عزاؤنا لهذا الوطن

> «الأيام الرياضي» فتحي علي ناصر:

> ترددت كثيراً قبل أن أكتب مقالي هذا ليس لشيء إلا لإدراكي العميق بأن الكتابة في هذا الوطن لا تغير من الأمر شيئاً مثلها مثل الزعيق، كلاهما عبث لا طائل منه، ولكن تحت الشعور بالمسئولية وتأنيب الضمير، وكوني أحد أبناء هذا الشعب المطحون وجدت أنه لزاماً علي أن أكتب فلن يضيرني شيء، وقديماً قيل: (الساكت عن الحق شيطان أخرس)، فقبل أيام قليلة قادتني خطاي العاثرة إلى ملعب ستاد 22 مايو زائراًَ لمكتب الشباب والرياضة هناك، وما إن دخلت المكتب حتى بدأت السماء تمطر، وكعادتها عدن كانت جميلة والأمطار تنساب هادئة خالقة لوحة ولا أجمل ولا أروع منها، فاضطررت أن أمكث قليلاً حتى تكف السماء عن سكب المطر، وأثناء مكوثي شاهدت ما لم يكن في الحسبان، فقد هالني ما رأيت داخل مكتب الشباب، فقد كانت المياه تتسلل إلى الداخل بشكل مخيف، وكأننا في بناية مضى على تشييدها مئات السنين، فنظرت إلى العاملين في المكتب.. كانوا ينظرون إلى تلك التشققات راسمين علامات استفهام كثيرة.

ولم يكن باستطاعتهم فعل شيء إذ كل ما فعلوه هو إحضار أوان معدنية، علها تتلقف ما تجود به تشققات ذلك السقف من مياه، وبين الفينة والأخرى كانوا يرشقون بتلك المياه إلى الخارج.

حقاً إنه منظر مؤثر لكنها الحقيقة، وكنت قد قرأت من قبل عن عيوب مخيفة يحفل بها هذا الاستاد العظيم، ولكنني ظننت أن كل ذلك حديث إثارة ومكايدات لا أقل ولا أكثر، ولكني حينما شاهدت ذلك بأم عيني، أدركت مدى فداحة الضرر الذي ينخر جسد هذا الاستاد الذي كلف خزينة الدولة ما يفوق الـ 2 مليار ريال، وكل هذا يقتطع من قوت الفقراء وأحلامهم إذ لا يعقل إطلاقاً أن تشيد منشأة بهذا الحجم، ويستنزف من خزينة الدولة هذا المبلغ الضخم ، ثم نفاجأ بأنها وهم وبرواز لا أقل ولا أكثر.

حقيقة أنا أندب حظ هذا الشعب المسكين الذي يتناهشون جسده بكل قسوة دونما مراعاة لوازع من ضمير أو أخلاق أو دين، وقد لا يكون هذا الاستاد هو الوحيد الذي يعاني من اختلالات ،فهناك المئات من المنشآت على طول هذا الوطن تعاني ربما من نفس الخلل، وحينما يتم تسليمها لا نجد إلا عبارات الإشادة بما تم إنجازه.

ولم أملك وأنا في مكتب الشباب والرياضة بعدن إلا أن ألتقط صورة لما شاهدته ،وهذا أضعف الإيمان ،لأنه ليس بيدي ما أقوم به أكثر من ذلك.

وها أنذا أضع كلماتي هذه إلى جانب الصورة بين يدي كل مواطن وكل إنسان يهمه هذا الوطن الحبيب، وأضعها بداية بين يدي المسئولين عن المشاريع بوزارة الشباب والرياضة وكذا اللجنة المكلفة باستلام هذا الاستاد وأوجه سؤالي لهم:

ماذا تقولون فيما ترون ؟ أخيراً لا يسعني إلا أن أقول:

لك الله ياوطني، وإذا كان هنالك من يستحق العزاء فأنت هو .. فلك العزاء ياهذا الوطن، فكل شيء مباح في أرض ليس فيها رقيب ولا حسيب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى