«الأيام» تحاور أبا المعلمين وأول مدير ومشرف للتعليم قبل الاستقلال في الضالع
الزميل محمد علي محسن مع التربوي القدير أحمد حسن يحيى
> «الأيام» محمد علي محسن:
> التربوي أحمد حسن يحيى طالباً ومعلماً..في قرية الكبار الملاصقة لمدينة الضالع وجدتني في منزل الوالد والاستاذ المربي الفاضل أحمد حسن أحمد يحيى 84 عاماً اطال الله في عمره وامده بالصحة وعافاه من مرضه العضال الذي جعله طريحاً للفراش فاقداً للبصر لكنه لم يفقده بصيرته وهدوءه وإرادته وذاكرته الخرافية التي يتمتع بها لدرجة الاستذكار للتواريخ والاسماء والافعال البسيطة. جلست بمواجهة هذه القامة التربوية وسألته في البداية عن ميلاده وتعليمه؟ فاجاب:
أول معاش كان نصف قدح من الحب و20 روبية بعد زيارة المستر شبرد للمدرسة
جايلت الرئيس قحطان والرئيس علي ناصر وكان لي شرف تعليم تلاميذ أصبح بعضهم وزراء وسفراء
ولدت في قرية الكبار بالضالع عام 1922، وتلقيت التعليم أولاً بالمدرسة الابتدائية في الضالع ولفترة 4 سنوات ومن ثم واصلت التعليم المتوسط في مدرسة جبل حديد بعدن في الفترة من 36- 1940م.
متى كان عام الالتحاق بسلك التعليم وفي أي مدرسة؟
تخرجت من المتوسطة عام 40م وفي 1942م بدأت رحلتي الطويلة مع رسالة التعليم وفي مدرسة ابتدائية في مدينة الضالع بناها في ذاك الوقت الأمير حيدرة، وهي الآن تعرف ببيت الاشول وفي سوق الحطب سابقاً ومكوناتها لا تتجاوز الاربعة الفصول.
من تتذكر من مجايليك في المدرسة الابتدائية وكيف كان التعليم ومراحله؟
الاستاذ محمد سعيد يافعي (ابن حلبوب) كان من طلائع التعليم في المدرسة الابتدائية الوحيدة حينذاك والتعليم فيها يقتصر على الصف الرابع آخر صفوف المرحلة الاساسية والامتحان فيه وزاري ومن ثم يذهب الطالب للتعليم المتوسط الذي كان في مدرسة جبل حديد وفيما بعد في زنجبار وهناك ايضاً من قدر على مواصلة تعليمه ما بعد المتوسط في الجزائر وفي مرحلة لاحقة من طلابي امثال الدكتور علي مثنى حسن سفير اليمن السابق في فرنسا والمغرب والدكتور صالح محسن الحاج مدير مكتب الأمين العام للحزب الأخ علي سالم البيض أما زملائي في المدرسة فكان منهم الشيخ عبد باعباد والذي كنت بمعيته ندرس كل الفصول الاربعة.
ما هي العلوم والمعارف التي كانت تدرس للطلاب وكم أجمالي عدد الطلاب؟
كنت ادرس من أول إلى رابع المواد المقررة في هذه المرحلة كالرياضيات واللغة العربية والعلوم والتاريخ والجغرافيا وكان التعليم اجبارياً فيما عدد الطلاب الدارسين 120 طالباً وجميعهم من مدينة الضالع والقرى المجاورة لها مثل الحود والكبار.
تقاضى رواتبه بالروبية والشلن ثم الدينار واخيراً الريال
كم كان أول معاش تتقاضاه؟
أول معاش حصلت عليه كان عبارة عن نصف قدح من الحبوب وعندما زارنا الأمير حيدرة بصحبة الميجر شبرد الضابط السياسي وامام الأوضاع البائسة التي نعيشها اقترح الأخير على الأمير حيدرة بضرورة شمولية المدرسة لرعاية حكومة الملكة فكان أن قرر لي معاشاً شهرياً قدره 20 روبية.
كم راتبك بحساب اليوم؟
الواحدة مقابل عشرون الفا الآن ويكفي أن تعلم أن رطل اللحم بعانة واحده والقارورة السمن ايضاً علماً أن الروبية ست عشرة عانة بمعنى آخر أكثر من مرتب وزير أو محافظ اليوم.
وكم كان معاشك الشهري بعد الاستقلال أو عند الاحالة للتقاعد؟
60 دينارا كان راتبي الشهري إلى الاستقلال ومن هذا المعاش يذهب 300 شلن شهرياً أي ما يوازي ربع المرتب كدعم للثورة وعند (تخفيض الراتب واجب) خفض المعاش إلى النصف 30 ديناراً اما السنوات التالية وحتى الوحدة فكان 165 ديناراً إلى أن تم احالتي للتقاعد بمعاش 9000 ريال اضيفت له علاوة غلاء المعيشة فيما بعد ليصبح إجمالي المعاش التقاعدي 12.700 ريال.
من زملائه الرئيس المرحوم قحطان الشعبي والرئيس علي ناص محمد
كم كانت سنوات خدمتكم واين توزعت؟
بدأت كما قلت لك في عام 42م وحتى انتهى بي المطاف الاجازة المرضية عام 95م إلى أن تم احالتي للتقاعد بعدها بسنوات قليلة، اما توزيعها فكان ما بين معلم لسنوات في أول مدرسة في الضالع ثم في العوالق دثينة ولودر خلال الفترة من عام 56-57م.
وفي عام 57-58م التحقت في مدرسة الاكاديمية بكريتر وشاءت الاقدار أن تجمعني بالأخ علي ناصر محمد كزميل في المدرسة مثلما درست مع الرئيس قحطان الشعبي في المدرسة المتوسطة في جبل حديد، والذي سبقني هو والأخ أحمد علي مسعد السكرتير الاعلامي لوفد الجبهة القومية المفاوض لنيل الاستقلال فيما بعد، وعدا هذه السنوات بقيت للعمل في اطار الضالع اذ قدر لي الانتقال من معلم إلى مدير مدرسة الضالع المقام في مساحتها الآن مدرسة الشهيد صالح قاسم للبنات، وكانت في ذاك الوقت عبارة عن مبنى صغير من دورين للسكن الداخلي إلى جانب فصول دراسية تم بناؤها عام 1952م وفي الاعوام التالية تم اضافة المدرسة المسماه حالياً (الشهيد الجريذي) وفي نفس المساحة للمدرسة الأولى وفي عام 1958م مما استدعى الامر طلب مدرسين من لحج وشقرة وزنجبار وغيرها وذلك لمواجهة الزيادة الطلابية الطارئة ومن مختلف المناطق في جحاف والشعيب والازارق وحجر اضافة للضالع والمناطق القريبة.
كم عدد الطلاب في الخمسينات ومن تتذكر من معلمي هذه الفترة؟
في الخمسينات شهد التعليم نقلة نوعية اذ وصل عدد الطلاب إلى 400 طالب وتحول التعليم الاساسي من أربع سنوات إلى 6 سنوات إضافة إلى الاعدادية التي يحصل طلابها على السكن والأكل، اما اسماء المعلمين في تلك الحقبة فمنهم مثنى صالح من الشعيب وعبدالله صالح شقرة وناصر عوض من ابين والحاج يوسف في القسم المتوسط وهو من السودان الشقيق وقبل اشهر معدودة علمت انه قام بزيارة خاطفة للضالع تحت الحاح عدد من طلابه في تلك الحقبة والذين وجدوه ضمن الوفد التجاري السوداني الزائر لليمن باعتباره اليوم شخصية مسؤولة ولها مكانتها وقد حزنت كثيرا لعدم معرفتي بزيارة صديقي الحاج يوسف الذي اهداني ديوان (الشوقيات) لامير الشعراء أحمد شوقي قبل عودته لبلاده ومازلت احتفظ به في مكتبتي.
بداية تعليم الفتاة بالضالع
متى بدأ تم التعليم للفتاة وكم كان عددهن؟
عام 1948م بدأت الفتاة في الالتحاق بمدرسة الضالع (صالح قاسم حالياً) وكان عددهن لا يتعدى 12 فتاة الى صف رابع، والبعض منهن وصلن للصف سادس وكان المرحوم الحاج مقبل عبادي بطاط مدرساً للفتيات هذا قبل ان نقيم مدرسة البنات عام 1962م وكانت قد انشئت على انقاض ما كان يعرف بالمحكمة العرفية.
قلتم انكم واجهتم صعوبة في مسألة الأولاد بالمدرسة فكيف بالفتاة؟
نعم في البداية البعض من الآباء لم يتقبل فكرة التعليم للأبناء ليس رفضاً ولكن من منطلقات نفعية لهذا الطالب وذاك في العمل أو الرعي أو المساعدة للاسرة أو رب الاسرة فيما تعليم الفتاة تطلب منا فقط التوعية للآباء بأهمية التعليم وكان للاستاذ السيد محمد بن محمد رحمة الله عليه دوراً عظيماً في التعليم والتوعية منذ تم تعينه عام 47م بعد تخرجه.
إدارة عملية التعليم ومقارنات بين الأمس واليوم
هل لنا بمعرفة الكيفية التي كنتم تديرون بها العملية التعليمية؟
كنت مشرفاً على مدارس الضالع جحاف، الازارق، خوبر،حجر،الحصين، حرير، الطفؤا، المركولة إضافة لردفان على اعتبار أن الضالع وردفان تدخلان في إطار امارة الضالع والعملية كلها تقوم على اساس واحد من الضبط والربط للحقوق والواجبات فبقدر ما تؤدي واجبك تحصل على حقوقك وبقدر التزامك وجهدك في الميدان لا الكلام والتقارير مثلما هو حاصل الآن تكون الفائدة لصاحبها المعلم أو الاداري والطالب والتعليم ايضاً واذكر عندما كنت مديراً للتربية والتعليم في الخمسينات انني قمت بنزولات لا حصر لها إلى مدارس الامارة وبأوقات عدة ومفاجئة غير رسمية وليس كما هو الحال الآن ٍٍ"سنأتي لكم واعملوا غداء وعليكم القات" بل كنت اقوم الصباح واصلي الفجر واذهب مشياً على الاقدام للمدرسة المبتغاة مهما كانت المسافة بعيدة، فمن اليوم سيذهب بسيارته وليس مشياً على الاقدام إلى مدارس جبل حرير وقبل أن يصل الطلاب للمدرسة ويعمل معهم إلى الظهر ويعود ادراجه؟
كيف كان التعليم في ردفان وما تقييمكم للتعليم في الماضي مقارنة بالحاضر؟
عندما كنت مشرفاً على التعليم في الضالع وردفان كان التعليم في ردفان يقتصر على تحفيظ القرآن وقدر لي في الستينات تأسيس 34 مدرسة في ردفان وبسعة ومكونات متفاوتة البعض منها ذات ثلاثة فصول أو خمسة وأخرى من فصلين وأول مدرسة على ما اذكر في الثمير، أما مقارنة التعليم بين الماضي والحاضر فلا شك بأفضلية الماضي في الناحية التعليمية والتربوية اكان من حيث النظام التعليمي الصارم أو كفاءة المعلم أو الادارة وحتى في مستوى الطالب العلمي أو في الواجب الملقى على كل واحد أو الحقوق المضمونة لصاحبها بلا مشقة أو تعب مثلما يجري الآن في سبيل علاوة أو تسوية وتتطلب متابعته في صنعاء.
هل كنتم تستخدمون الضرب أم لا وإلى ماذا برأيكم يرجع تدني العملية التعليمية؟
العقاب البدني آخر المطاف بعد أن تكون استنفدت كل وسائل العقاب من التوبيخ إلى التحذير والعقاب الخفيف أما سبب تدني الوضع التعليمي رغم وجود الامكانيات فمرجعه غياب الارادة والقرار وباختصار شديد (فاقد الشيء لا يعطيه).
ما هو الفرق ما بين مدرسة الأمس ومدرسة اليوم؟
الفرق كبير وشاسع، فقد ضخم المبنى والامكانيات الحديثة على حساب جودة المخرجات، فيما المدرسة في الماضي بسيطة ومتواضعة لكنها عظيمة بمقياس مخرجاتها ورسالتها ويكفي القول أن تلك المدارس القديمة كانت توزع على طلابها في العطلة الصيفية الدفاتر والاقلام والمحايات المجانية وكذلك الأدوات الرياضية من كرات قدم وسلة وتنس ورمي الجلة أو ادوات الجمباز أو الالعاب الأخرى وتقوم المدرسة بتشجيع الطلاب المبدعين والمتفوقين بالدعم المالي والمعنوي، ولعلني استذكر واقعه صادفتني يوماً وفيها من المعاني والدلائل المؤكدة للمقارنة الظالمة ما بين الماضي والحاضر فلقد زرت مدرسة خوبر ووجدت الطلاب في حصة البدنية الرياضية حينها قمت بصرف مئة شلن لشراء بذلات رياضية للفريق كاملا وكانت حصة كل لاعب بذلتين وبالطبع المئة شلن من راتبي.
وزراء وسفراء تتلمذوا على يديه
هل كرمت من قبل الدولة باعتبارك أباً للمدرسين وأول مشرف ومدير؟
مرة واحدة يوم العلم 10سبتمبر 87-88م وبدرع الأسرة المثالية من قبل وزير التربية والتعليم.
هل لنا بذكر اسماء من طلابك ممن هم في مواقع المسؤولية؟
هم كثر، منهم الدكتور علي مثنى حسن السفير السابق في فرنسا والمغرب وهو من الطلاب المتفوقين وهناك الدكتور شائع محسن محمد سفير اليمن في ايطاليا والدكتور حسين علي حسن سفير اليمن في ليبيا، هؤلاء في مدرسة الضالع، اما مدرسة العوالق فكان لي شرف تعليم الدكتور ناصر العولقي وزير الزراعة في الشمال سابقاً وحالياً رئيس جامعة إب وكذلك فريد مجور محافظ ابين وعلي مجور وزير الكهرباء.
حديث في السياسة وحول الأسرة وأشياء آخرى
ما هي الهوايات المفضلة لديك في ذلك الوقت؟
القراءة والرياضة خاصة كرة القدم وكرة الرنج.
ما هي الكتب والصحف التي كنت تقرأها؟
في حقبة الحرب العالمية الثانية كانت تصلنا صحيفة التايمز مع الضباط السياسيين أما الصحف المحلية فكانت صحيفتي "فتاة الجزيرة" و"النهضة" وبالنسبة للكتب فأجد نفسي ميالاً للتاريخ الاسلامي وللثقافة العامة.
منذ متى وأنت لا تتعاطى القات؟
منذ ما قبل الاستقلال الوطني وتحديداً في عام 1965 عندما بدأت اعراض الكلى.
دعني اسألك في السياسة: ما هو انتماءك السياسي؟
كل ما اقدر أن قوله هو انني انضممت للجبهة القومية وكما قلت لك أيام الثورة دعمتها بربع المعاش الشهري وبواقع 300 شلن عدا ذلك لم انضم تنظيمياً لأي حزب أو تنظيم وفضلت البقاء مستقلاً.
لهذا بقيت أو تم مكافأتك من مدير للتربية قبل الاستقلال إلى موجه فني بعد الاستقلال؟نعم ولست نادماً.
مَن مِن الرؤساء أو الامراء كانت فترة حكمه افضل.
الرئيس قحطان الشعبي كان مناضلاً حقيقياً ابان الثورة زاهداً وعفيفاً في حكمه ومن ثم الرئيس سالمين والمعروف بشدته في الضبط الربط لدرجة المراقبة بنفسه للاسعار في الاسواق أو بملاقاته لسيارات القات إلى اسفل النقيل.
لمن من الابناء تجد نفسك مشدوداً فكرياً وسلوكياً للمهندس الاشتراكي أم المحامي الناصري ام...؟ لا اميل لأحد ولا احاول فرض وجهة نظري عليهم فلهم الحرية في الانتماء السياسي مثلما هي في اختيار المهن وشريكة الحياة.
متى كان زواجك وكم لك من الأولاد؟
تزوجت عام 1949 وفي شهر أكتوبر بالتحديد ولي عشرة من الاولاد ستة ذكور واربع بنات كلهم متعلمون وهم الدكتور محمد - يرحمه الله- والمهندس علي- يرحمه الله- والمحامي سيف والمهندس منصور والمحامي عصام. اوالبنات الارب أيضاً حصلن على قسط من التعليم.
الزميل محمد علي محسن مع التربوي القدير أحمد حسن يحيى
أول معاش كان نصف قدح من الحب و20 روبية بعد زيارة المستر شبرد للمدرسة
جايلت الرئيس قحطان والرئيس علي ناصر وكان لي شرف تعليم تلاميذ أصبح بعضهم وزراء وسفراء
ولدت في قرية الكبار بالضالع عام 1922، وتلقيت التعليم أولاً بالمدرسة الابتدائية في الضالع ولفترة 4 سنوات ومن ثم واصلت التعليم المتوسط في مدرسة جبل حديد بعدن في الفترة من 36- 1940م.
متى كان عام الالتحاق بسلك التعليم وفي أي مدرسة؟
تخرجت من المتوسطة عام 40م وفي 1942م بدأت رحلتي الطويلة مع رسالة التعليم وفي مدرسة ابتدائية في مدينة الضالع بناها في ذاك الوقت الأمير حيدرة، وهي الآن تعرف ببيت الاشول وفي سوق الحطب سابقاً ومكوناتها لا تتجاوز الاربعة الفصول.
من تتذكر من مجايليك في المدرسة الابتدائية وكيف كان التعليم ومراحله؟
الاستاذ محمد سعيد يافعي (ابن حلبوب) كان من طلائع التعليم في المدرسة الابتدائية الوحيدة حينذاك والتعليم فيها يقتصر على الصف الرابع آخر صفوف المرحلة الاساسية والامتحان فيه وزاري ومن ثم يذهب الطالب للتعليم المتوسط الذي كان في مدرسة جبل حديد وفيما بعد في زنجبار وهناك ايضاً من قدر على مواصلة تعليمه ما بعد المتوسط في الجزائر وفي مرحلة لاحقة من طلابي امثال الدكتور علي مثنى حسن سفير اليمن السابق في فرنسا والمغرب والدكتور صالح محسن الحاج مدير مكتب الأمين العام للحزب الأخ علي سالم البيض أما زملائي في المدرسة فكان منهم الشيخ عبد باعباد والذي كنت بمعيته ندرس كل الفصول الاربعة.
ما هي العلوم والمعارف التي كانت تدرس للطلاب وكم أجمالي عدد الطلاب؟
كنت ادرس من أول إلى رابع المواد المقررة في هذه المرحلة كالرياضيات واللغة العربية والعلوم والتاريخ والجغرافيا وكان التعليم اجبارياً فيما عدد الطلاب الدارسين 120 طالباً وجميعهم من مدينة الضالع والقرى المجاورة لها مثل الحود والكبار.
تقاضى رواتبه بالروبية والشلن ثم الدينار واخيراً الريال
كم كان أول معاش تتقاضاه؟
أول معاش حصلت عليه كان عبارة عن نصف قدح من الحبوب وعندما زارنا الأمير حيدرة بصحبة الميجر شبرد الضابط السياسي وامام الأوضاع البائسة التي نعيشها اقترح الأخير على الأمير حيدرة بضرورة شمولية المدرسة لرعاية حكومة الملكة فكان أن قرر لي معاشاً شهرياً قدره 20 روبية.
كم راتبك بحساب اليوم؟
الواحدة مقابل عشرون الفا الآن ويكفي أن تعلم أن رطل اللحم بعانة واحده والقارورة السمن ايضاً علماً أن الروبية ست عشرة عانة بمعنى آخر أكثر من مرتب وزير أو محافظ اليوم.
وكم كان معاشك الشهري بعد الاستقلال أو عند الاحالة للتقاعد؟
60 دينارا كان راتبي الشهري إلى الاستقلال ومن هذا المعاش يذهب 300 شلن شهرياً أي ما يوازي ربع المرتب كدعم للثورة وعند (تخفيض الراتب واجب) خفض المعاش إلى النصف 30 ديناراً اما السنوات التالية وحتى الوحدة فكان 165 ديناراً إلى أن تم احالتي للتقاعد بمعاش 9000 ريال اضيفت له علاوة غلاء المعيشة فيما بعد ليصبح إجمالي المعاش التقاعدي 12.700 ريال.
من زملائه الرئيس المرحوم قحطان الشعبي والرئيس علي ناص محمد
كم كانت سنوات خدمتكم واين توزعت؟
بدأت كما قلت لك في عام 42م وحتى انتهى بي المطاف الاجازة المرضية عام 95م إلى أن تم احالتي للتقاعد بعدها بسنوات قليلة، اما توزيعها فكان ما بين معلم لسنوات في أول مدرسة في الضالع ثم في العوالق دثينة ولودر خلال الفترة من عام 56-57م.
وفي عام 57-58م التحقت في مدرسة الاكاديمية بكريتر وشاءت الاقدار أن تجمعني بالأخ علي ناصر محمد كزميل في المدرسة مثلما درست مع الرئيس قحطان الشعبي في المدرسة المتوسطة في جبل حديد، والذي سبقني هو والأخ أحمد علي مسعد السكرتير الاعلامي لوفد الجبهة القومية المفاوض لنيل الاستقلال فيما بعد، وعدا هذه السنوات بقيت للعمل في اطار الضالع اذ قدر لي الانتقال من معلم إلى مدير مدرسة الضالع المقام في مساحتها الآن مدرسة الشهيد صالح قاسم للبنات، وكانت في ذاك الوقت عبارة عن مبنى صغير من دورين للسكن الداخلي إلى جانب فصول دراسية تم بناؤها عام 1952م وفي الاعوام التالية تم اضافة المدرسة المسماه حالياً (الشهيد الجريذي) وفي نفس المساحة للمدرسة الأولى وفي عام 1958م مما استدعى الامر طلب مدرسين من لحج وشقرة وزنجبار وغيرها وذلك لمواجهة الزيادة الطلابية الطارئة ومن مختلف المناطق في جحاف والشعيب والازارق وحجر اضافة للضالع والمناطق القريبة.
كم عدد الطلاب في الخمسينات ومن تتذكر من معلمي هذه الفترة؟
في الخمسينات شهد التعليم نقلة نوعية اذ وصل عدد الطلاب إلى 400 طالب وتحول التعليم الاساسي من أربع سنوات إلى 6 سنوات إضافة إلى الاعدادية التي يحصل طلابها على السكن والأكل، اما اسماء المعلمين في تلك الحقبة فمنهم مثنى صالح من الشعيب وعبدالله صالح شقرة وناصر عوض من ابين والحاج يوسف في القسم المتوسط وهو من السودان الشقيق وقبل اشهر معدودة علمت انه قام بزيارة خاطفة للضالع تحت الحاح عدد من طلابه في تلك الحقبة والذين وجدوه ضمن الوفد التجاري السوداني الزائر لليمن باعتباره اليوم شخصية مسؤولة ولها مكانتها وقد حزنت كثيرا لعدم معرفتي بزيارة صديقي الحاج يوسف الذي اهداني ديوان (الشوقيات) لامير الشعراء أحمد شوقي قبل عودته لبلاده ومازلت احتفظ به في مكتبتي.
بداية تعليم الفتاة بالضالع
متى بدأ تم التعليم للفتاة وكم كان عددهن؟
عام 1948م بدأت الفتاة في الالتحاق بمدرسة الضالع (صالح قاسم حالياً) وكان عددهن لا يتعدى 12 فتاة الى صف رابع، والبعض منهن وصلن للصف سادس وكان المرحوم الحاج مقبل عبادي بطاط مدرساً للفتيات هذا قبل ان نقيم مدرسة البنات عام 1962م وكانت قد انشئت على انقاض ما كان يعرف بالمحكمة العرفية.
قلتم انكم واجهتم صعوبة في مسألة الأولاد بالمدرسة فكيف بالفتاة؟
نعم في البداية البعض من الآباء لم يتقبل فكرة التعليم للأبناء ليس رفضاً ولكن من منطلقات نفعية لهذا الطالب وذاك في العمل أو الرعي أو المساعدة للاسرة أو رب الاسرة فيما تعليم الفتاة تطلب منا فقط التوعية للآباء بأهمية التعليم وكان للاستاذ السيد محمد بن محمد رحمة الله عليه دوراً عظيماً في التعليم والتوعية منذ تم تعينه عام 47م بعد تخرجه.
إدارة عملية التعليم ومقارنات بين الأمس واليوم
هل لنا بمعرفة الكيفية التي كنتم تديرون بها العملية التعليمية؟
كنت مشرفاً على مدارس الضالع جحاف، الازارق، خوبر،حجر،الحصين، حرير، الطفؤا، المركولة إضافة لردفان على اعتبار أن الضالع وردفان تدخلان في إطار امارة الضالع والعملية كلها تقوم على اساس واحد من الضبط والربط للحقوق والواجبات فبقدر ما تؤدي واجبك تحصل على حقوقك وبقدر التزامك وجهدك في الميدان لا الكلام والتقارير مثلما هو حاصل الآن تكون الفائدة لصاحبها المعلم أو الاداري والطالب والتعليم ايضاً واذكر عندما كنت مديراً للتربية والتعليم في الخمسينات انني قمت بنزولات لا حصر لها إلى مدارس الامارة وبأوقات عدة ومفاجئة غير رسمية وليس كما هو الحال الآن ٍٍ"سنأتي لكم واعملوا غداء وعليكم القات" بل كنت اقوم الصباح واصلي الفجر واذهب مشياً على الاقدام للمدرسة المبتغاة مهما كانت المسافة بعيدة، فمن اليوم سيذهب بسيارته وليس مشياً على الاقدام إلى مدارس جبل حرير وقبل أن يصل الطلاب للمدرسة ويعمل معهم إلى الظهر ويعود ادراجه؟
كيف كان التعليم في ردفان وما تقييمكم للتعليم في الماضي مقارنة بالحاضر؟
عندما كنت مشرفاً على التعليم في الضالع وردفان كان التعليم في ردفان يقتصر على تحفيظ القرآن وقدر لي في الستينات تأسيس 34 مدرسة في ردفان وبسعة ومكونات متفاوتة البعض منها ذات ثلاثة فصول أو خمسة وأخرى من فصلين وأول مدرسة على ما اذكر في الثمير، أما مقارنة التعليم بين الماضي والحاضر فلا شك بأفضلية الماضي في الناحية التعليمية والتربوية اكان من حيث النظام التعليمي الصارم أو كفاءة المعلم أو الادارة وحتى في مستوى الطالب العلمي أو في الواجب الملقى على كل واحد أو الحقوق المضمونة لصاحبها بلا مشقة أو تعب مثلما يجري الآن في سبيل علاوة أو تسوية وتتطلب متابعته في صنعاء.
هل كنتم تستخدمون الضرب أم لا وإلى ماذا برأيكم يرجع تدني العملية التعليمية؟
العقاب البدني آخر المطاف بعد أن تكون استنفدت كل وسائل العقاب من التوبيخ إلى التحذير والعقاب الخفيف أما سبب تدني الوضع التعليمي رغم وجود الامكانيات فمرجعه غياب الارادة والقرار وباختصار شديد (فاقد الشيء لا يعطيه).
ما هو الفرق ما بين مدرسة الأمس ومدرسة اليوم؟
الفرق كبير وشاسع، فقد ضخم المبنى والامكانيات الحديثة على حساب جودة المخرجات، فيما المدرسة في الماضي بسيطة ومتواضعة لكنها عظيمة بمقياس مخرجاتها ورسالتها ويكفي القول أن تلك المدارس القديمة كانت توزع على طلابها في العطلة الصيفية الدفاتر والاقلام والمحايات المجانية وكذلك الأدوات الرياضية من كرات قدم وسلة وتنس ورمي الجلة أو ادوات الجمباز أو الالعاب الأخرى وتقوم المدرسة بتشجيع الطلاب المبدعين والمتفوقين بالدعم المالي والمعنوي، ولعلني استذكر واقعه صادفتني يوماً وفيها من المعاني والدلائل المؤكدة للمقارنة الظالمة ما بين الماضي والحاضر فلقد زرت مدرسة خوبر ووجدت الطلاب في حصة البدنية الرياضية حينها قمت بصرف مئة شلن لشراء بذلات رياضية للفريق كاملا وكانت حصة كل لاعب بذلتين وبالطبع المئة شلن من راتبي.
وزراء وسفراء تتلمذوا على يديه
هل كرمت من قبل الدولة باعتبارك أباً للمدرسين وأول مشرف ومدير؟
مرة واحدة يوم العلم 10سبتمبر 87-88م وبدرع الأسرة المثالية من قبل وزير التربية والتعليم.
هل لنا بذكر اسماء من طلابك ممن هم في مواقع المسؤولية؟
هم كثر، منهم الدكتور علي مثنى حسن السفير السابق في فرنسا والمغرب وهو من الطلاب المتفوقين وهناك الدكتور شائع محسن محمد سفير اليمن في ايطاليا والدكتور حسين علي حسن سفير اليمن في ليبيا، هؤلاء في مدرسة الضالع، اما مدرسة العوالق فكان لي شرف تعليم الدكتور ناصر العولقي وزير الزراعة في الشمال سابقاً وحالياً رئيس جامعة إب وكذلك فريد مجور محافظ ابين وعلي مجور وزير الكهرباء.
حديث في السياسة وحول الأسرة وأشياء آخرى
ما هي الهوايات المفضلة لديك في ذلك الوقت؟
القراءة والرياضة خاصة كرة القدم وكرة الرنج.
ما هي الكتب والصحف التي كنت تقرأها؟
في حقبة الحرب العالمية الثانية كانت تصلنا صحيفة التايمز مع الضباط السياسيين أما الصحف المحلية فكانت صحيفتي "فتاة الجزيرة" و"النهضة" وبالنسبة للكتب فأجد نفسي ميالاً للتاريخ الاسلامي وللثقافة العامة.
منذ متى وأنت لا تتعاطى القات؟
منذ ما قبل الاستقلال الوطني وتحديداً في عام 1965 عندما بدأت اعراض الكلى.
دعني اسألك في السياسة: ما هو انتماءك السياسي؟
كل ما اقدر أن قوله هو انني انضممت للجبهة القومية وكما قلت لك أيام الثورة دعمتها بربع المعاش الشهري وبواقع 300 شلن عدا ذلك لم انضم تنظيمياً لأي حزب أو تنظيم وفضلت البقاء مستقلاً.
لهذا بقيت أو تم مكافأتك من مدير للتربية قبل الاستقلال إلى موجه فني بعد الاستقلال؟نعم ولست نادماً.
مَن مِن الرؤساء أو الامراء كانت فترة حكمه افضل.
الرئيس قحطان الشعبي كان مناضلاً حقيقياً ابان الثورة زاهداً وعفيفاً في حكمه ومن ثم الرئيس سالمين والمعروف بشدته في الضبط الربط لدرجة المراقبة بنفسه للاسعار في الاسواق أو بملاقاته لسيارات القات إلى اسفل النقيل.
لمن من الابناء تجد نفسك مشدوداً فكرياً وسلوكياً للمهندس الاشتراكي أم المحامي الناصري ام...؟ لا اميل لأحد ولا احاول فرض وجهة نظري عليهم فلهم الحرية في الانتماء السياسي مثلما هي في اختيار المهن وشريكة الحياة.
متى كان زواجك وكم لك من الأولاد؟
تزوجت عام 1949 وفي شهر أكتوبر بالتحديد ولي عشرة من الاولاد ستة ذكور واربع بنات كلهم متعلمون وهم الدكتور محمد - يرحمه الله- والمهندس علي- يرحمه الله- والمحامي سيف والمهندس منصور والمحامي عصام. اوالبنات الارب أيضاً حصلن على قسط من التعليم.