مع الأيــام..المحظور والمحذور في قانون الصحافة

> نجيب محمد يابلي:

>
نجيب محمد يابلي
نجيب محمد يابلي
نصر طه مصطفى وعبدالباري طاهر في معرض الرأي..الصحافة هي مهنة المتاعب في أي مجتمع من المجتمعات، فما بالكم بمجتمع كالمجتمع اليمني الذي لا تتجاوز نسبة الحضر فيه 27% والواقع عصي وشائك بكل المقاييس، على الرغم من تباهي وسائل إعلام السلطة بالديمقراطية، التي لا تعني تأسيس برلمان، لأن الديمقراطية منظومة متكاملة تبدأ أولى حلقاتها من المدرسة بتنشيط عقل الطفل بخلق قدرته على المشاركة والملاحظة والاستنتاج، وهي اللبنة الأولى في عملية الإصلاح التعليمي، التي تصب في مجرى المجتمع، ولذلك فالرأي العام الحي مرتبط عضوياً بالصحافة الحية ووسيلتي الإعلام الأخريين.

عانى الصحفيون وأرباب الصحف شتى صنوف التنكيل، بعضها تحت طائلة القانون وبعضها الآخر تحت طائلة البلطجة، وأصبح الجميع (المنتسبون لصحف اللقاء المشترك والصحف الأهلية والمستقلة) في معاناة مزمنة من قانون الصحافة والمطبوعات رقم (25) لعام 1990م ولائحته التنفيذية التي صدرت بالقرار الجمهوري رقم (49) لسنة 1993م، ثم صدر مشروع قانون جديد، ثم مشروع قانون معدل لن تتعدل معه المعاناة.

ظلت مؤسسات المجتمع المدني واقفة على أطراف أصابعها على مدى السنوات التي أعقبت حرب صيف 1994م وهي تحشد الرأي العام في الداخل باعتبارها جماعة ضغط وأدلت مؤسسات دولية بدلوها منها «لجنة حماية الصحفيين» (CPJ) وسأورد نموذجين من نماذج معرض الرأي في المحظور والمحذور في قانون أو مشروع قانون الصحافة، فالاثنان متقمصان روحاً واحدة.

1- محظورات النشر : النص والتطبيق:

نشرت مجلة «القسطاس» في عددها الصادر في نوفمبر 1999م الندوة الموسومة بعاليه، أدارها المحامي أحمد الوادعي وشارك فيها الإخوة سامي غالب، أمين عام لجنة حماية الصحفيين وفتحية عبد الواسع، مدير عام الشؤون القانونية بوزارة الإعلام والمحامون عبد الملك السنباني وشايف اليوسفي وعبد المجيد ياسين ونبيل المحمدي والأستاذ نصر طه مصطفى، رئيس لجنة الحريات بنقابة المحامين وحسين الغيش، رئيس نيابة الصحافة وعلي سعد المقالح، عضو نيابة الصحافة ومطهر حسين، نائب مدير إدارة الصحافة بوزارة الإعلام.

بخصوص محظورات النشر قال الأستاذ نصر:«وجود محظورات النشر أعتقد أنه أمر طبيعي في أي بلد، والمساءلة سواء صيغت أو حتى لم تصغ هي في الأخير مناطة بمدى وعي من يمارسون هذا الحق، قد نفترض أن القانون لم ينص على محظورات، لكن نعتقد أن كل واحد في قرارة نفسه.. كل مواطن، كل مثقف، كل صحفي، كل سياسي بداخله أصلاً عدد من المحظورات يفضل أنه لا يقترب منها بشكل طبيعي وتلقائي».

لامس الأستاذ نصر بعد ذلك ناحية التعاطي والمرجعية فقال:«أيضاً هناك تساؤلات حول ما هي الضمانات على افتراض أن وزارة الإعلام هي المعنية بشكل مباشر بتطبيق نصوص قانون الصحافة وفي حالة الخلاف طبعاً القضاء هو المرجع، لكن الوزارة بشكل أساسي هي المعنية بتطبيق النصوص ولكن ما هو الضمان لعدم تعاطي الوزارة مع النصوص بشكل تعسفي، ربما لأهداف سياسية أو ربما لأسباب غير واضحة على الأقل»».

2- ماذا قال النقيب الزاهد الطاهر عبد الباري طاهر:

نشرت «الأيام» موضوعاً موسوماً «أيها الصحفيون ..احذروا!» للنقيب عبد الباري طاهر في عددها الصادر في 21 يوليو 2002م تطرق فيه إلى حصاد أعمال الملاحقات والتنكيل التي عاناها الصحفيون والكتاب والناشرون، وإلى جهود الناشرين هشام وتمام باشراحيل في إبراز «الأيام» مؤسسياً ومهنيا كمنبر لحرية الكلمة وراصد للخبر في ظل أجواء معادية لحرية الكلمة، ولذلك دفع الناشران ثمن ذلك.

ثم تطرق النقيب الطاهر إلى مشروع القانون «الذي لا يعرف الصحفيون عنه شيئاً وتتكتم نقابة الصحافة على الأمر، وكأن ذلك ممارسة غير أخلاقية» ويكتفي السيد النقيب بتلميحات عن مكاسب منتظرة يجنيها الصحفيون من وراء القانون المرتقب. يمضي النقيب طاهر في عرض مجريات الأمور ويختتم المقدمات ويلامس النتائج بالقول :

«إننا ندعو زملاء المهنة وقيادة النقابة إلى التنبه للخطر القادم حين تتحول نقابتهم إلى قسم شرطة للتنكيل بالصحفيين وخنق الهامش الضيق لحرية الكلمة، ونعتقد أن التلويح بالمغانم وهم، بينما الوعيد بالعقاب القادم والصارم هو الأكثر جلاء وصدقاً، فهل نتصدى لقانون يطبخ على نار هادئة في مجلس الوزراء أم ننتظر الكارثة التي تتربص بنا دون انتظار ؟!».

إذا كان هذا هو حال السلطة الرابعة من خلال القراءتين، فكيف يكون حال السلطات الثلاث؟ يبدو أننا سنظل ندور في دائرة مفرغة حتى يتوفر المناخ الملائم للسلطة الرابعة، وسينعم بعدها المجتمع عامة والاستثمار خاصة بمناخ آمن وملائم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى