ضياع فلذات أكبادنا

> محمد عبدالله الموس:

>
محمد عبدالله الموس
محمد عبدالله الموس
في عهد مضى، وقد يحدث في بعض الأرياف الآن، كان طبيعياً أن نسمع عن فقدان نعجة أو عنزة أو حتى ثور أو حمار، وفي أسوأ الأحوال جمل، ومع ذلك يهب الجيران لمساعدة الجار الذي فقد ماشيته مستنهضين كل الخبرات، من قص الأثر إلى تتبع بقايا الفضلات، ذلك أن الماشية مسؤولية مالكها بصورة مباشرة، وإن وجدت مساعدة أمنية فهي من قبيل التطوع لا أكثر.

(مشير) و(حنان) ليسا من الماشية، فهما من فلذات أكبادنا التي تمشي على الأرض، مشير الزنداني (3) سنوات وحنان الصلوي (6) سنوات فقدا في ظروف أقرب إلى السرقة، فلو كان أحدهما تاه لوجده آخرون وأبلغوا عن ذلك، ولو كان حدث لأحدهما مكروه- لا سمح الله - لوجدت بقايا، ولو كان الهدف الحصول على الفدية لوصلت لأهلهم مطالب الخاطفين، ولأن أياً من ذلك لم يحدث فلا يوجد تفسير آخر للاختفاء سوى السرقة.

نسمي سرقة المال العام (من الفساد المالي) ونسمي السطو على حقوق الغير- عام أو خاص - (نهب أو فيد) ونظراً لاستشراء وديمومة هذه السلوكيات فقد صارت شيئاً مألوفاً في حياتنا وترتفع مكانة مرتكبيها في أذهان الناس لدرجة أن صاروا رجالاً مميزين، ولا نستغرب حين نسمع أحدهم يقول - لدى رؤيته سيارة فارهة لأحد قراصنة الحقوق العامة والخاصة - (سميخ) أو رجّال (بتشديد الجيم). فهل علينا أن نألف سرقة فلذات الأكباد وإن اختلف الفاعل، فبدلاً أن يكون (سميخ) نسميه (قعود الليل) أو (طاهش الحوبان) وغيرها من التسميات الخرافية المختلفة في المناطق اليمنية.

بغض النظر عن أسباب اختفاء الأطفال، ونجزم بأن (مشير وحنان) ليسا الأوائل ولن يكونا الأخيرين، فإن مسؤوليتهما تقع على المجتمع، وبدرجة أساسية على وزير الداخلية ويفترض أن يكون - منذ اختفاء الطفلين- مع أركان وزارته في مساءلة أمام البرلمان حول ما تعرض ويتعرض له الأطفال، هذا إن كنا نعتبر كل مواطن، وفي المقدمة الأطفال، في هذه البلاد مسؤوليتنا بغض النظر عن (الكنية) التي يحملها آخر الاسم (صلوي، زنداني، يمني بالمختصر المفيد) فالأمن تقع عليه مسؤولية حماية أفراد المجتمع بنفس درجة حماية الأجهزة الحكومية وأفراد السياح، وللأطفال خصوصية في هذه الحماية بوصفهم (المستقبل).

أطفالنا، ينقص طفولتهم الكثير، فهم يحرمون من طرق التعليم العصرية ومن المدارس المناسبة، وبسبب ضنك العيش يحرمون من كثير من متع الطفولة، وجريمة في حق مستقبل هذا الوطن أن يحرم أطفالنا من كل ذلك وغيره، وأن يعجز جيلنا الذي يحكم اليوم أن يؤمن لهم حق الحياة الآمنة.

مع احترامنا وتقديرنا لكل رجل أمن يحركه ضمير الواجب ودافع المسؤولية - وهم كثيرون - فإن المنطق يقول إن القتلة وناهبي حقوق الغير ولصوص فلذات الأكباد هم أيضاً من أعداء الوطن والمواطن، وهم أسبق في الملاحقة من طلاب يقطنون في مقر جمعية خيرية، فهل تسمعونا بشارة بالقبض على أحد لصوص الأطفال؟!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى