انتقادات اميركية وأوروبية حادة لليمن بعد فرار سجناء من الأمن السياسي

> برلين/واشنطن «الأيام» مارك تريفيليان المراسل الأمني ومتابعات:

>
وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفلد
وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفلد
اعتبر وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفلد أمس الجمعة ان فرار عناصر مفترضين من تنظيم القاعدة من سجن يمني يشكل "عارا"، معربا عن الامل بقرب القبض عليهم,وقال رامسفلد في مؤتمر صحافي على هامش اجتماع مع نظرائه في حلف شمال الاطلسي في تاورمينا بصقلية (ايطاليا) "انهم اناس خطيرون، ونجاحهم في الفرار هو عار".

واضاف "امل ان يتم اعتقالهم مجددا". ووجه البيت الابيض انتقادات حادة امس الاول الخميس الى اليمن على اثر فرار 23 عنصرا مفترضا من القاعدة كان حكم على بعض منهم بالسجن لمشاركتهم في الاعتداءين على المدمرة الاميركية كول وناقلة النفط الفرنسية ليمبورج.

ووصف البيت الابيض هذا الفرار بأنه "مخيب للآمال"، معتبرا انه "موضوع يسبب قلقا كبيرا".

وبينما كان بوش يشيد بالتعاون الدولي في مكافحة الارهاب قالت للصحافة مستشارة الرئيس جورج بوش لشؤون مكافحة الارهاب فرنسيس فارغوس تاونسند "اجد ان التطورات في اليمن ليست مخيبة للامال فقط لكنها ايضا موضوع يسبب لنا قلقا كبيرا".

وتعرضت ادارة بوش لانتقادات من المعارضة الديموقراطية بسبب ليونة رد فعلها على عملية الفرار في اليمن.

وقد بررت تاونسند القلق الاميركي بالقول "شعرنا بالاحباط لوضعهم في مكان واحد، وشعرنا بالاحباط لأن القيود التي كانت مفروضة عليهم لم تكن اكثر تشددا".

وقالت ان الولايات المتحدة طلبت عبر سفيرها من اليمن "اقوى واشد التعاون شفافية" لاستعادة الفارين.

وتتعاون الولايات المتحدة ايضا مع حليفها السعودي للعثور عليهم لان بعض الفارين سلموا الى اليمن من قبل السعودية التي تواجه اليوم "تهديدا كبيرا اذا لم يكن اكبر منا"، كما قالت تاونسند.

وأعرب العضوان البارزان في مجلس الشيوخ الأميركي السيناتور كارل ليفن، الذي يمثل ولاية ميشيغان والسيناتور تشارلز شومر من ولاية نيويورك، وهما من الحزب الديمقراطي المعارض، عن غضبهما الشديد، حيال ادارة الرئيس جورج بوش بسبب ما وصفاه «الرد الفاتر» على حادث هروب 23 من عناصر «القاعدة» من سجن الأمن السياسي في اليمن، وقالا إن ما حدث ليس مخيبا للأمل فقط، بل أكثر من ذلك بكثير، وأن رد الحكومة الأميركية هو المخيب للآمال. وأبدى السناتوران في مؤتمر صحافي في واشنطن، استغرابا من كيفية الهروب من سجن تحت الأرض محروس جيدا عبر نفق، بلغ طوله 460 قدما، حفر من مسجد مجاور. وانتقد ليفين بشدة، رد فعل البيت الأبيض والخارجية الأميركية على عملية الهروب، ووصفهما لما حدث بأنه «تطور مخيب للآمال»، قائلا إن مثل هذا الرد غير كاف، بل يمثل خيبة أمل. وأوضح قائلا «من الغريب أن الناطق باسم البيت الأبيض والناطق باسم الخارجية، استخدما نفس العبارة (مخيب للآمال) في وصفهما لما حدث، وكأنهما يقرآن من ورقة واحدة كتبت لهما حول القضية، والواقع أن ما حدث لم يكن مخيبا للآمال فحسب، بل أمر مروع بكل تأكيد». وقال ليفين إن هناك أسئلة يجب على حكومة الرئيس بوش، أن تحصل على إجاباتها، ومن بينها ملابسات الهروب، وكيف حدث ذلك الحفر الهائل للنفق؟ ولماذا لم يتم اكتشاف عملية الحفر قبل الهروب؟ ومن هم الشركاء الخارجيين في عملية الحفر من داخل المسجد؟ وهل هناك شركاء متواطئون داخل الاستخبارات اليمنية في عملية الهروب؟»، وأضاف «نريد أن نعرف ما إذا كانت الاستخبارات اليمنية مخترقة من قبل متعاطفين مع القاعدة؟». واعتبر أن «الأهم من كل هذا ليس الرد القوي فقط على ما حدث، بل الضغط الجدي على الحكومة اليمنية، لقبول مساعدة أميركية (في التحقيقات)، لأنه لم يكن واضحا من تصريحات الناطق باسم الخارجية، ما إذا كانت واشنطن قد ضغطت على صنعاء، لقبول فريق تحقيق أميركي أم لا، رغم أن الناطق أبدى استعداد واشنطن لتقديم المساعدة في حال تلقيها طلبا من الحكومة اليمنية بذلك». من جانبه وصف السيناتور شومر، وهو عضو في اللجنة القضائية بمجلس الشيوخ، هروب السجناء بأنه تطور مثير للرعب، والأكثر إزعاجا من ذلك هو «أن تهز حكومتنا كتفيها وتصف ما حدث بأنه مخيب لآمالها». وأعرب شومر عن دهشته من هذا التناقض قائلا، إن الحكومة الأميركية أمضت شهورا تدافع عن التجسس على هواتف المواطنين الأميركيين، بدون موافقة قضائية في سبيل القبض على عناصر «القاعدة»، وهذا هدف جيد، ولكن الأفضل هو مراقبة واعتقال عناصر «القاعدة» ( في البلدان الأخرى)، لدى اعتقالهم وعند هروبهم. وواصل شومر حديثه مخاطبا الحكومة الأميركية «لديكم معلومات جيدة عن العثور على عناصر في القاعدة.. لقد اعتقلوهم ثم حاكموهم وبعد ذلك هربوا!.. والسؤال هنا لكي نكسب الحرب على الإرهاب، ألا يمكننا أن نقوم بعمل واحد فقط.. يجب أن نقوم بعمل كل شيء، وليس التجسس على هواتف مواطنينا فقط، من دون أن نعير اهتماما كافيا للمنبع الأم للإرهابيين في اليمن، فهروبهم يظهر أننا لسنا بحاجة إلى زعامة قوية، بل قيادة قادرة وكفؤة لكسب الحرب على الإرهاب». ورفض ليفين وشومر القول بأن السجون السرية هي الحل الأنسب لتجنب هروب السجناء، وقالا إن السجون السرية لا تضمن عدم انتهاك حقوق الإنسان، ولا عدم هروب السجناء ايضا، والأهم من ذلك هو تأمين السجون ضد الهروب، سواء كانت معروفة أو سرية بمعرفة السلطة القضائية في البلدان التي يحتجزون فيها. وشدد ليفين على أنه في حالة الهروب يجب أن تقدم الدولة التي هرب السجناء منها، ضمانات فورية بأنها ستحقق في كيفية حدوث الهرب، ومحاسبة المتورطين من مسؤولي ذلك البلد، وقبول المساعدة المعروضة عليهم من قبل أناس ذوي خبرة في سبيل إعادة إلقاء القبض على الفارين. وكرر ليفن مطالبته للحكومة الأميركية بالضغط على الحكومة اليمنية، لقبول مساعدة مكتب المباحث الفيدرالية (إف.بي.آي)، مثلما فعلت بعد تفجير المدمرة كول في ميناء عدن في الثاني عشر من أكتوبر2000. وردا على سؤال حول طبيعة الضغط المطلوب هل من المفترض أن يقتصر على الجهد الدبلوماسي أم أكثر من ذلك، قال شومر يمكن أن يتم بأي شكل من الأشكال، غير هز الكتفين والاكتفاء بالقول «لقد خاب أملنا». أما السيناتور ليفن فقال «على وزيرة الخارجية، أن ترفع سماعة الهاتف وتقول (لليمنيين)، إن هذا الأمر خطير جدا جدا بالنسبة لنا، إننا نريدكم أن تدركوا بأننا لا نعرض المساعدة فقط لجمع الأدلة حول كيفية حدوث الهروب، بل إننا نطلب منكم أن تسمحوا لنا بالمجئ إلى بلادكم، والانضمام إليكم من أجل إعادة إلقاء القبض على هؤلاء». وأعاد ليفين التذكير بأن عددا كبيرا من العائلات الأميركية، ما زالت حزينة على أقاربها من البحارة، الذين قتلوا في الهجوم على المدمرة كول، وان «القاعدة» هي التهديد الأكثر خطورة الذي يواجه الأميركيين، وقال «علينا أن نواجه هذا الخطر بالأفعال، وليس بالأقوال والخطابة فقط». وعلى عكس تعليق البيت الأبيض والخارجية الأميركية الذي وصفه أعضاء في الكونغرس الأميركي بـ«الفاتر» ، أفصح وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد عن قلقه البالغ لهروب عناصر من أعضاء «القاعدة» من سجنهم في اليمن، محذرا من أ ن الحادث يمثل «مشكلة خطيرة». جاء ذلك في حديث أدلى به للصحافيين عقب إدلائه بشهادة أمام لجنة الميزانية في الكونغرس ، قال فيه «إن الأفراد الهاربين كانوا متورطين بصورة كبيرة في نشاطات «القاعدة» ، ولبعضهم صلة مباشرة بالهجوم على المدمرة «كول» ومقتل بحارة أميركيين كانوا على متنها ، لذلك فإن هروبهم يمثل مشكلة خطيرة».

وزاد الانزعاج الامريكي بعد الانتهاك الامني الخطير بسبب حقيقة أن رد فعل اليمن اتسم بالبطء وأن تعاونه مع الشرطة الدولية (الانتربول) لم يكن بشكل كامل رغم تصريحاته بعكس ذلك.

ولا يزال الهاربون طلقاء بعد مرور أسبوع على هروبهم. ووزعت الشرطة الدولية تحذيرات بشأنهم يوم الثلاثاء لكنها قالت إنها لا تستطيع إصدار أعلى المذكرات الأمنية درجة بخصوص المطلوبين الدوليين لأنها لاتزال تنتظر من اليمن إر سال بصمات الرجال ومذكرات اعتقالهم.

وقال مسؤول أوروبي في مجال مكافحة الإرهاب إن رد الفعل اليمني "المحدود" لم يساهم سوى في تعزيز الانطباع بأن عملية الهروب تمت على الأقل بمساعدة من السلطات.

وقال "من المستحيل أن تكون (العملية) تمت دون ضلوع حراس السجن أو إدارته.. إنها (عملية) كبيرة للغاية ومخطط لها بعناية...لابد أن يكون هناك بعض المشاركة من..لنقل..عناصر رسمية في اليمن." وقتل عناصر تنظيم القاعدة 17 بحارا أمريكيا في 12 اكتوبرعام 2000 عندما فجروا المدمرة الامريكية كول في ميناء عدن بزورق محمل بالمتفجرات. وبعد ذلك بعامين أسفر تفجير استهدف ناقلة النفط الفرنسية ليمبورج قبالة ساحل اليمن عن مقتل أحد أفراد طاقمها.

وفي أعقاب هجمات 11 سبتمبر أيلول أرسلت الولايات المتحدة مستشارين عسكريين إلى اليمن في عام 2002 لتدريب قوات الحكومة على اقتفاء آثار فلول تنظيم القاعدة.ومن بين من هربوا الأسبوع الماضي جمال بدوي العقل المدبر للهجوم على المدمرة الامريكية كول.

وفي عهد الرئيس علي عبد الله صالح حاول اليمن تغيير صورته السابقة بأنه مأوى للمتشددين. لكن مسؤولين أمريكيين وأوروبيين يقولون إن سجل اليمن متضارب.

ويرى هؤلاء المسؤولون أنه في بلد فقير مجتمعه عشائري ونسبة البطالة والأمية فيه مرتفعة فإن الحكومة تواجه صعوبات في فرض سلطاتها كاملة.

وقال مسؤول أمريكي في مجال مكافحة الإرهاب إن تعاون اليمن "مثل سعر السهم يصعد حينا ويهبط حينا أخرى...نعم لدينا بعض النفوذ والأموال والمساعدات.. لكن في النهاية يتعين على صالح أن يتعامل مع القضايا المحلية الملحة أيضا." وقال مسؤول امريكي ثان ان "الحكومة تبذل ما في وسعها لكن النتائج ليست متسقة." لكن على الصعيد الإيجابي أشار المسؤول إلى عدد من القضايا التي حاكم فيها اليمن مهندسي الهجمات على المدمرة كول والناقلة ليمبورج إلى جانب مشتبه بهم في إطلاق النار على ثلاثة أمريكيين في عام 2002 والتخطيط لاغتيال السفير الأمريكي في عام 2004.

بيد أن المخاوف الأمريكية تشمل أيضا إطلاق سراح بعض السجناء من المتشددين الذين تعتبر الحكومة أنه أعيد تأهيلهم. وتعتبر واشنطن ذلك قصورا من اليمن في مكافحة تمويل الإرهاب.

ومن بواعث القلق الأخرى التي انتابت الولايات المتحدة لفترة طويلة مسألة مراقبة الحدود اليمنية مع السعودية التي يبلغ طولها 1450 كيلومترا.

قال نواف عبيد وهو مستشار أمني سعودي إن رد فعل السعودية على واقعة الهروب تمثل في زيادة الدوريات ومراقبة منطقة الحدود بطائرات الهليكوبتر.

وعندما سئل عما إذا كان السعوديون يعتبرون اليمن شريكا أمنيا فعالا أجاب "إنهم يبذلون أقصى ما في وسعهم لكن وسائلهم ومواردهم محدودة. المراقبة الحدودية الحقيقية تتم على الجانب السعودي." وقال المسؤول الأوروبي في مجال مكافحة الإرهاب إن مخاوفه لا تقتصر على حادثة الهروب. ونفذ رجال قبائل يمنيون أربع عمليات خطف لغربيين في غضون شهرين في أواخر العام الماضي رغم إطلاق سراح الرهائن في نهاية المطاف.وأضاف "في الآونة الأخيرة..في الأشهر الثلاثة إلى الخمسة الأخيرة حسب علمي..يبدو أن الوضع الأمني يتدهور في مجالي الخطف والجريمة وربما مكافحة الإرهاب." رويترز...شارك في التغطية كارولين دريس وريتشارد كوان في واشنطن

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى