كهرباء ومياه أحور .. معاناة تمتد لأعوام وأعوام

> أحور «الأيام» أحمد المدحدح:

>
اعمدة الكهرباء في العراء
اعمدة الكهرباء في العراء
تعد مديرية أحور في محافظة أبين من أكبر المديرية من حيث مساحتها الواسعة التي تبلغ نحو 4384 كيلومتر مربع وسكانها حوالي 50 ألف نسمة وتمتلك المديرية ثروة اقتصادية هائلة في المجال الزراعي والسمكي والمعدني والحيواني وفي تربية النحل وغيرها من الثروات. أحور كانت بالأمس سلطنة العوالق السفلى (باكازم) أثناء فترة الاحتلال البريطاني لامتلاكها مقومات دولة بمعنى الكلمة، وعرف الناس في هذه المديرية نور التيار الكهربائي وشبكة مياه الشرب التي وصلت منازلهم مطلع الستينات في فترة السلطنة والاستعمار حينذاك من خلال إنشاء مؤسسة وتعيين لجنة لإدارة وتشغيل الكهرباء والمياه، هذا على سبيل المثال، فمدينة أحور عاصمة السلطنة في ذلك الوقت نالت الاهتمام في تأمين حياة الناس بالمشاريع الحيوية ناهيك عن العمل المؤسسي للعديد من الإدارات مثل البلدية والزراعة والصحة، كل ذلك لا يمكن نكرانه ولا يجعلنا نتجاوز أعمال الآخرين أو نلغيها.

أحور المديرية التاريخية والحضارية تعاني اليوم من أبسط المشاريع المهمة في حياة المواطنين، وما أقيم ونفذ من مشاريع أثبت فشله، كونها عرضة للنهب والفساد على حساب معاناة الناس، وما تعانيه أحور حالياً من توقف التيار الكهربائي وانقطاع مياه الشرب (ثنائي) وطأة الظلام الدامس ودوامة البحث عن مياه صالحة للشرب جعلنا نبحث في الأسباب الموضوعية والتحقيق في المسببات الحقيقة التي أدت إلى استمرار معاناة الناس المتكررة، مع تجاهل وأضح وفاضح من السلطة رغم أن تلك الخدمات هي من الحقوق المشروعة التي تقع على الدولة مسؤولية توفيرها للمواطنين، وهي خدمات نعموا بها اثناء الاستعمار البريطاني وحرموا منها اليوم.

عقب الثورة ورثت الدولة مبنى إدارة مؤسسة الكهرباء والمياه والذي يضم الإدارة ومبنى للمولدات، وشرعت في تغيير اليافطة لتصبح حالياً المؤسسة المحلية للكهرباء والمياه كما شكلت له ادارة تمارس عملها تحت إشراف السلطنة وما عملته هو مواصلة تشغيل التيار الكهربائي من الساعة السادسة مساء حتى الثانية عشرة بنقصان ساعة عن أيام الاستعمار الذي قام بالتشغيل من الساعة الخامسة، أما الماء فقد استمر بنفس الوتيرة التي كانت عليه حتى إقامة المشروع الياباني لمياه أحور الذي فشل من الوهلة الأولى لافتتاحه. ورغم أن التيار الكهربائي وشبكة المياه اقتصرت على مدينة أحور عاصمة المديرية في الفترة الماضية وحتى الآن إلا أنها لم تخلُ من الازمات المتكررة التي ظهرت من الوهلة الأولى في السبعينات، ومن أسباب العجز الكهربائي التوسع العمراني والذي انعكس أيضاً على عدم وصول مياه الشرب إلى كافة المواقع إضافة إلى إزدياد الاستهلاك من مياه البئر الموروث من الاستعمار أدى إلى ملوحة المياه، وكان أبناء أحور يرون أن الأمل لإنهاء معاناتهم من الازمة الكهربائية يكمن في إنجاز المشروع الموحد لكهرباء أحور وكذا إقامة المشروع الياباني لمياه أحور لوضع نهاية لاستمرار شرب مياه غير صالحة (مالحة) تسببت في إصابة المواطنين بأمراض الجهاز البولي. ويدرك المواطنون البسطاء أن إقامة هذين المشروعين في المقام الأول الهدف منه التلاعب باعتمادهما، طالما لم تكشف الجهات المسؤولة عن مشروع الكهرباء الموحد حجم كلفته المالية ودون أن تضع له دراسة استراتيجية للتوسع وزيادة الطاقة الكهربائية، فهذا المشروع تمثل في إقامة مبنى بجانب المبنى القديم الذي شيد إبان الاستعمار وكذا القيام باستبدال الاسلاك الكهربائية وتحويل الطاقة إلى ضغط عال وتوفير مولدين كهربائيين قوة كل منها(500) كيلو وات، وتم افتتاح المرحلة الأولى من هذا المشروع والازمة الكهربائية مازالت متفاقمة نتيجة للتوسع في المدينة بل إن المرحلة الثانية من المشروع ما هي الا أكذوبة فلقد مر (18) عاماً منذ أن قام المشروع بنصب الأعمدة الكهربائية لمناطق حضن محمد، الرواد، حناذ، الماني، والبندر ولكن الأهالي لم يروا النور، ويظل المشروع الياباني لمياه أحور الرافد الاضافي لهذه المعاناة بالرغم أن هذا المشروع بلغت تكلفته نحو (500) مليون ريال بدعم من الحكومة اليابانية، وتحت إشراف الهيئة العامة لكهرباء ومياه الريف والذي تم افتتاحه عام 99 وما لبث أن توقف بعد ثلاثة أشهر من افتتاحه وتوقف ضخ المياه، وكشف رسمياً أن أسباب التوقف للمشروع تعود لعدم تطابق المضختين اللتين تم تركيبهما على البئرين وعدم قدرتهما على دفع المياه من البئرين إلى الخزان التابع للمشروع الواقع عند مدخل مدينة أحور على مسافة تبعد حوالي 13كم من موقع البئرين، إلى جانب الاعطال الفنية التي ظهرت من خلال الشبكة الجديدة للمشروع، وفي ظل هذا الوضع والإعلان الرسمي لتخلي السلطة المحلية بالمديرية عن إشراف المؤسسة المحلية للكهرباء ومياه أحور عقب حرب صيف 94م بعد عجز المؤسسة مالياً عن مجابهة الأعطال المتكررة التي يخلفها العجز الكهربائي بين الحين والآخر، لم تكترث الدولة بإعادة التيار الكهربائي الذي انقطع منذ أربعة أشهر متتالية، واستجابة لدعوات الشخصيات الاجتماعية وإجماعهم على تسليم جمعية أحور الخيرية الاشراف على إدارة هذه المؤسسة وللحيلولة دون استمرار الظلام بادر السيد العلامة محمد علي المشهور، (الذي تم انتخابه عام 2003م عضواً للبرلمان) بتحمل عمل المؤسسة في الربع الأخير من عام 94م وتكبدت الجمعية خسائر مالية كبيرة في اصلاح المولدين الكهربائيين ووقفت أمام خيار الاستمرار باصلاح الاعطال كل شهرين جراء تكرارها بسبب العجز الكهربائي و التوقف عن ادارة المؤسسة والذي يعني استمرار الظلام، الا ان الجمعية تحملت الاعباء على امل تنفيذ توجيهات رئيس الجمهورية ونائبه التي قضت بربط مدينة أحور بالكهرباء العامة، والذي كان الامل الوحيد الذي حدا بها لتحمل خسائر مالية فوق طاقتها خلافاً للغرض الذي انشئت الجمعية من اجله في العمل الخيري، وكانت الزيادة الاخيرة في مادة الديزل القشة التي قصمت ظهر البعير، الامر الذي تطلب من الجمعية مبلغ 210.000 ريال كقيمة شراء مادة الديزل شهريا اي بواقع عشرة براميل يوميا مضافة اليه مبالغ الاصلاحات للاعطال المتكررة للمولدين ومشروع المياه ورواتب العمال والموظفين ..لتلك الاسباب طالبت الجمعية السلطة المحلية بتحمل مسئولية المؤسسة، وبعد عناء وافقت السلطة المحلية على استلام اعمال المؤسسة في تاريخ 12-10-2005م وشكلت لها مجلسا اداريا لتشغيلها ولانهاء حالة الظلام التي تزامنت مع شهر رمضان الا انها وصلت الى طريق مسدود.

جانب من محطة كهرباء أحور
جانب من محطة كهرباء أحور
«الأيام» قامت باستقصاء آراء المواطنين بمدينة احور ومعاناتهم جراء تردي هذه الخدمات.

< الاستاذ عبدالله عمر القرن قال: «يبدو ان الدولة مشغولة بأمور أكبر من معاناة الناس وأن حياة المواطن في آخر اهتمامها ولعل استمرار تكبد الناس في هذه المديرية ومعاناتهم من الكهرباء والماء يؤكد ذلك، فقد تناست الدولة حق المواطن المشروع في الحصول على الخدمات لان المواطن يدفع الواجبات المكلف بها وتأخذ الدولة على كل مواطن ضريبة دخل فللدولة نصيب من كل ريال يحصله المواطن للضرائب والواجبات وغيرها والمواطن يعرف ما تصرفه الدولة من مليارات مقابل احتفالات لمدة يوم او عقد اجتماعات حزبية،وبالإمكان بمبالغ أقل بكثير من هذه المبالغ أن تعالج مشكلة احور في الكهرباء والماء بل ومديريات عديدة، فالناس يشعرون انهم معزولون عن الوطن.

< اما علي أحمد جنيد، عاقل إحدى الحارات بعاصمة المديرية فأشار الى انه لم يجد تفسيرا لتجاهل الدولة رغم معرفة الدولة بمشكلة ضعف الطاقة الكهربائية ووضعها لمعالجات متكررة تمثلت باحضار مولدات بديلة بنفس القوة، كما ان الازمة في المياه يمكن معالجتها طالما ان المياه متوفرة والفشل ناتج عن المشروع الياباني.

واضاف : اعتقد ان عدم وضع حلول جذرية لهاتين المشكلتين يولد انطباعا لدى كافة المواطنين بأن هناك مسئولين في وزارة الكهرباء وفي الهيئة العامة للكهرباء ومياه الريف من مصلحتهم استمرار معاناة الناس وان هناك من يعيش على ازمة الآخرين.

< المواطن مهدي محمد أبوبكر الحامد، رئيس نادي احور الرياضي الثقافي الاجتماعي اوضح ان احور بتاريخها وحضارتها وبما تمتلكه من ثروة هائلة في مجالات عديدة تظل قاصرة بخدماتها ومحرومة من ابسط الاشياء التي ينبغي على الدولة توفيرها، ومنها الكهرباء والماء، ولا يختلف اثنان على ان الدولة قادرة على رفع المعاناة عن المواطنين ولا نجد تفسيرا لدى وزارة الكهرباء والهيئة العامة والكهرباء ومياه الريف لامتناعهم عن تنفيذ توجيهات رئيس الجمهورية والمتمثلة في اصدار توجيهين متتاليين وكذا توجيه نائب الرئيس والتي قضت جميعها بربط مدينة احور بالكهرباء العامة.

< واوضح الاستاذ محمد أحمد مكياش، مسؤول الانشطة الاجتماعية بادارة التربية والتعليم بالمديرية أن توقف التيار الكهربائي وانعدام مياه الشرب له آثاره السلبية على كافة مناحي الحياة الاجتماعية وقال: «لن نلوم اي طالب او طالبة اذا فشل في دروسه لأنه ذاكر في الظلام ولن نلومهم اذا ما تغيبوا بسبب البحث عن مياه الشرب لاهلهم كما ان الظلام يساعد في انتشار البعوض الناقلة للامراض.

< اما المواطن فتحي مهدي المحصور، فأرجع تجاهل الدولة للازمتين الكهربائية والمائية طوال هذه الفترة الى حسابات سياسية فيقول: «الانتخابات المحلية قادمة وكعادتهم سيرسلون القاطرات التي ستحمل على متنها مولدات للمديريات التي تعاني ازمة في الكهرباء، وبالرغم من ان الدولة تعلم ان الازمة في كهرباء احور ناتجة عن عدم كفاية طاقة المولدين الا انها ستكرر ما اعتادت عليه باستبدالها بنفس القوة، لان مثل هذه الممارسات توحي للناس ان السلطة لا تريد معالجة الازمة الكهربائية بشكل جذري لغرض في نفس يعقوب، وما يجعلنا نؤكد ذلك ما جرى في انتخابات 2003م عملت الشركة المستوردة للمولدين الحاليين العاطلين بأن استوردتهما على غير مواصفاتهما، اي ان قوة كل مولد بلغت 350 كيلووات وهو ما عرفه الناس عندما قامت الشركة بإنزال فريق هندسي ذهابا وايابا من صنعاء الى احور مرارا وتكرارا لتركيبهما بعد ان عجزوا عن توليد الطاقة، فوصف الناس في تلك الفترة المهندسين الاجانب الذين احضرتهم الشركة بالمفتشين الدوليين للطاقة الذرية .. ولا يسعنا اليوم الا ان نقول: كفاية معالجات اسعافية والناس اجمعت على مقاطعة الانتخابات وهي اقل الوسائل المشروعة للتعبير عن رفضهم للتلاعب بمشاعر الناس ومشاريعهم.

تفاقم المعاناة اشعل القريحة لدى الشعراء الشعبيين في هذه المديرية منهم الشاعر محمد سالم الهبوب، الذي قال لقد عبرت في قصيدة تضم 36 بيتا عما تعانيه هذه المديرية في جوانب عديدة استهلها بالبيت التالي :


يا احور وراش اليوم مني ساكته لا جيت بتكلم معش تتحردي..

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى