يافع ..جنة الشعراء

> فضل النقيب:

>
فضل النقيب
فضل النقيب
الشعراء في يافع ملحُ الأرض، كانوا ولايزالون وسيظلون كذلك، فهم اللسان الناطق باسم المجتمع ينصرونه ظالماً أو مظلوماً أو مضيّعاً بين الظلم والظُلامة، وفي الهضبة اليافعية وتوابعها من الشّعاب والسّيل والمنحدرات السّحيقة، ومن القيعان والمدرجات والقمم الرفيعة، ينبُتُ الشعراء الشعبيون كالأشجار البرية يتحدّون قسوة الزمن وقسوة البيئة وقسوة اللغة ليطوّعوا كل هذه القساوات إلى أنغام موزونة ونمارق معشوقة وزرابيّ مصعوقة تسعد الناس وإن خالفت هواهم كأنما من أصاب كبد الشعر أصاب كبد الحقيقة، وذلك نوع من الافتتان العربي الموروث في الجينات والطباع «إذا قلتُ شعراً أصبحَ الدهرُ منشداً»، لذلك يمشي الشعراء في هذا الصقع اليماني المتلفع بالجبال السوداء كما تمشي الطواويس، فخورين بأنفسهم ومواهبهم وتأثيرهم على عامة الناس: «أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي.. وأسمعت كلماتي من به صمم»، والناس يستسلمون بمحبة لهذا الهوى، ويقدمون للشعراء من الدعم المعنوي وكرم الإجلال ما يجوز بهم تخوم النجوم «كم من نجم ولى وغاب.. ما بينت منه أثر».. لقد جنح حسين بن أبوبكر المحضار رحمه الله وسبح في الآفاق كما جنح قبله وسبح أبو الطيب الكندي اليماني - أحمد بن الحسين المتنبي ..

ما علينا، ولكننا بين الحين والآخر، وبما لا يلجم حصان الشعر، ولا يضع قيداً على خيال الشاعر، وخارج ما قد فاضت به القرائح وصاغته القدائح ينبغي أن ننقش في وعي الشعراء الشباب فضيلة الاتزان والتوازن ورسالة الشعر الذي كان يقول عنه الآباء المؤسسون إنه «ديوان العرب» أي سجل شمائلهم وفضائلهم ومناقبهم ومفاخرهم وعدلهم وكرمهم وإحسانهم وحسن تقديرهم للأمور، وليس سجل مثالبهم وحماقاتهم وإثارتهم للبغضاء ودعواتهم إلى التنابز بالألقاب، وإيقاظ العصبيات الممجوجة من دعاوي الجاهليات التي لا يخلو منها عصر من العصور:

ولولا خلال سنّها الشعر ما درى

بناة العلا من أين تؤتى المكارم

قلت للشعراء الممتازين الذين اجتمعوا في ضيافة نقيب يافع الشيخ الجليل عبدالرب أحمد أبوبكر النقيب: أنتم مثل الميزان وينبغي لكم أن لا تخسروا الوزن ولا تطففوا، وأنا أعرف أن الشعر يعشق الغرابة ويتطلع إلى النجوم وهو في سبيل ذلك ينحت أحياناً في صخر ويغرف أحياناً أخرى من البحر كما يقول العرب على أن لا يصل إلى {والشعراء يتبعهم الغاوون، ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون} وهذه شهادة إدانة وبراءة في محكم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأرجو أن تكونوا من أصحاب أداة الاستثناء {إلا الذين} ففيها يكمن تميزكم وقدراتكم الفريدة على صياغة الحياة الجميلة الحرة الخالية من ظلم الإنسان لأخيه الإنسان بأي طريقة كانت: باستسلابه، أو استضعافه، أو استنباذه، أو الحط من منبته أو انتمائه أو معتقده فكلنا لآدم وآدم من تراب، ومن افتخر بقدرته على الناس فليتذكر قدرة الله عليه.. الشاعر الحقيقي الفذ ليس من فريق وإنما هو الفريق أو كما يقول عباس محمود العقاد:

والشعر من نفس الرحمن مقتبس

والشاعر الفذ بين الناس رحمن

ثم فلنتذكر دائماً حكمة السيد المسيح عليه السلام: «أنتم ملح الأرض فإذا فسد الملح فبماذا يُمَلّح».

حقاً إن «يافع» هي فردوس الشعراء، يشار إلى القرى بأسماء شعرائها ولهم الصدارة في المجالس ومنهم المثل الأعلى للشباب وقد عرفت منهم هذه المرة: خالد القعيطي والخالدي الصغير والعمري المزمجر وشاعر مودية اللامع أبو صبري وكثيرين آخرين لا تحضرني أسماؤهم.. حياهم الله جميعاً.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى