الفساد.. في ظاهرة الاقطاعيات الحكومية العامة

> عامر علي سلام:

>
عامر علي سلام
عامر علي سلام
لعلنا من النظر إلى واقع الحياة العامة في بلادنا ومتابعة ما آلت إليه أوضاع الإدارات الحكومية في مختلف قطاعات الدولة وأجهزتها، نجد أن سوء استخدام السلطة الإدارية والمالية في كثير من مرافق الدولة بدءاً من الوزارات حتى مكاتب الإدارات العامة في المحافظات اليمنية قاطبة قد بلغ ما يمكن تسميته بـ «الإقطاعيات» العامة للدولة، فنجد تقريباً أن كل وزارات الحكومة اليمنية قد غدت اليوم بحكم إقطاعياتها الوظيفية خاصة لهذا الوزير أو ذاك!! وبالمثل نجد كل مؤسسة أو إدارة عامة تابعة لها يوضع على رأسها من يعتقد بأنه هو «الآمر والناهي» والمتحكم بكل مقدرات مؤسسته أو إدارته العامة «كمدير عام» يتصرف بما يؤول اليه فكره واعتقاده بمقدرات مؤسسته وإدارته، طالما يضمن في البدء عدم المحاسبة، أو يضمن المحسوبية المتوالية لمن هو أعلى منه منصباً!! ويحق له فصل أو تعيين من يريد في الوظيفة العامة.. كما يحق له تصريف ميزانية مرفقه السنوية ومخصصاتها الإدارية والمالية، كيفما تهوى إرادته وإرادة بطانته المقربة، وطالما في استطاعته الاحتيال والتغيير والتزوير وحق التصرف والصرف ضمن صلاحيات ممنوحة له.. في غياب المحاسبة والتدقيق!!

وظل ولازال هؤلاء الاقطاعيون.. الحكوميون.. المتنفذون بسلطة الدولة وحكومتها يعيثون بالأرض اليمنية فساداً.. طال الأخضر فيها قبل اليابس فيها حتى ذرات الرمال..!! وبالتالي تفشي الفساد العام.. وأصبح الفساد المالي والإداري في اليمن ظاهرة.. قدر لها بعد كل هذه السنين أن تغدو ظاهرة اجتماعية واقتصادية عامة.. لا يكترث لها كائن من كان، مبعثها في الأساس كل الاختلالات والمغالطات الواضحة في الأداء المالي والإداري لكل أجهزة الدولة حتى العبث الفاضح والتصرف بالمال العام، كأنه حق شرعي لكل من يمكن له أن يطاله (من الوزير حتى أمين الصندوق والغفير)!!

وظهرت في بلادنا خلال السنوات الأخيرة فئة (كبار موظفي الدولة) الذين استغلوا الوظيفة العامة أسوأ استغلال!! واستطاعوا العبث بمقدرات وموارد الدولة الاقتصادية والاستئثار بمخصصات ميزانيتها في أقل ما يمكن اعتباره من مشاريع ومصارف للمال العام، لهم فيها نصيب الأسد.. وإن غاب الأسد، نجم عن ذلك انتشار الفساد العام في نهب المال العام، وبرزت فئة كبار موظفي الدولة الأثرياء (ثراءً غير مشروع ناجماً أولاً وأخيراً وبصورة شيطانية مختلفة عن تسخير موارد الدولة لهم.. كإقطاعيات خاصة كلاً في موقع سلطته وصلاحياته ومكانته الاعتبارية الوظيفية والحكومية)!! ولسان حالهم يقول: «فلتذهب كل مقدرات الدولة وتنميتها الحقيقية أينما تذهب، طالما لا يوجد لهذه الدولة هيبتها!! وطالما كلنا في الدخل العام من المال العام ومفرداته سواء». وفي يد كل منهم الورقة الرابحة من صاحبه!!

في حين أننا لا نجد من يتحمل مسؤولية حماية الأموال العامة والممتلكات العامة للدولة، وإن وجدت في شكل أجهزة حكومية مسماة فقط (للرقابة والمحاسبة) فإنها في غياب طويل وبعيدة من أن تطال ذوي الرقاب الطويلة في الدولة، وأيضاً إن وجدت الأجهزة القضائية والمحاكم الجنائية ذات الصلة بالمال العام، فإنها لا تستطيع أن تتجاوز خطها الأحمر ضمن صلاحياتها القضائية الممنوحة.. والتي تظل في تشريعاتها استثنائية لكل الأحوال!!، وتختفي (محاكم الأموال العامة) في أروقة العدل الاجتماعي.. وضياع الحق العام في مكاسب الوظيفة العامة وأعمدتها الحكومية الخرسانية المسلحة!

ويغدو ضياع أموال الدولة العامة بين المُعلن عنه.. والمخفي، والمسكوت عنه في زمن (مشيّ حالك.. أنت في اليمن)!!

فكيف لوطن.. يعاني مواطنوه حدة الفقر.. ويسعى لتخفيف الفقر والحد منه.. وتجفيف بؤره الاجتماعية والاقتصادية والسكانية (الديموغرافية)،.. حينما لا تقوى قواه العليا على تجفيف بؤر الفساد أو الحد منها، كيف له.. أن يعيش.. ويتطور.. وينمو.. ويتعافى.. كبقية أوطان الدنيا يا عالم؟!!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى