أيــام الأيــام..لماذا هانت العراق على العرب؟

> أحمد عمر بن فريد:

>
أحمد عمر بن فريد
أحمد عمر بن فريد
أصيح بالخليج: يا خليج يا واهب اللؤلؤ والمحار والردى! فيرجع الصدى.. كأنه النشيج:«يا خليج يا واهب اللؤلؤ والمحار والردى»,من (أنشودة المطر): بدر شاكر السياب

يبدو واضحاً- مع بالغ الأسف- أن موت الطيور في هذا البلد من العالم أو ذاك بات أكثر مدعاة للقلق لدى المجموع العربي الرسمي وحتى الشعبي، من مشاهدة مئات العراقيين وهم يذبحون يومياً وتراق دماؤهم في أكثر من مدينة بلا سبب ولا رحمة من قبل الفاعل المجهول. إذ إن الذعر من خطر تفشي مرض انفلونزا الطيور وانتقاله إلى داخل مساحة القطر العربي يحتل الأولوية في الأجندة العربية، متقدماً بمراحل كثيرة على قضية (الأرض والإنسان والمصير) لبلد عربي عزيز علينا جميعاً كالعراق.. هذا إن فرضنا جدلاً وجود هذه القضية من الأساس في أي أجندة عربية كانت! أو أنها تقض مضجع أي زعيم عربي كبير أو صغير.

وعلى الرغم من علمنا بواقع الحال التعيس، إلا أننا استبشرنا خيراً حينما تحركت مؤسسة جامعة الدول العربية بقطارها البطيء جداً في اتجاه بغداد، وعقدنا حينها الآمال العريضة على تلك الخطوة ، وراهنا على حمية القومية العربية الفائرة في دماء أمينها العام السيد عمرو موسى، وشاهدنا بداية مقبولة لحوار (عراقي - عراقي) في عاصمة المعز، تمنينا أن يتواصل بهدوء وعزيمة حتى ينتهي إلى نتيجة مرضية للجميع، تحفظ لهذا البلد العريق هويته واستقلاله ووحدته ودماء أبنائه قبل كل شيء وبعد كل شيء.. ولكن هذا القطار العربي (المتهالك) عجز عن مواصلة المسيرة ! أو هكذا فهمت.. ولا أعلم - وربما لا يعلم غيري- لماذا توقف وآثر السكينة والاستسلام والركود؟

قطار الجامعة العربية.. آثر (كعادته) ولأسباب لا نعلمها تغيير خط سيره الطبيعي إلى حيث لا يفترض به أن يكون، وفضّل وفقاً لتوجيهات بوصلته السياسية العجيبة، الاتجاه شرقاً إلى طهران في تلك المرحلة، تاركاً بغداد تسبح في دماء أبنائها وتتكبد معاناة الوجع الجماعي، وتشاهد مع غروب شمس كل يوم شبح الاقتتال الطائفي والعرقي والتمزق الوطني ، وآثر هذا القطار أن يرسل ملاحظات عاجلة، فوق أمواج الخليج إلى قمة الخليج في أبو ظبي، تتحدث بلغة خلت من أبجديات الدبلوماسية الرصينة - التي لم يبق لنا نحن العرب سواها - عن كيفية الحديث في قضية مهمة كقضية (خلو منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل)!.. ولا عجب فهذا القطار الذي لم يصل إلى غايته ذات يوم، لم يفكر (قادته) فيما مضى من الزمن، القيام ولو برحلة استطلاعية عاجلة إلى الصومال الذي يذبح كل يوم، بفعل العلة ذاتها التي تستنزف دم العراق اليوم.

وإذا ما سلمنا بضعف مؤسسة جامعة الدول العربية وعدم قدرتها على تحقيق الإنجاز المطلوب الذي عشمتنا بإنجازه، فإننا نتساءل بأسى عميق، كلما شاهدنا الدماء العراقية تندفع في شوارع بغداد أو الموصل أو الفلوجة لتسقي الأرض اليابسة وتشبع نهم مصاصي الدماء، عن دور قادة الدول العربية(أنفسهم) في هذه القضية العربية الكبيرة؟.. نتساءل، ونستغيث حتى وإن كنا في زمن هجرت فيه الدول المتحضرة كل معاني صرخات الاستغاثة القبلية وخلفتها لنا نحن العرب.. نتساءل محقين: أين هي ضمائر هؤلاء القادة.. أين تسكن ولماذا هي صامتة؟.. أين معاني النخوة والنجدة والشهامة العربية مما يحدث ويجري في أرض الرافدين؟ ولماذا لا تبادر دولة عربية واحدة فقط بتبني مبادرة جادة للمصالحة العراقية على شاكلة ما حدث في الطائف لقوى لبنان التي اجتمعت وأخلصت وأنتجت اتفاقية الطائف الشهيرة؟!

المفارقة العجيبة، إزاء كل هذا الصمت العربي المطبق والمتجاهل لكل ما يحدث في العراق، هو حالة الصراخ الإعلامي الدائم تجاه (الشغل) الإيراني الذكي في العراق، الذي استطاعت من خلاله إيران أن توجد لها قواعد سياسية ترتبط معها بحبل عقائدي متين في أكثر من مكان وأكثر من جهة... وفيما عدا الصراخ في القنوات الفضائية العربية من قبل المسؤولين العرب تجاه التدخل الإيراني في العراق، لم يقدم المجموع العربي (المحيط) بالعراق ما يمكن أن يمنع، حتى سفر قوافل المقاتلين العرب إلى داخل العراق، وهي التي تبدو بفكرها (التفجيري)، الذي تتبناه وتحمله معها، مسؤولة مسؤولية مباشرة عن كل ذلك القتل الجماعي الذي نشاهده في العراق.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى