خروج على النَّص

> فضل النقيب:

>
فضل النقيب
فضل النقيب
في زاوية الأسبوع الماضي المعنونة «كلمة طيبة» ربَّما أكون خرجت قليلاً عن النَّص أو عليه، - سيّان - فالمسرحية مازالت في طور «البروفات» والجمهور تجريبي بدون تذاكر دخول، فلا ضَرر ولا ضرار، ولا أدري لماذا حضر في ذهني «القردعي» الفارس والشاعر والمناضل، الهارب من سجن الإمام يحيى بن محمد حميد الدين ومن بطشه وظلاميته، ومع أنه كان له قلب أسد إلا أنه كان يتلفّت وهو في طريقه إلى المجهول فالحذر يؤتى من مأمنه، وما كان بحاجة لأن يستلهم اعتذارية النابغة وهو يستعطف النعمان بن المنذر، الذي كان الناس عموماً والشعراء خصوصاً يخشون يوم بؤسه ويستبشرون بيوم سعده، ولا يدري أحد أين سيقع من فوق ذلك السراط الدامي:

وإنك كالليل الذي هو مُدركي ** وإن خلتُ أن المنتأى عنك واسع

وكان «القردعي» في ضراوته التي أشهرها في وجه نمر حقيقي بطش بأنف القردعي فأطبق على رقبة النمر حتى الموت بيديه العاريتين، أحوج إلى استلهام أبي فراس الحمداني، الفارس الشاعر الأسير لدى الروم، دامع العينين باتر الحدّين:

أسرتُ وما صحبي بعزل لدى الوغى ** ولا فرسي مُهرٌ ولا ربه غمْرُ

ولكن إذا حُمّ القضاء على امرئ ** فليس له برٌ يقيه ولا بحر

لم يعتذر القردعي للإمام يحيى، ولا للناس التي «تغلق دونه أبوابها» وإنما وجب اعتذاره للحصون العوالي التي تعرفه ويعرفها، ولا يعرف صلابة الصخر غير الصخر، ولذلك التفت إليها يحييّها ويطلب منها نقل رسالته المنذرة ويعتذر عن «الشارد» الذي سيعود يوماً ليكون على رأس الباطشين بالإمام قبل أن تقوم القيامة، كما اعتقد إبان الشرود: القردعي.. يا ذي الحصون المُعتليّه

ما شي على الشارد ملامه

قولي ليحيى بن محمد

بانلتقي يوم القيامه

ربما أجد بعض نفسي اللوّامة وأنا أخرج على النص في بعض نفس «القردعي» اللائمة لتفاهات النظر الكليل والمتاع الحقير حين قال:

كلاً يبي يجزع العُوْجا على الثاني

وكلكم تحت هجّ أعوجْ تجرّونهْ

أترى كان علي بن ناجي الغادر، يعبّر من الضفة الأخرى للنهر نفسه عن صلابة اليمنيين الذين يتشبهون بصخور بلادهم المتكعدلة من أعالي الجبال كأنها الرعود حين قال:

حيد الطيال أعلن وردد كل شامخ في اليمن

ما با نجمهر قط لو نفنى من الدنيا خلاص

لو يرجع أمس اليوم ولا الشمس تشرق من عدن

والأرض تشعل نار وامزان السما تمطر رصاص

نستطيع أن نقول «ما با نؤمركْ قط».. ربّما برطمت في وجوهنا كوندوليزا رايس، ورفع جورج بوش الصغير رأسه «بكيفه يرفعه ولا يوطيه» على حد قول أبوبكر سالم بلفقيه، لأن علينا أن نصبح يمنيين أولاً بالمعنى الذي نحب، ثم عروبيين بالمعنى الذي يحبه التاريخ، وبعد ذلك لكل حادث حديث، ولكل ساقطة لاقطة.

هاتفني كثيرون يسألون عن معنى المعنى في زاوية الأسبوع الماضي والمعنى كما يقولون في بطن الشاعر، فالكلام حمّال أوجه، وكل واحد يقرأه بعين طبعه، ومع ذلك فإن الطيور على أشكالها تقع:

عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه

فكل قرين بالمقارن يقتدي

وعلى الرغم من أن «القافلة تسير والكلاب تنبح»، وهذا من طبيعة الأمور لأن كليهما - القافلة والكلاب - لا بد أن ينجزا عملهما، إلا أن للكلاب وجوداً إيجابياً ينكره عليها غير المنصفين:

تعدو الذئاب على من لا كلاب له ** وتتقي صولة المستأسد الضاري

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى