مع الأيــام..من أحق بالحوار .. (نوفاك) ام قضية هؤلاء؟

> أحمد عمر بن فريد:

>
أحمد عمر بن فريد
أحمد عمر بن فريد
في الأيام القليلة الماضية لفت انتباهي -إلى حد ما- خبر تناولته الصحف اليمنية مفاده (رفض) الكاتبة والمحللة السياسية الأمريكية (جين نوفاك) الحوار مع القاضي (حمود الهتار) .. ثم تأكدت بعد ذلك أن الصحيح في الأمر هو أن حواراً قد تم بالفعل في الولايات المتحدة ما بين نوفاك والهتار حينما زار الأخير بلاد العم سام مؤخراً، ولكن السيدة الأمريكية اعتذرت للقاضي عن إمكانية مواصلة الحوار (مرة أخرى) بفعل عدم قدرتها على القدوم من ولاية نيوجرسي -حيث تقيم- إلى واشنطن حيث تقع السفارة اليمنية وحيث مقرر للحوار أن يحدث مرة أخرى كما حدث وتم من قبل، وذلك نتيجة لمسؤوليات السيدة في ولايتها أولاً ولبعد المسافة ثانياً كما قالت في اعتذارها، ولكنها فضلت أن يستمر الحوار عبر البريد الإلكتروني .. وهو ما حدث وربما يحدث حالياً.

مبدأ الحوار مبدأ حضاري إنساني يمنح العقل ومكونات المنطق مساحات واسعة، ويمنح الديمقراطية مكانتها اللائقة، ويضع (العنف) بكل أشكاله وصوره في هامش الوسائل والخيارات الممكنة ما بين الإنسان ونظيره في أي مكان وزمان، ويضع (التعسف) و(القمع) ومصادرة حرية الكلمة خارج قائمة لغة التفاهم الممكنة واللائقة بالإنسان وكرامته وحريته .. ولأننا ندعو دائماً وأبداً إلى اعتماد لغة الحوار وسيلة لمعالجة قضايانا كافة فإنني أتساءل مستغرباً..لماذا كل تلك الحماسة والإصرار والجهود المبذولة للحوار مع (نوفاك) وحدها في حين لا تعتمد ولو نسبة ضئيلة من هذه الحماسة المنقطعة النظير للحوار مع (الداخل الوطني) سواء أكان هذا الداخل سياسياً أو اجتماعياً؟

ولأن الحوار السياسي (الجاد) بات مسألة تقترب من الاستحالة من حيث الحدوث على أرض الواقع فإن قضايا أخرى أقل وطأة وكلفة تدعو فعلياً للحوار والأخذ بعين الاعتبار ولو من باب الشفقة والرحمة واكتساب الأجر عند الله عز وجل ..سواء من قبل القاضي الهتار أو غيره.

ففي الفترة التي كان فيها خبر نوفاك والقاضي الهتار يحتل مساحات واسعة في أخبار الصحف المحلية وكان صوت أحد الزملاء الأعزاء يصلني عبر الهاتف محملاً ومثقلاً بكل معاني الاستغاثة واللهفة والنجدة، يخبرني فيه بصوت يائس محبط أن رجلاً مسناً يتجاوز السبعين عاماً يتعرض للموت حالياً في أحد سجون الأمن بمحافظة عدن، بسبب أمراضه الكثيرة التي تحتاج للرعاية والمراقبة الطبية وأفادني بأن هذا الرجل المسن وخمسة آخرين يقبعون معه في المكان نفسه قد احتجزوا على خلفية ضمانة شخصية كانوا قد تقدموا بها بعدم مغادرة بعض الشباب المتطرف خارج الوطن.. إلا أن فعلهم الإنساني النبيل الذي قدموه لأهالي الشباب لم يشفع لهم عند هؤلاء (المضمونين) فكان خروجهم إلى العراق حيث قتل من قتل وسجن منهم من سجن. وإزاء هذه المسألة المعقدة وجد هؤلاء المساكين أنفسهم أمام خيارين أحلاهما أمر من الآخر بكثير، فهم مطالبون إما بإحضار من ضمنوهم (من تحت الأرض) كخيار أول، أو بقائهم رهن الاعتقال والحجز والعذاب إلى حين عودة الهاربين بأنفسهم كخيار ثان. ولأن عودة من هرب وفر ولم يقدر (الجميل والعرفان) أمر مستحيل، إما بحكم الموت أو بحكم الحبس في سجون العراق فإن الخيار الأول الذي يتكبد عناءه المظلومون حالياً بات هو سيد الموقف وسيد الصمت ومحدد تقرير المصير. الغريب في الموضوع كله والأمر المؤسف والمحزن في الوقت نفسه أننا في مثل هذه القضية نواجه ظرفاً محلياً تكون فيه مسألة الحوار مع سيدة أمريكية تبعد عنا آلاف الكيلو مترات أمراً مرغوباً ومرحباً به .. بل وتبذل الجهود الحثيثة من أجل إنجاحه وإخراجه إلى النور في حين أن الحوار مع هؤلاء المساكين، أو مع من أصدر قرار سجنهم واعتقالهم أمراً غير ممكن ولا يستحق (عناء) أحد أن يتجشمه ويبادر من أجله ولو من ناحية إنسانية صرفة بغض النظر عن النواحي الحقوقية الوطنية المحيطة به من كل جانب.

أتوجه عبر هذا المقال إلى الأخ القاضي حمود الهتار، مطالباً إياه أن يبادر بحل هذه (المعضلة) التي تفتك بحياة أبرياء مساكين لا ذنب ولا جرم لهم سوى أنهم جسموا و جسدوا كل معاني النخوة والشهامة والنجدة حينما تطلب الأمر منهم ذلك، على أن يكون الحوار وفقاً لقاعدة شرعية عظيمة تقول: (لاتزرو ازرة وزر أخرى) .. والله من وراء القصد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى