العمامة والكرافتة والمقرمة المرنججة!

> سعيد عولقي:

>
سعيد عولقي
سعيد عولقي
الموقف البائس الذي تعيشه أحزاب المعارضة السياسية وحركات المعارضة كافة في بلادنا يثير الشفقة والرثاء وبعض الحسرة المشتقة من العجب والعجنجب والصيام في رجنجب، لأنها وجدت نفسها على مر السنين شيء مالوش شيء بمعنى التعبير الذي ابتكرته العامة من الناس بحكمة وبراعة شديدتين في عبارة عامية واحدة هي : «شيء لاش» فلا صوتهم له صدى ولا كلامهم له تأثير ولا عملهم - إن كان لهم عمل - يشكل أي فعل ويؤدي أي نتيجة. ولا داعي عندما نتكلم عن المعارضة أن نفرزهم ونخرج من بينهم الطيب من البطال ونحدد اولئك الذين يمثلون دوراً من اولئك الذين يعملون لوجه الله تعالى وللوطن، لأن عمل سيدي حسن في المحصلة الأخيرة يصب في سلة الدولة ولا يختلف في نظرها عن عمل ستنا حسينة إلاّ في واحد حاجة وهي أن الأول يلبس عمامة ديوالي أو بدلة وكرافتّه تمر والثانية تلبس الطرحة الصافية أو المقرمة المرنججة.. وقد قال الشاعر الشعبي «المشطر» رحمة الله عليه في قصيدة مشهورة : «أنا لا اتخربطين البل انا عارف بلي .. قدني أنا دي ميّز الطيب من البطال.»

والأزمة اللي تعيشها المعارضة بالطبع وبلا جدال من صنع السلطة الحاكمة - وهذا من حقها - وقد جعلتها أزمة مستحكمة ومحنكة مشبعة بالبوستيك اللاصق شديد اللصقان، وفوق ذا وذاك دقت فوقها مسامير من أبو هنشين ويقال ثلاثة هنش والله اعلم يعني انها أنجزت عملها بمهارة شديدة الدهاء والمكر والإحكام وبأسلوب متقن لا يمكن لأحد أن يؤاخذها عليه إلا بالدعوات الصالحات لها بالاستقامة والبصر والنظر وفقاً لأسس دولتنا الديمقراطية المكللة برايات الحرية الزايدة على المعلوم والمنطلقة من خصوصيتنا اليمنية المجيدة بنت المجيدة.. وبناء على هذه الخصوصية بإمكان المعارضة فعل ما يحلو لها في نطاق الدستور والقانون والرز والصانونة والسلتة والملوج.. ولكن.. وأعوذ بالله من كلمة لكن هل أحرزت المعارضة أي تقدم أو أثرت أي تأثير يخلي السلطة تضعها في حسابها ما عاد بانقولش تعمل لها حساب وتقدر لها وزناً يليق بمكانة سياسية واجتماعية نستحقها حتى ولو بمجرد الاستئناس برأيها اذا أجت على السلطة أمور ومرت بمحن وواجهت أي مآزق أو صعاب؟

حسب علمنا القليل - لأنه ما أحد يطلعنا على أسراره وخططه - وطبقاً لما تعلنه المعارضة نفسها وما تظهره مجريات الأمور والوقائع أن المعارضة برغم محاولاتها الكثيرة المتكررة لاستئناس السلطة واستعطافها عجزت عن ردع السلطة أو كبح جماح شططها ورعونتها وتحجيم فسادها وبطرتها التي فاقت كل الأوصاف وعبثت بكل شيء.

هل هذا لأن المعارضة قاصرة الوعي ناقصة النضج عاجزة الحيلة.. أم أنها فقيرة الشعبية والسلطة عبقرية كاملة النضج بالغة راجحة غنية الشعبية؟ وهنا أستسمحكم في العودة إلى الشطر الثاني من قصيدة «المشطر» حيث يقول: «وأنا دي سيت لك قبة وخليتك ولي.. وإلا قدك باتزقر الموهر مع الأبتال!» اذن كيف تفهم قدرة السلطة على تحريك الجماهير أكثر من المعارضة برغم تذمر هذه الجماهير من تردي أوضاعها مما يتفق مع طروحات المعارضة أكثر من اتفاقه مع هيبة السلطة؟ هل يعقل أن تعمل الجماهير ضد نفسها؟ ضد مصالحها؟ أم أنها قوة العادة المستحكمة وتداخل واختلاط رموز السلطة السابقة برموزها الجديدة بتداخل هنا وهناك مع المعارضة مما جعل الدنيا كلها سلطة بدنجانية مخللة بالثوم والزيتون؟ وبالتالي ولد هذا المنطق الجديد - أو الواقع الجديد- لأحوال العلاقة بين السلطة والمعارضة والعكس بالعكس مثلما هو الفكس بالتكس والشبس بالكبس.. وبالتالي جاءت علاقات سمنية عسلية بين السلطة والمعارضة - أغلبها على الأقل - ولم ينقص الفتة إلا قليل بصل أخضر على جنب.

هل يعبر واقعنا الحالي على أننا نعيش في حالة خوف مستديم بسبب عقدة الماضي أو بدونها؟ أم أننا نعيش حالة مرضية تحت رحمة سلطة ومعارضة (معاً) استطاعا استلاب «الماضي» وامتلاكه ويعملان معاً للسيطرة على «الحاضر» ويسيطران عليه الآن بالفعل.. وهما بعد ذلك يعملان بنجاح لامتلاك «المستقبل» أيضاً؟؟ إن ما يذهل العقل ويكاد يذهبه في واقعنا المعاش هو هذا التداخل المتمازج المتماسك بين السلطة والمعارضة إلى حد أنه يكاد يمثل نسيجاً واحداً شديد المتانة.. بل هو كذلك بالفعل.. ولا يمكن أن أجد وصفاً لواقعنا المعاش سوى أنه يمثل مؤامرة على العقل! وفي واقع كهذا تزدهر أعمال القهر.. وتعربد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى