وتلك الأيــام..حرب الحروف

> صالح علي السباعي:

>
صالح علي السباعي
صالح علي السباعي
تستطيع أن تقول هذا الإنسان صديقي.. لكنك لا تستطيع أن تقول هذا المسؤول صديقي..فالصداقة لدى بعض المسؤولين هي المصلحة، صديقهم من كان صديقاً لمصالحهم، يشيد بجهودهم الدؤوبة التي يبذلونها في سبيل التطور أو الرفاهية، إذا فعلت هذا فأنت صديقهم، أما إذا أثرت قضية تهم حياة الناس وتتعارض مع مصالحهم وما يريدونه، فإن صداقتهم لك سوف تتحول إلى عداوة بأشكال متعددة، رغم أن سبب تلك العداوة قد لا يتعدى مجرد دعوة إلى إصلاح الحال هنا أو هناك أو رفع ظلم عن إنسان يعاني من ظلم أو ضياع حقوقه، أو أنك صاحب صحيفة اختارت طريقها لمؤازرة قضايا الناس وتنوير المجتمع ومناصرة الحق وكشف الباطل.

هذا العداء من قبل البعض من الطامحين إلى مراكز المسؤولية سببه أن هؤلاء يشعرون أن الصحيفة تكشف بعض السلوكيات وتقصف مواقعهم وتزيل أقنعتهم أمام القيادات العليا التي لا تقبل تلك الممارسات تحت أي مبرر، ومن ثم فهم يحاولون الظهور أمام القيادات العليا بمظهر الحريص المخلص، ويشعرون بأن الصحيفة تكشف وتظهر ما لا يريدونه أن يظهر، وهذا الوضع يؤخر مسيرتهم نحو المراكز القيادية والمناصب الوزارية، ولذلك نرى البعض يؤذي الصحيفة أو من يكتب فيها، وذلك بقصد إيقاف ما يقومون به حتى لا يعرف الناس ما يحدث من حولهم، متناسين أن ما حدث تحت الشمس سيعرفة الناس لا محالة، والشيء الوحيد الذي لن يعرفه الناس هو ما لم يحدث.

وفي الأزمنة السابقة حاول بعض المسؤولين من خلال مواقعهم إغلاق الصحف وتشريد أصحابها، وحاربوا أصحاب الأقلام وضيعوهم ثم ضاعوا معهم، حيث انهار كل شيء، وأصبح الكثيرون ممن مارسوا تلك الأفعال يعض أصابع الندم على ما اقترفه في حق الآخرين.. ولكن بعد فوات الأوان. والمؤسف أنه بعد مضي هذه الحقبة الزمنية لا يزال البعض يمارس التصرفات نفسها بوازع من حب التسلط. ورغم تطور العصر وتطور الإنسان بقيت بعض العقول كما هي لم تتغير، وكل ما حصل هو ازدهار تجارة الولاءات وأصبح الاشتراكي مؤتمرياً، والرابطي إصلاحياً، والبعثي ناصرياً وهلم جرا، وبقيت الكثير من الممارسات كما هي من جيل إلى جيل، وها هم كثيرون من أصحاب الأقلام يعانون مصاعب الحياة بينما يعيش أصحاب تجارة الولاءات في بحبوحة.

وها هي بعض الصحف المستقلة وعلى رأسها «الأيام» تعاني تلك الأوضاع نفسها التي عفى عليها الزمن، ربما لأن دورها لا يروق للبعض، وأن أصحابها يحملون أقلاماً بدلاً من البنادق، سلاحهم الكلمة التي يعكسون بها هموم الناس وحل قضاياهم ومن ثم رضى الناس هو الذي يخفف من معاناتهم وهو زادهم في سفرهم الطويل نحو المستقبل.

لقد حاول كثيرون في هذا العالم اغتيال الحرف والكلمة ومحاربتها، ولكن كل تلك المحاولات لم تنجح، وبقي الشعراء والكتاب وأصحاب الصحف رغم ما لاقوه ويلاقونه من أذى، لأنهم مؤمنون بأن ما حدث وسيحدث في هذه الحياة هو بمشيئة الله سبحانه وتعالى وسيبقى نداء الشاعر والكاتب وصاحب الصحيفة لا يضيع أبدا، رغم عاديات الزمن، وقد قتلوا لوركا (أديب أسباني) وهو نائم تحت شجرة ولا يحمل بندقية، وقتل بوشكين في مبارزة دبرها القيصر الروسي، ومات المتنبي مقتولاً في غارة مشبوهة على يد فاتك الأسدي، لكن أصوات هؤلاء لم تمت وبقيت تخترق الزمن إلى ما شاء الله.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى