التنمية البشرية في المفهوم الإسلامي

> «الأيام» نجيب محمد يابلي:

> شرفني استاذي امذيب صالح أحمد بنسخة من كتابه الموسوم «التنمية البشرية في المفهوم الإسلامي»، الذي شغل 193 صفحة، توزعت في سبعة أبواب، ووراء كل باب عدد من الفصول وأملت ضرورة البحث تقسيم الفصول الى فروع.

بقدر ما يحتاج الكتاب إلى اضاءة نسلطها عليه، فإن هناك قدراً موازياً من الحاجة إلى تسليط الضوء على صاحب الكتاب، الأستاذ امذيب صالح أحمد.

هو من مواليد الصعيد، حاضرة ما كانت تعرف بمشيخة العوالق العليا في النصف الثاني من ثلاثينات القرن الماضي، ونزح صغيراً من موئل ولادته إلى عدن وسكن أحد منازل «معسكر ليك LAKE LINE » في الشيخ عثمان في كنف والده المغفور له صالح أحمد عولقي، الذي كان ضابطاً في جيش محمية عدن «الليوي» وانتقل بعد ذلك إلى قسم (A) في الشيخ عثمان، في الشارع الذي يلي شارعنا «حافة الأصنج».

تلقى مراحل دراسته في عدن وتوّجها في كلية عدن بحصوله على أربعة مواضيع في شهادة الثقافة العامة (G.C.E.) وخرج إلى مجال الوظيفة مدرساً في المدرسة المتوسطة بالشيخ عثمان، وسعد جيلنا كثيراً بالأستاذ امذيب صالح الذي تميز بنقاط جذب عديدة، فقد كان جسيماً، وسيماً، هادئاً وجاداً حتى ابتسامته خضعت لجديته.

أُطلق على المدرسين في خمسينات وستينات القرن الماضي لقب «الطليعة» وتجسد ذلك في الأستاذ امذيب، لأنه كان واحداً من صفوة الطليعة المثقفة الوطنية، قولاً وفعلاً. خاضت تلك الطليعة محك لقبها عندما اعلنت نقابة المعلمين اضراباً عام 1958م واتخذت الإدارة البريطانية قراراً بفصل كل من: امذيب صالح، علي احمد ناصر السلامي، جعفر علي عوض، نورالدين قاسم، محمد مرشد عباد، عبدالرحمن عبدالله فخري وعلي عبدالله فخري. استوعب فضيلة الشيخ العلامة والحبر الفهامة محمد بن سالم البيحاني الكدادي المدرسين المفصولين في صرحه المتين (المعهد العلمي الإسلامي)، عدا امذيب صالح وعبدالرحمن فخري وعلي فخري، الذين ابتعثتهم «رابطة ابناء الجنوب SOUTH ARABIAN LEAGUE» إلى الجمهورية العربية المتحدة للدراسة العليا.

عاد امذيب صالح إلى ارض الوطن عام 1963م والتحق بإدارة التوظيف التابعة لوزارة المعارف الاتحادية بعدن، وكانت نقطة الانطلاق لامذيب صالح صوب التنمية البشرية وترقى في سلم الوظيفة وبلغ الذروة بتحمله جهاز الخدمة المدينة بعدن ،وأشرف على اصدارات جمة من قوانين ونظم العمل والخدمة المدنية، كما كان عضواً في لجنة الإدارة والمرافق منذ انشائها مع لجان الوحدة الأخرى وحتى قيام دولة الوحدة.

أشرف امذيب صالح على تنظيم وادارة الأمانة العامة لمجلس الوزراء في عدن قبل الوحدة وبعدها لفترة جاوزت العقدين من الزمن.

جاد التراكم المعرفي لامذيب صالح بعدد من الإصدارات التالية: 1- أطفال العرب يتعلمون اللغة العربية بطريقة لاتينية، 2- الحاكمية يمانية والإدارة امامية، 3- التنمية البشرية في المفهوم الإسلامي. وله قيد الإعداد كتاب عن مفهوم الديمقراطية بين الإسلام والغرب.

انتقل الآن بالقارئ إلى كتاب الطاهر اليد، العف اللسان امذيب صالح أحمد والموسوم: التنمية البشرية في المفهوم الإسلامي.

ارتكز الكتاب على أبرز قضية حيوية واستراتيجية وهي «التنمية البشرية» بكل مقوماتها وعناصرها ومحورها هو الإنسان، باعتباره وسيلة وغاية التنمية، وتناولها المؤلف باستفاضة موضوعية في سياق المفهوم الإسلامي، لأن المادة (3) من الدستور اليمني قضت بأن «الشريعة الإسلامية مصدر جميع التشريعات».

حدد المؤلف موقفه من قضية بحثه من خلال تصدير (الإهداء) الذي خص به (6) أصناف من المؤمنين وختم الإهداء بالخطاب الجماعي التالي: «إلى كل هؤلاء اهدي هذا الكتاب كمحاولة لتأصيل مفهوم العمل للتنمية البشرية في الإسلام».

عزز المؤلف موقفه من قضية بحثه من خلال مقدمة الكتاب التي اودعت في صفحتين، قدم فيهما عرضا مكثفا لبؤس الإنسان الذي افرزته رداءة السياسات التي تخدم المصالح الضيقة من ناحية والتي تتزين (أي السياسات) بماكياج الإجراءات المعلبة، التي ظاهرها الحق وباطنها العذاب.

أبواب الكتاب
انشطر العنوان الرئيس للكتاب إلى سبعة عناوين فرعية شملتها سبعة أبواب على النحو التالي:

1- العمل حق إلهي والبطالة ظلم شيطاني، 2- حتمية العمل في الإسلام، 3- القيم الاجتماعية للعمل في الإسلام، 4- الصدق أمانة والكذب خيانة في العمل والمعاملة، 5- التنمية البشرية للعمل في الإسلام، 6- تخطيط الطاقة البشرية للعمل في الدولة والمجتمع، 7- تخطيط الكفاءة الانتاجية للعمل في الدولة والمجتمع.

التعريف العام والتعريف الإسلامي للعمل
يقدم المؤلف تعريفاً بماهية العمل الإنساني ويوجزه بأنه «كل فعل ظاهر أو باطن يقوم به الإنسان في أشياء وأحياء هذا الكون اللا متناهي لإسعاد حياة الإنسان»، ثم يصنف فعل الإنسان في الأشياء والأحياء إلى ثلاثة اصناف هي: الأفعال العضلية والأفعال العصبية والأفعال الذهنية (ص 15).

يقف المؤلف أمام لفظة «عمل» ومشتقاتها ومواقع ذكرها في القرآن الكريم، فأشار إلى انها وردت في حوالي (356) آية ضمن عشرات السور، وأورد عدداً كبيراً من الآيات الكريمة كنماذج.

ثم يورد المؤلف تعريفاً للعمل من وجهتي نظر الماركسية والرأسمالية وأضاف على سبيل الاستطراد في التعريف ما اصدرته منظمة العمل الدولية والاستقراء الذي قدمه المفكر الاقتصادي الأمريكي الشهير ليستر ثارو حول المظاهر السالبة لليبرالية الجديدة.

فروع الفصل الرابع من الباب الأول
تناول المؤلف في الفصل الرابع من كتابه (التشابه والاختلاف بين المفهومين الإسلامي والغربي للعمل) وانشطرت عنه ستة فروع تناولت عدة قضايا متشعبة تخص العمل من وجهتي نظر الغرب والإسلام، حيث الصراع عند الأولى أساسه المصالح وعند الثانية أساسه الصراع بين الحق والباطل.

تناول المؤلف ايضاً جانب الطمأنينة في الإسلام فيما يخص العمل لأن صاحب العمل الأول هو الحق تبارك وتعالى والمال هو مال الله، اما مفهوم العمل الغربي فينطلق من نظرية مادية بحتة، رأسمالية كانت أم اشتراكية، فربّ العمل هو صاحب العمل ولا رب إلهي للعامل.

كما يتطرق المؤلف إلى قراءات واستقراءات عدد من الكتاب والمفكرين امثال: د. جلال أمين ود. رمزي زكي والفن توفلر وجيريمي ريفكن حول وحشية الرأسمالية والموجة الثالثة.

ستة فصول في «حتمية العمل في الإسلام»
شمل الباب الثاني ستة فصول تناولت غرائز الإنسان وتقسيم العمل وتوسع المجتمعات ونشوء الدولة وأجهزتها وعالميتها، وتطرق المؤلف في هذا الباب إلى المقايضات التي نشأت على خلفيات المنتجين والحضريين في حين لجأ الجاهليون والمتخلفون الى قطع الطرقات والنهب وكيف تحول النهب من حرفة البؤساء والفقراء الى «حرفة المترفين المتسلطين الذين يقومون بنهب وسلب الأموال العامة والخاصة من خلال أجهزة الدولة الحديثة بمختلف أنواع المكر السياسي والحيل القانونية والديوانية الإدارية.»

القيم الاجتماعية للعمل في الإسلام في ثمانية فصول
استهل المؤلف الباب الثالث من مؤلفه بحق المساواة بين الرجل واستشهد بآيات من الكتاب الحكيم تمحورت في الخطاب الإلهي الى المؤمنين والمؤمنات ثم انتقل المؤلف إلى (حق العمل والخلافة للجميع) «فلا قيمة للحريات الخاصة التي لا تقوم على حق المساواة ولا قيمة للحريات العامة التي لا تقوم على حق العمل».

تناول المؤلف في الفصل الثالث (حق العلم والتعليم للجميع) وعزز المؤلف حجته بالاستشهاد بآيات محكمات من القرآن الكريم، أما الفصل الرابع من الكتاب فقد تناول (حق الصحة العامة للجميع) وتوزع في خمسة فروع تفصيلية.

خليفة رسول الله يتصدر الباب الرابع
يشغل الباب الرابع الصفحات الواقعة بين 89 و120 وتوزع الباب الى فصول وفروع وتفاصيل شملت الكتاب والسنة والآثار الاقتصادية والاجتماعية وقدم الباب الرابع تفاصيل دقيقة، بل وتشريحاً للصدق والكذب، حيث استهل الكاتب مدخل الباب ببيعة أبي بكر الصديق ] عنه خليفة رسول الله الذي القى في المسلمين خطبة عصماء جاء فيها «الصدق أمانة والكذب خيانة».

التنمية البشرية في خمسة فصول وسبعة فروع
تناول المؤلف (التنمية البشرية للعمل في الإسلام) في الباب الخامس الذي تشعب إلى 5 فصول و(7) فروع في ثوابت الإسلام كتحريم الاستغلال وحبس المال ومظاهر التبذير والسفه والترف وتحديد مصارف الانفاق وانصبت كلها لصالح الإنسان، لأنه غاية التنمية ووسيلتها.

تخطيط الطاقة البشرية وتفريعات التوازن
تناول المؤلف (تخطيط الطاقة البشرية للعمل في الدولة والمجتمع) في الباب السادس من كتابه، والذي ضم قسمين، حيث شمل القسم الأول عشرة فصول، فيما شمل القسم الثاني ستة فصول وشملت في اجمالها كل المفردات ذات العلاقة بتخطيط الطاقة البشرية وانواع التوازن منها التوازن بين القطاع الزراعي والقطاع الصناعي والتوازن بين القطاع العام والقطاع الخاص والتوازن بين الأرياف والحواضر.

تخطيط الكفاءة الانتاجية والمفردات الغائبة يمنياً
شمل الباب السابع والأخير من الكتاب تعريفاً وقسمين وعشرة فصول وتسعة فروع تحت عنوان رئيس للباب وهو (تخطيط الكفاءة الانتاجية للعمل في الدولة والمجتمع) ولامست العناوين جوانب هامة وحيوية منها تنظيم عمل الدولة وأجهزتها وتنظيم ادارة العمل وتخطيط وتنظيم العمل والتنفيذ والتوجيه والتنسيق للعمل والرقابة والتقييم واختيار القادة في العمل والتدريب والمعلومات وتفريعات شتى لمفردة الزمن.

لا مناص من اقتناء الكتاب البارومتر، الذي يقيس به القارئ أو المواطن صلاحية أي دولة ترفع شعار الإسلام، اذ يمكّن الكتاب القارئ من الوقوف على أرضية صلبة وهو يراقب ظواهر وبواطن الأمور المتعلقة بالتنمية البشرية من المنطلق الإسلامي.

الناشر مركز عبادي للدراسات والنشر صنعاء .

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى