذي يزور فيه وفد نسائي من عدن للعراق كما يزور وفد نسائي من العراق عدن.

كانت رئيسة وفد الاردن السيدة نمرة طنوس السعيد وهي من وزارة الشؤون الاجتماعية في عمان وقد ابدت اهتمامها بأخبار عدن عندما قالت لها ماهية نجيب بان مدرسات اردنيات يعملن في كلية البنات بعدن.

كوكب الشرق السيدة ام كلثوم:بلغوا تحياتي لشلة المحبوبي في عدن

في العدد الرابع الصادر يوم السبت 1 أبريل 1961 الموافق 15 شوال 1380هـ كان هذا الحوار مع سيدة الغناء العربي : «في شارع الجزيرة في القاهرة تقع فيلا اغنى مغنية في الشرق العربي أم كلثوم وعندما دخلت هذه الفيلا شعرت باني ادخل قصرا من قصور هارون الرشيد فقد كانت اوضة الاستقبال مرصعة بالصور الفنية تتوجها صورة كبيرة لفلاحة حاملة «قلة» على راسها ودارت في مخيلتي امجاد العرب القدامى وهم يكرمون الفن والفنانين.

وكانت تلبس (اسكرت) اسود وعليه بلوزة صوفية بلون القات وحول عنقها سلس طويل جميل المنظر وواضعة على عينها نظارة شمسية وكنا خمسة الشيخ عبد القوي خليل والسيدة آمنة حرمه والسيدة ليلى حرم الشيخ الجبلي والآنسة صافيناز خليفة وكاتبة هذه السطور، ورحبت اولا بالشيخ عبدالقوي خليل والسيدة آمنة حرمه وكأنها تعرفهما من مدة طويلة من الزمن فقد زاراها من قبل ثم قال لها الشيخ عبدالقوي خليل ان شلة المحبوبي من حارة حسين في عدن تبلغها جزيل السلام فقالت في الحال: ارجو ان تبلغوا تحياتي لهذه الشلة في عدن. ثم قدمها لنا الشيخ عبدالقوي خليل وبدأت كاتبة هذه السطور تتحدث معها فسألتها عن عدد الاغاني الجديدة التي تغنيها كل عام.

فقالت انها تغني اغنيتين وإنها تعتبر اغانيها كما تعتبر الأم فلذات اكبادها، ثم سألت السيدة ام كلثوم عن شعور اهل عدن نحو أغانيها فأجبتها بان اهالي عدن يحبون شيئين عظيمين في القاهرة وهما الأهرام وأم كلثوم وأنهم ينتظرون بفارغ الصبر أول خميس من كل شهر ليسهروا مع أغانيها عن طريق اذاعة القاهرة، وقالت على ان اذاعة عدن قد بدأت تذيع الآن اشرطة مسجلة من اغانيها الطويلة وأنها قد اجتذبت العديد من المستعمين لهذه الاغاني واصبح كل منزل ينتظر الاذاعة كل سبت ليستمع الى شريط او شريطين من اغانيها المسجلة، ثم شكرت الفنانة الكبيرة اهالي عدن على اهتمامهم بأغانيها وقالت إنها تتمنى ان ترى او تسمع المغنيات العدنيات في المستقبل، قلت لها اني كتبت عنها في باب شهيرات النساء في مجلة «فتاة شمسان» ووعدتها بان أرسل لها نسخة، وقالت ام كلثوم انها تتمنى ان ترى كثيرا من العدنيين يزورون القاهرة فهي بمثابة بلادهم ..ثم دخل علينا زوجها الدكتور حسن الحفناوي وقد ودعت ضيوفها الى الباب وكانت هاشة باشة وقالت انها تتمنى أن ترانا مرة اخرى في القاهرة».

المراة العربية في ليبيا
ويظل تواصل مجلة «فتاة شمسان» العدنية مع قضايا المرأة العربية مستمرا، و في العدد الخامس الصادر يوم الاحد 1 مايو 1961م الموافق 17 ذو القعدة 1380هـ نشرت هذه المادة التي تتحدث عن المرأة في ليبيا وكانت السيدة ماهية نجيب قد التقت بالسيدة رباب ادهم في القاهرة وقد طلبت رئيسة تحرير مجلة «فتاة شمسان» اعطاءها صورة عن المرأة في ليبيا وقد كتبت حول هذا الموضوع: ليبيا كانت تحت الاستعمار الايطالي منذ عام 1911م وقد ناضل اهلها حتى كان الاستقلال عام 1951م وبعد الاستقلال فتحت المدارس من ابتدائية وثانوية ثم اسست جامعة ليبيا ودخلت الفتاة ابواب الجامعة وكانت قبلها قد دخلت جامعات في بيروت والقاهرة وبريطانيا وايطاليا.

وتشير إلى خروج المرأة إلى مجال العمل، فأصبحت مدرسة وممرضة ومذيعة وموظفة في دوائر الحكومة، وكانت من ثمرات الاستقلال وتحرير المرأة النسبي أن تأسست في ليبيا جمعيتان نسائيتان هما جمعية النهضة النسائية في طرابلس الغرب والحمعية النسائية في بنغازي، وكان من أهداف الجمعية الأولى رفع مستوى المرأة في ليبيا ثقافيا واجتماعيا وصحيا والعمل لجمع كلمة المرأة العربية دون أي تفرقة بين عربية وأخرى.

أما الثانية فهي ترمي إلى نفس الأهداف تقريبا إلا أن كل أعمالها قائمة على الجانب الخيري، وقد تكونت الهيئة الإدارية لتلك الجمعية (جمعية النهضة النسائية) في طرابلس من سبع عضوات: رئيسة الجمعية عائشة الفقيه حسن، ونائبة رئيسة وسكرتيرة وأمينة صندوق وثلاث عضوات وبلغ عدد المنتسبات لتلك الجمعية 120 عضوة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى