مريض يلقي بنفسه من الدور الرابع بمستشفى بتعز

> تعز «الأيام» عبد الهادي ناجي علي:

>
المريض بعد سقوطه يوم امس الاول الخميس من الدور الرابع في مستشفى الثورة بتعز
المريض بعد سقوطه يوم امس الاول الخميس من الدور الرابع في مستشفى الثورة بتعز
في تمام الساعة السابعة من صباح الخميس الموافق 23 فبراير الجاري أقدم المواطن رشدي احمد عبد القادر (48 عاما) احد نزلاء مستشفى الثورة بتعز على رمي نفسه من الدور الرابع للمستشفى,«الأيام» فور تلقيها الخبر أسرعت إلى المستشفى والتقت بالمعنيين بالمستشفى وكذا ابن المريض، وكانت حصيلة ذلك ما يلي:

< يقول د. عبد الكريم الشهاري، رئيس قسم العظام بالمستشفى «من خلال الملف الخاص بالمريض، فقد دخل المستشفى للمرة الأولى في 14 سبتمبر من العام الماضي بعد أن تعرض لحادث مروري، وكانت عظامه من جراء الحادث مهشمة للخارج تماماً مع تهتك للعضلات والجلد، الدكتور عبده علي قاسم، كأخصائي عظام عندنا في القسم كان (مستلم) في ذلك اليوم بصورة اسعافية تماماً والحالة كانت سيئة جداً وكان ممكن التدخل لعمل بتر، ولكن قال سيعمل لها محاولة إن نجحت العملية كان بها وإن لم تنجح فسيكون البتر في أي وقت آخر، وقد نجحت العملية والحمد لله، العظام أرجعها وثبت له جهازا في الساق، وبعد العملية شاهدنا أن الكشافة تمام والجرح تمام، وعمل له عملية نقل جلد في ما بعد بسبب تهتك العضلات والجلد، والحمد لله جلس المريض بعد العملية حوالي شهر حتى التأم الجرح وترك المستشفى بناء على أمر خروج من الطبيب المعالج.

بعدها بحوالي شهور عاد المريض نفسه وهو مكسور مرة أخرى، وكان يطالب بإلحاح ببتر ساقه، وأمام ذلك قمنا بمعاينته، ولاحظنا أنه تمام .. صحيح ان العظام تبعثرت مرة أخرى ولكن لاحظنا أن القدم فيها حركة والإحساس موجود والتروية موجودة، فقررنا عدم البتر برغم إصرار المريض على ذلك، وابلغناه بأنه اذا اراد بتر ساقه فعليه ان يعمل ذلك في مستشفى آخر، أما عندنا فنحن ممكن نعيد له رجله كما كانت وان شاء الله يكون بحال أفضل، لكنه ظل مصمما على البتر وكنا نمر جميعاً مع الأطباء والممرضين ـ وهم شهود على أن المريض كان مصرا على البتر فقط ـ فرفضنا البتر وتركناه للمجارحة حتى يقرر إما ندخله العملية نصلح له رجله، أو نسمح له بالخروج اذا صمم على طلب اجراء البتر ليعملها خارج المستشفى، لأننا غير مستعدين لتحمل مسئولية بتر ساق سليمة ممكن أن نعيدها من جديد».

وعن اسباب اصرار المريض على البتر قال د.الشهاري «كان السبب انه غير قادر على إمكانيات العملية، ونحن قلنا له إذا كان السبب هذا فقط نحن سنعمل لك كل شيء من المستشفى مجاناً وسنطالب الإدارة وسنعطيك من جيوبنا رغم انه كان يحاول تقديم الرشوة على أساس نبتر له رجله، ونحن كنا رافضين وقلنا له نحن سنعطيك (فلوس) ولكن لا تبترها وفعلاً عملنا له كل شيء مجاناً من عند المدير العام الذي لم يقصر وعمل له الفحوصات مع الأدوية مجاناً من داخل المستشفى، وأُدخل العمليات وأثناء العملية واصل المريض تصميمه مطالبا ببتر ساقه، فتم ابلاغي كرئيس لقسم العظام فكلفت الدكتور الصيني بأن يدخل غرفة العمليات والنظر في حالته، حيث قال د.عبد ه علي ان العظام مهشمة كثيرا، وربما فعلا قد يحتاج إلى بتر، الدكتور الصيني لاحظ الحالة في غرفة العمليات وقرر هو بنفسه بتر الساق لأنه بعد الكسر الثاني حصل تمزق للشرايين وأشياء كثيرة كما ذكر الطبيب المعالج عبده علي، وإزاء ذلك جرى بتر الساق.

طبعاً المريض كان في حالة نفسية سيئة من قبل، وسمعنا انه كان قد حاول الانتحار في البيت ومنعوه، وعندنا في القسم حاول ثلاث مرات الانتحار وتم الحيلولة دون قيامه بذلك، وفي المرة الرابعة والأخيرة تمكن من اخراج ابنه الذي كان بجواره يوم الخميس لإحضار الفطور، وفجأة وبدون أن يراه أحد قفز من الشباك في غرفته بقسم العظام بالدور الرابع».

وعن تفسيره لسبب اصرار المريض على بتر قدمه افاد د. الشهاري بقوله: «حسب الأقوال انه قد تم إقناعه من قبل مستشفيات أخرى ان حالته تحتاج إلى بتر فقط، وقد جاء ليبترها عندنا كوننا مستشفى حكوميا ويمكن نعمل له العملية مجاناً، أي أنه جاء وهو مقتنع بالبتر ولا شيء غير البتر».

وسألنا د. الشهاري حول ما اذا كان يعتقد ان سبب الانتحار هو الظروف المادية التي يعاني منها المريض، فأجاب بالنفي وقال: «لا اعتقد ذلك لأن المريض كان يحاول ان يعطي فلوسا لتحقيق رغبته في بتر ساقه، ومع ذلك قوبل بالرفض من قبلنا والدليل على هذا الملف وما فيه».

< وفي حديثنا الى الأخ صدام (ابن المريض) أفاد ان والده يعاني من حالة نفسية من قبل، وقد تعرض في شهر رجب الماضي لحادث مروري ساعد على تفاقم حالته النفسية.

وأضاف ان والده مكث في المستشفى ثلاثة اشهر ونصف الشهر بعد تعرضه للحادث المروري، حيث اجريت له عملية اصلاح لساقه المكسورة «وبعد ان عدنا به الى البيت زاد التقيح في ساقه، وعرضناه على اطباء ابلغونا انه لا يوجد فائدة، وانه من الضروري بتر الساق، وقد صممنا على بتر ساقه، علما اننا كنا قد بعنا الحال والمال وكل ما في البيت ولم يتبق إلا البيت، وبعد الإصرار على بترالساق ارتاح قليلا لكن الحالة ظلت على حلها من السوء».

وعن نوع حالة والده النفسية افاد بان والده «يعاني من تعقيدات، وهذه الحالة النفسية وراثية موجودة في الأسرة وهي عبارة عن تهيؤات، والحالة تأتي له وتروح ولم يكن قد تعالج لها، ولم يكن يمارس أعمـالا تلحـق به الضرر اثناء مداهمتها له».

واضاف أن آخر مرة كان فيها موجودا مع والده صباح يوم أمس الأول الخميس وقد «أيقظني للصلاة وطلب مني أن أحضر له العلاج للمجارحة لأنه يوم السبت سيجرى له علاج، فقال لي إن شاء الله أروح، فقلت له اطمئن ولا تكئب نفسك كثيرأ وقد أرسلني لأحضر علاج المجارحة و(صبوح)، وهو كان من ساعة أذان الفجر قد بدأ بالبكاء، وعند عودتي وقبل السلم الأخير للمستشفى سمعت الناس يصيحون، فتحركت مسرعا الى باب الغرفة فلم أجده في مكانه».

غرفة المريض وسريره والنافذة التي القى بنفسه منها
غرفة المريض وسريره والنافذة التي القى بنفسه منها
وعن تقييمه لما قدمه المستشفى لوالده من خدمات طبية وعلاجية قال: «والله انهم سهلوا لنا كل شيء». ونفي أن يكونوا قد طالبوه بتكاليف العملية، مؤكدا ان العملية الأخيرة التي اجريت له كانت مجانية «وأشكرهم على ما قدموه بعد أن ضاقت الحال شوية، وأقول قدر الله وما شاء فعل ولا احمل أحدا المسئولية وهذا المكتوب جاء في وقته».

< كما تحدث لـ«الأيام» الأخ علي مهيوب عبد الله، نائب رئيس قسم التمريض في قسم العظام فقال: «تعامل المريض معنا في القسم كان طبيعيا جدا، وكنا نعامله أكثر من أي مريض وبنفس الوقت كان هادئا وغير مزعج.. ونحن تفاجأنا الساعة السابعة بما حصل». واضاف انه بعد الحادث اتخذت اجراءات اسعافه وإبلاغ البحث بالمستشفى وإدارة المستشفي ورئيس القسم الذين عملوا محضرا بذلك.

< وقال الأخ محمد عبد سالم، شاهد عيان مرافق لمريض في نفس الغرفة: «والله صلينا الصبح ونحن نصلي سمعنا بكاء وقد رجعت الى الغرفة فوجدته يبكي بكاء شديدا كالطفل، حاولت أنا واحد الأخوة المرافقون لمريض أن نهدئه ونقول له اذكر الله اتق الله ، فجلس ونحن رجعنا إلى جوار أمراضنا، وبعدين جلسنا نفطر وظهورنا باتجاه السرير الذي يرقد عليه وشوية نسمع صراخا يقول (الله ..الله) أقوم فأرى الرجل موجودا تحت في الممر».

واضاف «الرجل تحين وقت خروج ابنه ليحضر (الصبوح) وكأنه مبيت والناس جالسون يفطرون كل واحد مع مريضه جوار السرير، وهو مقابل الباب حتى العسكري كان يراه ويظن انه يشم هواء وهو كان يائس من حالته ومصر على ابنه أن يعيده الى البيت».

< د. عبد الله نديم السري، نائب مدير المستشفى للشئون الأكاديمية قال: «الحادثة قضاء وقدر وليس لنا يد في ذلك والأمور كلها قد تم تجميعها من قبلكم وبشهادة الشهود، والشخص الذي حاول الانتحار لازال في قسم الإسعاف وتم ترقيده في قسم العناية المركزة ومنتظرون أن يتخذ الأطباء قرارا بإدخاله العمليات حسب حالته لأنه في حالة غيبوبة عميقة وعنده تهشم في الدماغ شديد».

وعن إمكانيات المستشفى في إجراء حماية للنوافذ قال: «اعتقد انه صعب جداً عمل شبابيك حديدية في الأدوار كلها، وإذا كان لا بد فوزارة الصحة ينبغي إن تتولى هذه المهمة مع عملية الترميم التي نحن منتظرون بفـارغ الصبر أن تتم بأقرب فرصة ممكنة».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى