تعديلات في مرحلة لا تقبل (الترقيع)

> أحمد عمر بن فريد:

>
أحمد عمر بن فريد
أحمد عمر بن فريد
يتشابه التعديل الوزاري اليمني (الواسع) مع نظيره السوري (الواسع)، ليس فقط من حيث توقيت التعديلين المتزامنين في اليوم والساعة، وإنما من حيث عدد الوزراء القادمين والخارجين من (بوابة الحكم) ذات الخصائص المتشابهة في التهالك والقدم، والتي لم تعد قادرة على مجابهة تحديات المرحلة الراهنة في كلا البلدين. ويكمن التشابه أيضاً، في اعتماد النظامين، أسلوب (التكتيك المرحلي) بهدف ترحيل الحلول (الصعبة) والهروب من مواجهة (الحقيقة المرة)، حتى ليبدو مشهد (دخول وخروج) رجال الحقائب والمهام الوزارية، من البوابة القديمة ذاتها، مشهداً مملاً ومكرراً على المسرح السياسي اليمني، ولم يعد بمقدوره- على كثرة تكراره- انتزاع ابتسامات الأمل والتفاؤل، والطمأنينة في نفسية المواطن اليمني.

وعلى الرغم من اعتماد أسلوب التكتيك أو (الترقيع)، كخيار يبدو (استراتيجيا) لأصحاب القرار في بلادنا، إلا أن النتائج يمكن أن تكون ذات تداعيات سلبية، حينما لا يكون حتى هذا الأسلوب أو النهج- الخاطئ من أساسه- موفقاً في مكوناته وأوامره المناط بها تقديم الحلول الممكنة في هذه المؤسسة الحكومية أو تلك، وهو ما ثبت من خلال بعض التعديلات التي طالت بعض الحقائب الوزارية، بشكل غير متوقع، وسلمت لآخرين على طريقة (الترويع والصدمة) في لحظات مفاجئة ومربكة للطرفين.. أو حتى في بعض المناصب الأخرى التي تبدلت فيها بعض الأسماء (اللامعة) بأسماء أخرى.. حتى بدت المسألة بمجملها محيرة وغير مفهومة في كثير من جوانبها، وإن كان من الحق أن نقول إن هذه التعديلات كانت (الأجرأ) مقارنة بما سبقها من تعديلات، من حيث إطاحتها بكثير ممن اقترنت أسماؤهم ومناصبهم الوزارية بالفساد.

ففي رأيي الشخصي- وربما في رأي الكثيرين من سكان عدن- أن عملية نقل المحافظ الناجح يحيى الشعيبي لم تكن بالخطوة الموفقة ولا هي بالمرضية لمن يعنيهم الأمر ويخصهم هنا في محافظة عدن، وقد لمست مثل هذا الرأي واضحاً في كلام وأعين من تحدثت معهم في هذا الشأن، على أرض الواقع، حيث عبرت الغالبية منهم عن مشاعر الحزن والإحباط إزاء هذا التغيير المفاجئ، على اعتبار أن الرجل بالذات كان الأقرب إلى قلوب سكان عدن مقارنة بمن سبقه من المحافظين في جميع المراحل المختلفة، نظراً لحجم العمل والإنجازات التي قدمها الشعيبي لهذه المدينة العريقة، والتي فاقت بمجموعها منفردة، ما قدمه نظراؤه الآخرون، منذ أن تولى أمرها (الكادر الوطني) على مر العقود التي تلت الاستقلال حتى يومنا هذا، مع خالص تمنياتنا للمحافظ الجديد (الكحلاني) بالتوفيق والنجاح.

ولا يبدو لي أيضا- وعلى سبيل المثال- أن الأخ وزير الدفاع السابق عبدالله علي عليوه المعين مستشاراً لرئيس الجمهورية، مسؤول عن ظهور حالة (ثغرة عسكرية) في معركة حربية (وطنية) لم تحدث أصلاً، ولا هو - بطبيعة الحال- مسؤول عن الظروف الملائمة، التي تسببت في حفر (النفق المظلم) الذي تسرب من خلاله (23) هارباً من سجون (محصنة) كما يتسرب الماء من بين أصابع اليد الواحدة، حتى تتم عملية إحالته من منصبه بهذا الشكل المفاجئ!.. وإن كان لي من مأخذ على هذا الوزير بالذات أو من سبقه من الوزراء في وزارة الدفاع، هو عدم مقدرتهم الوقوف ضد (الباطل) حينما جار بشكل غير مسبوق، على زملاء السلاح والواجب من المتقاعدين العسكريين الجنوبيين في ملفهم الساخن المشهور، الذي نتمنى على خليفته الجديد التعاطي معه بروح وطنية (وحدوية) باحثة عن الحق والقانون لا أقل ولا أكثر.

كما أنني لا أرى في نقل وزير الثروة السمكية الدكتور علي مجور، ما يدل على الحكمة والروية في مثل هذا الانتقال الغريب، لرجل عمل جاهداً طوال ثلاث سنوات مضت، لتأسيس قاعدة استراتيجية وطنية للاصطياد بكل أنواعه، حتى إذا ما تعرف على مختلف مكونات (صناعة) الثروة السمكية، وأدرك حجم ما تعنيه من ثروات طبيعية غير ناضبة، تفاجأ بمن ينقله وحقيبته إلى مؤسسة أخرى، لا علاقة لها نهائياً بما تراكم لديه من خبرات ومعارف .

هذه بعض الملاحظات التي نسوقها كسلبيات حكومية على تعديلات فضلت ورأت، وفقاً لحساباتها الخاصة، أن (التكتيك المرحلي) يمكن أن يتقدم على (الاستراتيجية الوطنية)، التي نجزم أن جل ما تتطلبه (إرادة سياسية) حقيقية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى