وداعاً. آخر الرجال المحترمين

> عبدالعزيز يحيى محمد:

>
الفقيد شكيب عوض
الفقيد شكيب عوض
فقدت الحركة الثقافية والفنية اليمنية برحيل الإنسان العظيم والإعلامي الكبير شكيب عوض، واحداً من أبرز وأهم وأشهر فرسانها، بعد أن أفنى جل سنوات عمره في سبيل تعزيز وتقوية دورها وموقعها وإعلاء ورفع شأنها ومكانتها بين أوساط الجماهير.

فعلى مدى أكثر من أربعين عاماً جند ووظف وسخر فقيدنا الكبير معظم طاقاته وقدراته وإمكانياته الإبداعية، عبر مختلف الوسائل التي أتيحت له، وفي مقدمتها وسائل الإعلام، لكتابة وإعداد وتقديم أعمال وبرامج صحفية وإذاعية وتلفزيونية مثل: الشاشة الكبيرة، سهرة مع فنان، نجم على الهواء، في منتصف الليل، بالإضافة إلى إشرافه على تلك الصفحات الثقافية والفنية والأدبية في العديد من الصحف ومنها صحيفة 14 أكتوبر، فغدت تلك الأعمال والبرامج، بفضل العناية الفائقة التي حظيت بها من قبله، رغم كل الظروف والعوامل الصعبة والمعقدة التي واجهته وعانى منها، غدت منابر للإشعاع الثقافي والفني للشعب، ومرآة عاكسة من ناحية لما يشهده واقعهم من متغيرات، ومجسدة من ناحية أخرى لنضالاته وتضحياته وأحلامه وتطلعاته وهمومه، ووسائل لإنعاش الحركة الثقافية والفنية والأدبية، كونها حفزت ملكات الإبداع لدى موهوبيها، لما أتاحته من فرص أمامهم لنشر وعرض العديد من إنتاجاتهم.

ومن العوامل المهمة التي لعبت دوراً أساسياً في نجاح تلك البرنامج والأعمال سعي الفقيد شكيب عوض لإضفاء أجواء من الديمقراطية عليها، فجعل مسألة المشاركة فيها متاحة أمام الجميع ليعبروا من خلالها عن آرائهم وتصوراتهم وقناعاتهم بغض النظر عن انتماءاتهم ومشاربهم السياسية والفكرية، دون الإخلال بالمستويات والمضامين التي تستوجبها وتتطلبها تلك البرامج والأعمال باعتبار ذلك شرطاً لا غنى عنه لسبر أغوار تلك الأعمال ومعرفة كنهها ووظائفها الاجتماعية والإنسانية.

ومن أهم المميزات التي تمتع بها الراحل الكبير أنه لم يسخر قلمه وبرامجه- يوماً- للتلاعب بالكلمات والقيم، ففي حين رفض قول ما هو مطلوب إرضاءً للآخرين ليحقق من وراء ذلك مكسباً شخصياً أو منفعة ذاتية، فإنه في الوقت ذاته ظل متمسكاً بقول الصدق، إذ لم يترك فرصة سانحة أمامه إلا ووجه من خلالها النقد للجهات المسؤولة عن الشأن الثقافي والفني وإزاء أي تقصير أو إهمال في أداء واجباتها ومسؤولياتها المناطة بها.

وقد بلغ به الحرص على أوضاع المؤسسات الإبداعية المختلفة حد عدم اكتفائه بالكتابة عنها ونشر ما يصل إليه من مواد بصددها فحسب بل كان يقوم بحث الآخرين على الكتابة عنها، وذلك كما حصل معي حيث طلب مني أكثر من مرة الكتابة مثلاً حول أوضاع اتحاد الفنانين اليمنيين ومعهد الفنون الجميلة.

ومن المفارقات أن فقيدنا العزيز شكيب عوض كان - وباستمرار - يطالب الجهات المعنية القيام بتكريم كل رواد ومبدعي الحركة الثقافية والفنية والأدبية، إلا أنه لم يحظ بأي تكريم يليق بمكانته ودوره في تلك الحركة باستثناء ذلك التكريم الذي حظي به من قبل اتحاد أدباء وكتاب محافظة لحج.

وعليه فإنني أدعو كل المؤسسات الرسمية والمدنية والأهلية وفي مقدمتهم وزارتا الإعلام والثقافة ومحافظ عدن واتحادات الأدباء والصحفيين والإعلاميين والفنانين ومنتديات محافظة عدن الأهلية العمل على تكريم الراحل شكيب عوض، وذلك مثلاً من خلال: إطلاق اسمه على إحدى المدارس أو أحد الشوارع في محافظة عدن، جمع كل أعماله وطباعتها وإصدارها في عدة كتب، الاقتراح على رئيس الجمهورية الأخ علي عبدالله صالح منحه وسام الآداب والفنون.

تغمد الله راحلنا الكبير شكيب عوض بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته وألهم جميع أفراد أسرته وأهله وذويه وأصدقاءه ومحبيه الصبر والسلوان.

إنا لله وإنا إليه راجعون

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى