هل حان الوقت لوضع حد لهذا العبث والتلاعب؟

> د. محمد عبدالهادي:

>
د. محمد عبدالهادي
د. محمد عبدالهادي
يصادف يوم الخامس عشر من شهر مارس من كل عام اليوم العالمي لحماية المستهلك، ونجد أن الحكومات تتعامل مع هذا اليوم بطريقتها، ففي حين نرى أن حكومات تحرص على أن يأتي هذا اليوم من كل عام وقد حققت لمواطنيها الكثير من تطلعاتهم في حياة خالية من الامراض والاوبئة وأجواء بيئية صحية وغذاء نظيف غير مغشوش ووفقاً للمواصفات المطلوبة وغير ملوث بالمبيدات القاتلة، وشراب صالح للاستخدام الآدمي وأدوية تخضع لكل المواصفات اللازمة، هذه الحكومات هي التي تحترم المواطنين وحقوقهم الكاملة، وتسعى دوماً إلى خدمتهم وتحسين ظروف حياتهم ومعيشتهم باستمرار، بينما نجد حكومات وللأسف الشديد في عالمنا العربي- باستثناء القليل جداً منها - جاءت بهدف الفساد والافساد والكسب غير المشروع وهي حكومات لا تمثل الا مصالحها ومصالح القوىوالاطراف المتنفذة في صنع القرار.. هذه الحكومات بطبيعة الحال لا تعير هذا الموضوع (حماية المستهلك) أدنى تقدير أو اهتمام، وهذا الوضع يعكس حالها وواقعها.

ففي بلادنا يفتقر المستهلك لابسط حقوقه القانونية، بالرغم من وجود عدد من القوانين التي تهدف إلى حماية المستهلك والمحافظة على هذا الحق الانساني. ويعود ذلك إلى عملية تجهيل متعمدة للمواطن بحقوقه وبالقوانين التي تكفل له هذا الحق بفعل غياب التوعية الاعلامية، وغياب الآليات الفعلية لتنفيذ هذه القوانين، والتداخل في الاجهزة الامنية، ولعدم المبالاة في مسألة حقوق المستهلك والانتهاكات التي يتعرض لها، وللتباطؤ الواضح والشديد في اجراءات التقاضي في ظل غياب مسؤولية الاجهزة التنفيذية والمؤسسات بتحمل مسؤولياتها الانسانية والاجتماعية والقانونية.

كل هذه القضايا السلبية ادت إلى جعل المواطن عرضة للابتزاز والجشع والامراض الفتاكة في عصر باتت فيه هذه القضية (حماية المستهلك) تعد من أهم القضايا والأولويات في سلم الحكومات بالنسبة لكثير من المجتمعات.

وأمام هذا المعضلة الجسيمة والإيمان العميق بالأهمية التي تكتسبها قضية حماية المستهلك وبالنظر إلى ما وصلت إليه الأوضاع في البلاد جاء تأسيس الجمعية اليمنية لحماية المستهلك بعدن عام 1997م كجمعية مستقلة لتكون أول جمعية من هذا النوع تتبنى قضايا المستهلك وتعمل على نشر الوعي الحقوقي والقانوني بين المواطنين وفقاً لإمكاناتها الضئيلة المتاحة. وفي ظل غياب واضح لتعاون المؤسسات الأمنية والتنفيذية معها، بعد أن وصلت الامور إلى حد مخيف بات يهدد المجتمع ككل بفعل تفشي البضائع عديمة الجودة والتي لا تستوفي أبسط المعايير والمواصفات، وهي السائدة اليوم والمستأسدة على الأسواق اليمنية عموماً، والأغذية الملوثة والأدوية المهربة والتي الكثير منها محرم دولياً، والبضائع بأنواعها المهربة والمجهولة المصادر والمزيفة في تواريخ صلاحياتها للاستخدام الآدمي والاخرى التي تعاني من التلف بفعل طرق النقل والتخزين، وفي ظل ضعف الإجهزة الرقابية الحكومية من حيث الامكانات والوسائل العلمية وفساد بعض عناصرها، مما حدا بها إلى الابتعاد عن ممارسة واجباتها الإنسانية والقانونية من حيث الرقابة الفعلية على الأغذية والمياه والادوية المطروحة في الاسواق.

هذا الوضع أدى إلى مظاهر التهاون في جودة الاشياء والمواد الضرورية لحياة المواطن، وتدني مستوى نوعية الخدمات المقدمة للمستهلك بكل مكوناتها الصحية والبيئية، وصاحب ذلك غياب ملحوظ للأجهزة الاعلامية الرسمية وحتى الصحافة الحزبية والاهلية في مسألة التوعية الاعلامية بحقوق المواطن ومتطلباته الضرورية باستثناء صحيفة «الأيام» اليومية واهتمامات ناشريها والتي أسهمت وتسهم كثيراً في نشر الوعي الحقوقي للمستهلك من خلال الارشادات التوعوية والاخبار اليومية والتقارير الاخبارية والمقالات والكتابات المختلفة المهتمة بقضايا المواطن، وهو ما يجعلها اليوم في صدارة الصحف الصادرة في بلادنا كافة التي تهتم بقضايا حقوق المستهلك.

والحقيقة أن الامور قد وصلت إلى منحدر خطير للغاية بات يهدد الجميع بفعل ما يتعرض له المواطن من غش وتلاعب في قوته وشرابه ودوائه دون أن تحرك الحكومة والاجهزة الرقابية ساكناً.

وبهذه المناسبة نجدها فرصة للتوجه بنداءً الاستغاثة إلى فخامة الأخ علي عبدالله صالح، رئيس الجمهورية لوضع حد لهذه المأساة والكارثة - التي بدت ملامحها واضحة واستفحلت - لمواجهة العابثين والجشعين والمتسلطين بقوت المواطن وصحته وحياته، كما أننا في نفس الوقت نناشد المواطن لتحمل مسؤوليته وعدم السكوت والتهاون وللتعاون مع الأجهزة الرقابية والأمنية للتصدي بحزم للنفسيات المريضة والجشعة التي تتلاعب بقوت المواطن وصحته.. فكفى تهاون وسكوت فالحكومة ملزمة وتقع عليها مسؤولية حماية المواطن وتأمين القوت والشراب والدواء النظيف له.

üالمسؤول الإعلامي لجمعية حماية المستهلك بعدن

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى