يوم من الأيــام..الطلاق الجائر

> د. سمير عبدالرحمن الشميري:

>
د. سمير عبدالرحمن الشميري
د. سمير عبدالرحمن الشميري
الطلاق هو إنهاء العلاقات الزوجية بطريقة شرعية ضمن إطار الأنظمة والقوانين {فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان}.. وفي السياق المتصل من المفيد الإشارة إلى أن بعض المذاهب والديانات تحرم الطلاق (مثل المذهب الكاثوليكي والديانة الهندوسية)، فالزواج في عقيدتهم عقد لا يمكن الفكاك منه حتى آخر شهقة في الحياة.

وتذهب بعض الدراسات العلمية للقول إن «الجينات الوراثية وراء انهيار الحياة الزوجية»، وهنا يقف السؤال منتصباً:

هل الجينات الوراثية هي السبب الذي يشكل الفيصل في تحديد اتجاهات الطلاق؟

أم أن هناك جملة من المسببات المتشابكة والمتداخلة أكثر قوة وشاخصة للعيان تؤدي إلى الطلاق من ضمنها: عسر الحياة المعيشية، الفروق الثقافية والتعليمية والجمالية والتذوقية، العنف الأسري، فروقات السن، والبرود الجنسي، سوء المعاملة وفظاظة المعاشرة، والعقم، والكراهية، وفقدان الأمن العاطفي؟!

فوالدي القاضي عبدالرحمن الشميري إمام وخطيب مسجد حامد بالزعفران (كريتر - عدن)، يسرد لي ما بين الفينة والأخرى حفنة من حوادث الزواج والطلاق. فذات مرة وقف حائراً أمام طلاق جائر، لا يرغب فيه الزوج تطليق زوجته العفيفة والأنيسة، فبقلب محطم وكبد مكلوم نطق الشاب كلمة الطلاق وبكاء يتكسر في صدره وتتهاطل من عينيه الدموع إرضاء لضغوطات عائلية قاسية.

فامتنع الشيخ عن قبول الطلاق آسفاً عن تحرير وثيقة طلاق رسمية لأن «أبغض الحلال إلى الله الطلاق»، ولا يجوز طلاق المكره عند جمهور الفقهاء (غير الحنفية).

ولقد شدتني حادثة درامية بسطتها صحيفة «الأيام» (يوم الخميس 24/11/2005م، العدد 4644، صفحة 16)، عن زوجين أقدما على الانتحار بسبب التفريق الجائر بينهما، حيث أرغما على الطلاق على خلفية مشاكل أسرية، فانتحر الزوج بطلقات نارية من مسدسه، وتجرعت الزوجة السم لمرتين متتاليتين حتى فاضت أنفاسها.

وهناك حوادث مأساوية للطلاق ومن أغربها قيام بعض المتنطعين بإطلاق فتاوى تطليق زوجات رهط من الناشطين السياسيين والمفكرين، ويفتون بعدم جواز تزويج بنات العامة على زمر حزبوية ووجوه فكرية مقرونة بغير قليل من التهديد، ويقحمون بتعسف السياسة في الدين، فيفسدون السياسة والدين. وهناك حديث رواه ابن عباس للنبي صلى الله عليه وسلم إذ يقول: «إياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين».

فالتشدد بأبعاده السياسية والاجتماعية والعقائدية والعصبوية يصب في خانة دمار المجتمعات ويولد الفرقة والتناحر بين الناس ويوسع دائرة الاحتراب ويفسد العمران والتساكن الاجتماعي. ولا يسعنا في هذا المقام إلا أن نقول كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

«وما مقصد الشريعة إلا إصلاح الناس وعمارة الأرض وحسن سياسة الرعية».

فليس من مصلحة المجتمع توسيع دائرة الطلاق المتعسف وتفكيك الانسجام والعلاقات الزوجية الحميمة لأسباب غير شرعية وغير متبصرة، تؤدي إلى التشظي والهلهلة وانغلاق العقل والمشاعر وتعمق الجروح الاجتماعية وتزج بالمجتمع في زاوية ضيقة من زوايا الخسة الأخلاقية ولؤم الطباع. {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر} صدق الله العظيم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى