مع الأيــام..عن الجفري الابن والأب

> منير الماوري:

> لا أستطيع أن أصف كيف كانت سعادتي وأنا أشاهد تلفزيون أبو ظبي قبل أيام عندما نوهت المذيعة بأن كاميرا الأخبار ستنتقل إلى الدانمارك لتسليط الأضواء على مؤتمر «هذا نبينا» حيث ظهر في الطرف الآخر حبيبنا علي الجفري بالصوت والصورة يتحدث عن المؤتمر بأسلوب مقنع جذاب يطرب السامع ويسلب منه كل حواسه ويخاطب دماغه.

إنها من الحالات النادرة التي أشعر خلالها بأن هامتي طويلة لأني أنتمي إلى اليمن الدولة والأرض التي ينتمي إليها الحبيب الجفري. هذا الحبيب يقدم لوطنه سمعة وضاءة أينما ذهب يجعلنا نرفع هاماتنا للسماء ويستحق لها منا أعلى الأوسمة وأغلاها.

إن سفاراتنا في الخارج ومراكزنا الإعلامية مجتمعة لا تستطيع أن تقدم جزءا يسيرا من السمعة الطيبة التي يحققها لنا الحبيب الجفري بكلماته المرسومة كلوحة فنان خبير في فن الإقناع.

لقد تذكرت تلك المقابلة التلفزيونية السريعة عقب قراءتي لحوار صحفي أجراه الأستاذ النبيل الصوفي - رئيس تحرير نيوزيمن مع رئيس حزب رابطة أبناء اليمن (رأي) الأستاذ عبدالرحمن الجفري والد الحبيب الجفري الذي لا شك أنه لعب دورا كبيرا في تنشئة نجله التنشئة التي هو عليها ولفت انتباهي أن إجاباته على أسئلة الزميل الصوفي كانت ذكية تخاطب الدماغ أيضا وتثير الحواس واكتشفت اكتشافا قد لا يكون جديدا وهو أن ذاك الشبل من هذا الأسد.

ورغم أن المقابلة الأولى كانت دينية والثانية سياسية إلا أن هناك تشابهاً في فن الإقناع وآداب الحوار التي يفتقر إليها كثيرون من السياسيين وشيوخ الإسلام في بلادنا على حد سواء.

ورغم أن كتاباتي يغلب عليها طابع الانتقاد ولا أحب أن أمدح شخصا أو أجامل سياسيا مطلقا إلا أني لم أتمكن من إخفاء إعجابي بمنطق الأب والابن على حد سواء.

لقد حاول الأب أن يجذب الابن إلى عالم السياسة ولكن الابن أجابه بمنطق مقنع «إن أمرتني كأب سأطيع، وإن كان على غير رغبتي وتوجهي..، ولو كنتُ متخذ السياسة لما اخترت غير ما أنت فيه لمعرفتي بك وبصدقك ؛ لكنني أصلاً لا أريد ولا أميل إلى ذلك وأرفض الاشتغال بالسياسة لاعتقادي بأن عالم الدين يجب أن لا يمارس مهنة العمل السياسي وإلا وضع الدين في مجال الرفض والقبول والمنافسة..وأن مهمة عالم الدين أو طالب العلم الشرعي، هي خدمة دينه ومجتمعه في صفوف الناس بسماحة وحكمة ولين ورحمة، لا منافسة غيره على حكم الناس..الخ»..

ويقول الأب «الحقيقة لم أكن مقتنعاً بوجهة نظره، في ذلك الوقت، وحاولت بمنطقي وحججي أن أ قنعه دون جدوى.

وكرهت أن أُكرهه على ما لا يريد فكان ردي: كلٌُ ميسر لما خُلق له».

ويواصل الأب قائلا «منذ ذلك الحين يسير كل منا في الطريق الذي اختاره ويسَّـره الله له..وبعد بضع سنوات أيقنت أن رأيه كان الرأي الصائب».

إن عظمة هذا الأب جعلته يعترف أن الابن كان على حق في اختيار الطريق الأسلم له طريق المحبة والوئام طريق السلام.

وفي رأيي الشخصي أن عبدالرحمن الجفري لو لم يعمل أي شيء آخر في حياته سوى تربية وتنشئة الحبيب الجفري على الصورة التي نشأ عليها فإنه يستحق كل تقدير وإعجاب ويستحق منا الاعتراف بفضله وجميله على أمته ليس اليمنية فقط ولكن أمته الإسلامية كلها.

إنه أب يستحق الإعجاب وسياسي من طراز رفيع قد يتفق معه البعض في مواقف هنا ويختلف آخرون معه في مواقف هناك ولكن الكل يشيد بشجاعته ودماثة أخلاقه، وسمو أدبه في كل حواراته، وما ذاك الابن الرائع إلا من هذا الأب الفاضل.

وأتمنى من الجميع أن يقرأوا بتمعن المقابلة السياسية مع الأستاذ الجفري وأن يتمعنوا كذلك في برنامج الإصلاح الذي أعلنه حزب الرابطة قبل أي حزب آخر.

إن برنامج الرابطة يستحق التمعن فيه لمن يريد تشخيص الأمراض السياسية التي تمر بها بلادنا ولكن يجب أن تكون القراءة بعقل مفتوح وقلب مفتوح بعيدا عن أي افتراضات مسبقة أو أحكام فئوية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى