وتلك الأيــام..لا توجد منطقة وسطى

> محمد عبدالله الموس:

>
محمد عبدالله الموس
محمد عبدالله الموس
صحيح أن حروف العربية لا تتعدى (28) حرفاً، لكن مساحة حركتها واسعة لدرجة أن تزلزل عروش الفساد أو تعمل باتجاه معاكس لتجمل القبح، وكقارئ لـ «الأيام» كنت (استقلل) من قلم برشاقة قلم (فضل النقيب) تحاشى الخوض في واقعنا المزري الذي نعيشه، وأظنه (خرج عن النص) أو هو استل سيفه كما اعتقدت وآخرين غيري في عدد «الأيام» (4739) الصادر في 19 مارس 2006م.

في أكثر من إطار، نحن نعيش واقع:

كلا يبي يجزع العوجاء على الثاني ** وكلكم تحت هيج أعوج تجرونه

بغض النظر عما يكون قد ذهب إليه الأستاذ (النقيب) في استعارته لبيت الشعر هذا، على أن خاتمة عموده ببيت الشعر:

تعدو الذئاب على من لا كلاب له ** وتتقي صولة المستأسد الضاري

تدعو إلى الذهن أصوات (الولولة والندب والمدح) في بعض الصحف، وأكثرها (الولولة) في وجه منتقدي الفساد، و(المديح) لكل صور القبح التي تسير بنا إلى المجهول.

حاشا أن أضع نفسي وزملاء الحرف في موقع (كلاب القبيلة) وإن كانت ضرورية لقوافلها ومطارحها، فهي تطلق نباحها في وجه كل شاردة وواردة بغض النظر إن كان (المنبوح) عليه (محقاً) أو (متربصاً) ينطبق عليها قول الشاعر رشيد الخوري وهو ينعى(كلبة) صديق له كان يطلق عليها (فيفي):

كم فقيراً أتى ليطلب قوتاً ** حرمته (فيفي) ولوج الباب

أو غريماً أتى ليطلب دينا ** تركته معفراً في التراب

رحمة اللحم والعظام عليها ** وصلاة الصحون والأكواب

فالأمر في جميع الأحوال لا يعدو كونه (شيء بنقيضه يذكر).

من طبائع الأشياء أن لا يخلو مجتمع من عيوب، ويسعى العقلاء إلى اقتراح الحلول في ضوء ما تنقله وسائل الإعلام من رصد لتأثير هذه العيوب في حياة الناس وفي مستقبلهم، ذلك هو الوضع الطبيعي الذي يساعد المجتمعات على السير نحو الكمال، أما حين تنقلب وظيفة الإعلام إلى الدفاع عن العيوب والأخطاء لمجرد أن مرتكبيها (من أصحابنا) ففي هذه الحالة يمكن أن (نذبح) وطناً من أجل خاطر عيون (هؤلاء الصحاب)، وهذا يعني أننا نسير إلى الهاوية بوعي أو بدون وعي.

لا يمت للحقيقة بصلة منطق (أنه ليس بالإمكان أفضل مما كان) فحرية التعبير أفضل- لمعالجة الأخطاء- من تكميم الأفواه، وحياد الإعلام الرسمي ليبين الإيجاب وينتقد العيوب والأخطاء أفضل من تحيزه لتمجيد أوهام يصل في بعض الأحيان درجة الدفاع عن الفساد، وحرية السوق أفضل من الاحتكار باسم الوكالات، ووضع ضوابط شغل الوظائف أفضل من توزيعها هدايا ومجاملات، وفتح الأبواب للاستثمارات أفضل من المساومات المقززة التي لا تقيم وزناً للشباب العاطلين الذين تستوعبهم هذه الاستثمارات والنمو الذي تحدثه في اقتصاد الوطن، والخبز والتعليم والتطبيب أفضل من الشعارات، وانتخابات بالقائمة النسبية أفضل- لنمو الممارسة الانتخابية- من نظام الفائز الأول كيفما اتفق، هذه الأشياء ونقائضها- وغير ذلك الكثير - هي الفرق بين الديمقراطية وأي شيء آخر عداها، ونحن إما أن نختار الديمقراطية أو ذلكم الشيء الآخر فلا توجد منطقة وسطى بينهما إلا في خيال أساطين الفساد وحاملي مباخرهم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى