رجال في ذاكرة التاريخ

> «الايام» نجيب محمد يابلي:

>
من اليسار الفقيد علي شيخ عمر ثم يليه العميد علي محمد قفيش والمرحوم محمد علي هيثم في القاهرة عام 1976م
من اليسار الفقيد علي شيخ عمر ثم يليه العميد علي محمد قفيش والمرحوم محمد علي هيثم في القاهرة عام 1976م
علي شيخ عمر أمسعيدي..الولادة والنشأة:ورد ذكر دثينة في كتب التاريخ منها «صفة جزيرة العرب» للهمداني، ويحدها من الشمال يافع العليا والسفلى وغرباً بلاد الفضلي وشرقاً العوالق السفلى. تميزت دثينة بنظام الحكم الشوروي حيث كانت تحكم بواسطة مجلس شورى يتألف من مجموعة من الاعيان، ومن قبائلها:

السعيدي والميسري والحسني ومن قراها : الخديرة والجبلة والقليتة ومودية (كتاب تأبين الفقيد الكبير علي شيخ عمر، ص 250).

تعزز النظام الشوروي المؤسسي بصدور «قانون الانتخابات لولاية دثينة» عام 1965م والذي قضى بانتخاب (48) عضواً للمجلس الوطني (نفس المرجع ص 280) علي شيخ عمر امسعيدي من مواليد 1939م في قرية تنوخ بدثينة وتلقى تعليمه الاولي في كتاتيب القرآن في القرية. انتقل في العام 1954م من دثينة إلى عدن والتحق بشركة مصافي عدن .. وكان من أفراد قوة المطافي ولم يطب له المقام في الشركة بعد مرور عامين من التحاقه.

التحق علي شيخ عمر بالقوات المسلحة في القاعدة الجوية البريطانية بخورمكسر عام 1965م وبدأ مشواره مع تأهيل الذات بمطالعة العديد من الكتب الدينية والسياسية والتاريخية والادبية وغيرها، والتحق بعدد من الدورات في معاهد عدن لدراسة اللغة الانجليزية.

المناضل النقابي علي شيخ عمر
في العام 1957م انخرط علي شيخ عمر، في عضوية نقابة عمال القاعدة الجوية البريطانية بخورمكسر وانتخب بعد عام واحد 1958م سكرتيراً للنقابة . وتنوعت بذلك مداركه وخبراته لأن العمل النقابي في تلك الفترة كان مدرسة تثقيف وتأهيل وتفريخ للعمل الوطني السياسي والحزبي.

علي شيخ عمر رجل المنظمات الاهلية
تداعى أبناء دثينة الى تشكيل إطار خاص بهم يمكنهم من تدارس اوضاعهم وأوضاع منطقتهم فأسسوا «جمعية دثينة الخيرية» عام 1958م، وكان علي شيخ عمر من مؤسسي تلك الجمعية مع رجال آخرين منهم: عمر امعبد عمر، أحمد ناصر الخادم، محمد هيثم الصوبي، أحمد علي حسين، السيد محمد علي مكسر، السيد ناصر الكوني، عمر سالم الشوذبي، صالح عبدالله باصهيب، سالم محمد باهرمز وناصر عمر شيخ. (راجع كتاب تأبين الفقيد، شهادة ناصر عمر شيخ ص 82).

تبلورت فكرة الجمعية الخيرية لتصبح «جمعية أبناء دثينة الوطنية» وأصبح لها دستور مكون من 24 مادة. نشأت تلك الجمعية بعد انضمام دثينة إلى «اتحاد الجنوب العربي» في 12 مارس 1960م وأصبحت تعرف بـ «ولاية دثينة».

علي شيخ عمر في صفوف حركة القوميين العرب
التحق المناضل الكبير علي شيخ عمر بصفوف حركة القوميين العرب في بداية ستينات القرن الماضي وقدم المناضل الوطني البارز علي احمد ناصر السلامي شهادته للتاريخ ورد فيها: «انضم (اي علي شيخ عمر) الى تنظيم حركة القوميين العرب في اوائل عام 1960م وكان منضبطاً وملتزماً لكل تعليماتها ومفاهيمها وجسد افكارها تجسيداً راقياً.. انعكس ذلك في سلوكه اليومي مع اصدقائه وأهله ورفاقه ومع كل مواطنيه (مرجع سابق ص 53).

علي شيخ عمر في ركاب الجبهة القومية
كان علي شيخ عمر من اوائل الملتحقين في صفوف الجبهة القومية وعين في اول خلية للفدائيين التي كان مسؤولاً عنها محمد باشراحيل وفي منتصف عام 1964م تولى قيادة اول خلية لفدائيي الجبهة القومية في عدن وكان في قوامها محمد صالح مطيع ومهيوب علي غالب عبود وآخرون.

اعتقلت القوات البريطانية علي شيخ عمر في 27 نوفمبر 1964م وأودع الزنزانة رقم 3 في سجن مربط بالتواهي (راجع كتاب التابين، شهادة المناضل محمد احمد عبدالله باشماخ (أبوسالم) ص 79).

تم اطلاق سراح علي شيخ عمر من سجن مربط في يونيو 1965م حيث تعرض للتعذيب ولم يتمكن من حضور المؤتمر الاول للجبهة القومية في تعز الذي انعقد في نفس الشهر، لكنه شارك في المؤتمر الثاني الذي انعقد في جبلة في يونيو 1966م وشارك في المؤتمر الثالث الذي انعقد في حمر خلال الفترة 29 نوفمبر - 3 ديسمبر 1966م، وفي العام 1967م تولى علي شيخ عمر مسؤولية العمل الفدائي في الشيخ عثمان

علي ناصر محمد احد شهود العصر
نشرت «الأيام» شهادة للتاريخ قدمها علي ناصر محمد، الرئيس الاسبق رئيس المركز العربي للدراسات الاستراتيجية عن المناضل الكبير علي شيخ عمر عقب وفاته في ابريل 2003م ورد فيها:

« كان أول تعرف لي عليه في عام 1966م بعد خروجه من سجن مربط في عدن حيث كان معتقلاً من قبل سلطات الاحتلال البريطاني. جاء لزيارتي في قريتنا بولاية دثينة بمعية صديقنا العزيز محمد سليمان ناصر وسرد علي أشتات معاناته من التعذيب في السجن والتعذيب الذي تعرض له من قبل المحققين في محاولة لانتزاع الاعترافات عن تنظيم الجبهة القومية وتشكيلاته العسكرية والفدائية وقياداتها التي تقود النضال ضد الاحتلال البريطاني وخصوصاً في مستعمرة عدن. وورد ايضاً في شهادة علي ناصر محمد: «في تلك الفترة كنت والفقيد احمد صالح الشاعر ومحمد سليمان ناصر نتابع احوال رفاقنا في السجون ونحن مكلفون بمهام حزبية سرية في ولاية دثينة وسلطنة العواذل...».

قحطان محمد الشعبي وسالم ربيع علي وقراران بتعيين علي شيخ عمر
صدر القرار الاول بدخول علي شيخ عمر مجال الوظيفة العامة من اول رئيس جمهورية للمحافظات الجنوبية (ج.ي.د.ش) المغفور له بإذن الله قحطان محمد الشعبي الذي عين علي شيخ عمر مديراً لأمن عدن، وهو المنصب الذي عرف في السابق بمفوض الشرطة Police Commissioner اما القرار الثاني فقد اصدره المغفور له بإذن الله سالم ربيع علي (سالمين) رئيس مجلس الرئاسة في (ج.ي.د.ش) ولاحقاً ج.ي.د.ش بتعيين علي شيخ عمر مديراً للأمن العام في الجمهورية.

رياح الثورة تأتي بما لا يشتهي المناضلون
تكدر صفو المناضل الكبير علي شيخ عمر وهو يرى رفاق الامس بين سجان وسجين تحت طائل أوهام اليمين واليسار فلا هذا يمين ولاذاك يسار وإنما طفيليات تسربت الى جسد التنظيم لتنهشه وأعيت تلك الظروف مناضلنا علي شيخ عمر وزاده المرض إعياء فغادر الى القاهرة للعلاج.

صدر قرار رئاسي في 27 يوليو 1970م بتعيين علي شيخ عمر في موسكو وزيراً مفوضاً وقائماً بأعمال سفارة اليمن الجنوبية في موسكو، عاصمة الاتحاد السوفيتي سابقاً

في العام 1973م، وجهت للمناضل الكبير ثلاث دعوات رسمية لحضور مؤتمر سفراء اليمن الديمقراطية في الخارج إلا ان شكوكاً قوية راودت المناضل علي شيخ عمر من أن هناك أمر سوء مبيت له مع زملائه ولكنه أدار ظهرة للدعوات المقدمة وحدث ما لم تحمد عقباه.

علي شيخ عمر يغسل يديه من السلك الدبلوماسي
كانت اديس ابابا المحطة الاخيرة في مشوار علي شيخ عمر مع العمل في السلك الدبلوماسي، حيث صدر قرار رئاسي عام 1973م قضي بتعيينه قنصلاً عاماً لليمن الديمقراطية في اثيوبيا في عهد الامبراطور هيلا سلاسي وبعد عام واحد 1974م اطاحت طغمة عسكرية بنظام هيلاسلاسي وأدار الدولة مجلس عسكري موقت برئاسة منجستو هيلاماريام وكان ذلك نذير شؤم لعلي شيخ عمر فطلب حق اللجوء السياسي الى جمهورية مصر العربية في 29 سبتمبر 1974م، وفي نهاية نفس العام شكل مع زملاء آخرين «جبهة الوحدة اليمنية» برئاسة الفقيد محمد علي هيثم.

علي شيخ عمر مع عبدالقوي مكاوي ومناضلين آخرين
كان علي شيخ عمر من الاعضاء المؤسسين للتجمع القومي للقوى الوطنية في الجنوب اليمني عام 1980م الذي ضم عبدالقوي مكاوي وشيخ الحبشي ومحمد علي هيثم وطه أحمد مقبل وسالم زين محمد وعلي القفيش وأبوبكر شفيق والشيخ فريد بن أبوبكر العولقي والشيخ سيف العزيبي وناصر احمد عرجي وغيرهم، وكان علي شيخ عمر أيضاً عضو اللجنة التنفيذية للتجمع.

من اليمين الشيخ فريد بن ابوبكر العولقي وابوبكر شفيق وعلي القفيش وعلي شيخ عمر وناصر عرجي
من اليمين الشيخ فريد بن ابوبكر العولقي وابوبكر شفيق وعلي القفيش وعلي شيخ عمر وناصر عرجي
علي شيخ عمر في ظل دولة الوحد:
بعد قيام دولة الوحدة عام 1990م اندمج اعضاء التجمع القومي في اطار المؤتمر الشعبي العام وأصبح علي شيخ عمر عضو اللجنة الدائمة وعضو مجلس النواب كما عين مستشاراً لوزير الداخلية.

شارك علي شيخ عمر مع آخرين في تأسيس فروع المؤتمر الشعبي العام في المحافظات الجنوبية والشرقية، وفي يناير 1994م اختار علي شيخ عمر العمل الطوعي في الدفاع عن الوحدة اليمنية من خلال وجوده وتأثيره في منطقة دثينة بمحافظة ابين.

صدر قرار رئاسي في منتصف 1994م بتعيين علي شيخ عمر محافظاً لأبين وتحمل مسؤولية كبيرة في حرب صيف 1994م وأعلن انحيازه للطرف الذي سمى نفسه «الشرعية».

علي شيخ عمر والمحطة الاخيرة التي سبقت وفاته
صدر قرار رئاسي في منتصف عام 1995م قضى بتعيين علي شيخ عمر محافظاً لشبوة وباشر مهام منصبه حتى العام 1997م حيث طلب من فخامة رئيس الجمهورية اعفاءه من منصبه لأسباب صحية. غادر علي شيخ عمر ارض الوطن في العام 2000م الى بريطانيا لتلقي العلاج هناك واستقر بعد ذلك في القاهرة، عاصمة جمهورية مصر العربية حتى وفاته في 7 ابريل 2003م مخلفاً وراءه رصيداً نضالياً كبيراً وسخطاً عميقاً على الحلقات المفرغة التي عاشها ويعيشها الوطن.

للفقيد علي شيخ عمر ثلاثة اولاد هم :1- شيخ، 2- سند، 3- معين، وأخذ نصيبه من التكريم التالي: 1- وسام الوحدة اليمنية، 2- وسام 30 نوفمبر، 3- وسام 14 أكتوبر، 4- ميدالية المليشيا السوفيتية في موسكو 1972م، 5- شهادة شكر وتقدير من المعهد العربي الديمقراطي، 6- شهادة شكر وتقدير من وزارة الصناعة (صندوق تشجيع الانتاج الزراعي والسمكي)، 7- رسالة شكر وتقدير من جامعة عدن. كما تمثل التكريم ايضاً في تشييع جثمان الفقيد علي شيخ عمر الى مثواه الاخير في مقبرة الشهداء في صنعاء يوم 7 أبريل 2003م وكان على رأس المشيعين فخامة الاخ الرئيس علي عبدالله صالح والاخ عبدربه منصور هادي، نائب رئيس الجمهورية والاخ عبدالعزيزعبدالغني، رئيس مجلس الشورى وعدد من كبار المسؤولين والمناضلين. كلمة شكر وتقدير ازجيها لشاعر أبين علي عبدربه التابعي الذي اهداني نسخة من كتاب تأبين الفقيد علي شيخ عمر وقد زيّن الكتاب بمرثية للاخ الشاعر التابعي ضمن مرثيات نثرية وشعرية عديدة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى