انطباعات عن زيارة لحضرموت

> محمد عبدالله باشراحيل:

>
محمد عبدالله باشراحيل
محمد عبدالله باشراحيل
خلال فترة الأسبوعين الماضيين التي قضيتها في محافظة حضرموت وتجولت في بعض مديرياتها الساحلية ودخلت اسواقها والتقيت في منتدياتها ومقايلها بعدد من مثقفيها وتجارها وصياديها ومقاوليها ومن عامة الناس، الأمر الذي ساعدني في الخروج بانطباعات تحمل الفرح تارة وتحمل الحزن تارة أخرى والناتجة عن مشاهدات حية ولقاءات مباشرة ومن تلك الانطباعات الآتي:

1- يلاحظ الزائر حالياً لمدينة المكلا أنها تعيش فترة نهضة حداثة رائعة في بناء المشاريع والطرقات والجسور والساحات، زادت من جمالها الخلاب، واضاف خورها مظهراً حضارياً كثغر باسم لكل قادم اليها، وهذه الإنجازات العظيمة تجعلنا نسجل تقديرنا لكل القائمين عليها من قيادات المحافظة وكوادرها ولكل من ساهم ولو بوضع حجر في هذا العمل الكبير. وما يمكن أيضاً قوله في هذا الصدد أن الحداثة لها أهميتها في العملية التنموية، ولكن مفهوم التنمية أشمل وأوسع والذي يعتبر الانسان وسيلتها وغايتها، والحداثة جزء منها، ولكي تستكمل وتتوازن التنمية فمن الضروري الاهتمام بالقضايا الراهنة والمتمثلة بدرجة أساسية في انخفاض المستوى المعيشي والبطالة والفقر وتدني الخدمات الصحية والتعليمية.

2- هناك ارتياح كبير من معظم فئات الناس للجهود التي يبذلها الأستاذ العميد عبدالقادر علي هلال، محافظ حضرموت واهتمامه ومتابعته الشخصية للمشاريع المنفذة في المحافظة وبقدر ما تسمح له صلاحياته والنظم المالية المعمول بها في الدولة.

3- تفاني وإخلاص الكوادر الفنية والمستثمرين من أبناء حضرموت لمحافظتهم، الأمر الذي يؤكد أن الوطنية تبدأ من المواطنة بدءاً من الحارة (الحافة) أو القرية أو المدينة فالمديرية فالمحافظة ولو عمل كل منا بإخلاص لموطنه سيعم النمو والازدهار الوطن بكامله.

4- يشكي المقاولون المحليون الذين نفذوا مشاريع لاحتفالات 22 مايو 2005 بالمكلا من عدة أمور منها: أ) تغيير العقود التي ابرموها مع إدارة المحافظة واستبدالها مركزياً بعقود لاحقة صادرة من صنعاء، خفضت فيها المبالغ بين 10-15% من قيمة العقد، وقد قُبلت فقط تقديراً منهم لشخص المحافظ وتفادياً للحرج الذي قد يواجهه تطبيقاً للقول "من أجل عينين تكرم مدينة".

ب) يتم تقييم العمل المنجز من قبل أشخاص يوفدون من صنعاء للتصديق على ما نفذ من مشاريع، وكأن محافظة حضرموت خالية من الفنيين الذين يمكنهم القيام بعملية لتقييم. والمشكلة تكمن في العقلية التي تفكر بمنطق "خلي الناس تعيش ويا بخت من نفّع واستنفع" وتمرير الأمور بأية صورة دون مراعاة للتكاليف والجودة وتطابقها مع المواصفات المبينة بالعقد.

ج) لا يتم صرف الشيكات المستحقة للمقاولين إلا مركزياً من صنعاء، ناهيك عن طابور التوقيعات المطلوبة في الاستمارات العديدة قبل اصدار الشيك، وليس هناك توقيع بدون مقابل.

5) الصيادون مستاؤون للغاية من صدور القانون الأخير بشأن الاصطياد البحري، خاصة وأنهم قد رفعوا ملاحظاتهم مكتوبة وناقشوها مع جهات الاختصاص في العاصمة صنعاء ولم تؤخذ في الاعتبار تلك الملاحظات عن مسودة القانون، ويتوقعون أن يسبب القانون الصادر مشاكل جمة عند تطبيقه على الواقع العملي.

6- بروز ظاهرة سرقة مكائن الصنابيق والهواري من السواحل والتي كان آخرها ما حصل في شواطئ مدينتي الشحر وقصيعر قريباً.

7- ترى الحسرة في أعين أبناء المحافظة وهم يشاهدون بأم أعينهم سطو الآخرين على أراض في مناطقهم أو توزيعها على غيرهم والتي غالباً ما تباع نقداً ولا تستثمر في حين هم بحاجة لها لبناء مساكن خاصة بهم. والقصص في هذا الخصوص كثيرة، فقصة قطعة الأرض بالمكلا معروفة والمسماة "البرتقالة" والتي صرفت لاحد أبناء المسؤولين في صنعاء، وتلاها صرف هضبة كاملة فوق منطقة حله قرب المكلا لأحد المشايخ من هناك، وبعدها وليس آخرها ما حصل قبيل أيام من عيد الأضحى الماضي حيث قدم أحد المشايخ إلى إدارة الأراضي والإسكان بمدينة الشحر وبرفقته ثلاثة اطقم مسلحة وبيده تعليمات من جهات عليا بصرف قطعة أرض شرق المدينة بلغت مساحتها 125000 متر مربع لغرض استثماري. وسؤالنا لماذا الأطقم المسلحة؟ وهل هي للزينة أو الجاه أم الترهيب؟ وأيا كان نوع الرد فكلها مرفوضة في حضرموت وفي كافة المحافظات الجنوبية.

وختاماً: فإن ما تحقق من انجازات في مدينة المكلا يستحق الإعجاب والتقدير وكان خلفه رجال أبدعوا ولهم لمسات واضحة وقدموا الكثير من الجهد المضني والعطاء، والأجدر بالدولة أن تمنحهم على الأقل شهادات تقدير، كما أنه مطلوب من الدولة أن تتخذ خطوات جادة للحد من الفساد أو القضاء عليه خاصة وأن المفسدين متحدون ومتكاتفون لا أحد منهم يخون الآخر ولا ينقض عهده وأمناء في إيصال نصيب كل فرد من المجموعة إلى داره أو إلى حسابه في البنك من الغنيمة التي يحصلون عليها. وإذا كان لينين الشيوعي قد وضع شعار "يا عمال العالم اتحدوا" فإن المفسدين يضعون شعار "يا مفسدي اليمن اتحدوا" ففي وحدتهم ضمان لاستمرارهم وقوتهم وقد أصبحوا يمثلون فساداً مؤسسياً وليس مجرد ظاهرة عرضية عابرة.

Mabashrahil @ hotmail.Com

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى