أهمية دور القادة

> د. صالح يحيى سعيد:

>
د. صالح يحيى سعيد
د. صالح يحيى سعيد
يشكل القادة وعلى مرّ العصور أهمية كبيرة على مستوى الجماعات والمجتمعات والهيئات والمؤسسات، وذلك من خلال نشاطهم والأدوار التي يقومون بها، بحكم مكانتهم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية والفكرية والمناصب والوظائف التي يشغلونها والسلطات والصلاحيات الممنوحة لهم عرفاً وتقليداً وقانوناً. ويمكن القول هنا إن دور القادة قد ازداد بدرجة أكبر من ذي قبل، نتيجة لتوسع وتطور المجتمعات ومؤسساتها ووظائف ومهام الدول الحديثة ومختلف أنواع التصنيع والتسليح وانتشار وتفاقم الأزمات والصراعات الداخلية والإقليمية والدولية.

وقبل الدخول في توضيح مظاهر أهمية دور القادة أرى أنه من المناسب التعرض إلى مفهومي القيادة والقائد، لكونهما على علاقة مباشرة بالموضوع المطروح، وعليه فإن معظم الدراسات والبحوث العلمية المعاصرة في هذا المجال تشير إلى أن القيادة هي عبارة عن عملية تأثير موجهة نحو الحصول على الهدف المنشود، أما القائد فهو ذلك الشخص المركزي في جماعته القادر فعلاً على التأثير الإيجابي في سلوكهم والعمل بإخلاص من أجل تحقيق أهدافهم، كما أن معنى القائد حسب آراء الباحثين في علم الاجتماع القيادي، هو الزعيم النافذ في جماعاته، المفروض بحكم موقعه المتميز.

وبصدد الحديث عن أهمية دور القادة، فإنها تتجلى من خلال عدة مظاهر وميادين من أبرزها: أنهم يشكلون العنصر الرئيسي لتماسك الجماعات والحفاظ على وحدتها وحماية مصالحها والدفاع عن حقوقها، وكبؤرة للتأثير في سلوك أفرادها، سواء أكانت هذه الجماعات منتظمة كالأحزاب والمنظمات والنقابات أو غيرها كالأمم والشعوب، ويبرز دور القادة أيضاً من خلال التأثير على الرأي العام، حيث يستطيع القائد الفكري أو السياسي البارز ذو المواصفات الجيدة والجذابة وذو النوايا الصادقة أن يؤثر إلى حد كبير على مضامين اتجاهات الرأي العام وسلوك الجمهور وسير الأحداث، وبما يضمن مصالح مرؤوسيه ومطالب الجماهير، إذ أن وسائل الإعلام الخاصة والعامة وحرية القول والحركة وغيرها من الفرص متاحة على مصراعيها وخاصة لكبار القادة مثل رؤساء الدول والحكومات والمنشآت الكبيرة الهامة، والقادة الأوائل الموجودون في قمم رئاسة الدول والحكومات والأحزاب والنقابات الكبيرة المؤثرة وفي الهيئات والمنظمات والمؤسسات الهامة ذات الوزن المحلي والخارجي، أقول إن هؤلاء القادة الأوائل سواء أكانوا ديمقراطيين أو استبداديين، منتخبين أو معينين، فإنهم المتنفذون إلى حد كبير في حق اتخاذ القرارات الاستراتيجية والتي قد يقرر بعضها أحياناً مصير مصالح واستقرار العديد من الدول والحكومات والشعوب والحركات السياسية والنقابية.

ومن المعروف أن معظم القرارات الاستراتيجية الهامة تصنع عادة في دهاليز القصور الرئاسية ومقرات الأحزاب الحاكمة. إضافة إلى ما تم ذكره فإن بعض القادة البارزين أصحاب المواهب القيادية والنوايا الطيبة الصادقة، يقومون في كثير من الأحيان بأدوار حاسمة من أجل حل المهمات التاريخية التي تنتصب أمام الأمم والشعوب، كما هو بالنسبة لإنجاز الاستقلال الوطني ورسم الخطط الاقتصادية والاجتماعية الناجحة وبناء المشاريع الإنتاجية الكبرى وإقامة أنظمة مؤسسية ديمقراطية وتحقيق الاستقرار والأمن الاجتماعيين... إلخ.

وأخيراً أود التأكيد على أن المناخات والظروف المناسبة الداخلية منها والخارجية وتوافر الخصائص الأساسية الجيدة العلمية والعملية والأخلاقية والشجاعة وقوة الإرادة ووضوح الرؤيا والسياسيات والأهداف ومراعاة مصالح المواطنين تعتبر من أهم العوامل التي تساعد على فاعلية دور القادة ومشاركتهم الكبيرة في تحقيق المنجزات العظيمة لشعوبهم وتجنيبها ويلات الحروب والدمار التي يحن لها ويدق طبولها القادة المغامرون. ومما لا شك فيه أن الشعوب ستظل تذكر البصمات المضيئة لقادتها على مر التاريخ الذي يخلد العظماء ولا يرحم أحداً.

وكيل وزارة الخدمة المدنية- سابقاً

أستاذ علم الاجتماع المساعد

في جامعة عدن

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى