دماء في مكتب المدير العام

> فريد صحبي:

>
فريد صحبي
فريد صحبي
ثلاثة في مكتب المدير العام.. اجتماع.. جدال حاد بين المدير العام ونائبه وبين عامل في المؤسسة.. الموضوع: ما جرى ويدور داخل المستودعات المركزية وتعرض ممتلكات المؤسسة النقدية والعينية والأصول الثابتة للنهب المنظم والسرقات الظاهرة والخفية.. العامل وهو رئيس اللجنة النقابية يتهم يفضح يكشف يميط اللثام.. تعلو الأصوات تنطلق كلمات جارحة تقذف ألفاظ نابية.. في الخارج تسمع صرخات وصوت ارتطام على الأرض ودقات على الجدار.. يقتحم البواب العجوز باب المكتب يفتحه ليرى دماء في مكتب المدير العام.. وأجساداً متشابكة بالأيدي والأرجل والدم!

هي معركة إذن.. معركة حقيقية.. بالروح وبالدم.. وأين.. في مكتب المدير العام.. معركة مصير.. مصير عمال وأطفال وعائلات تنتزع لقمة العيش من أفواههم!

إنها معركتنا يا سادة مع الفساد.. الفساد هو العدو رقم واحد للوطن.. الفساد عدو الشعب وعدو النظام معاً في آن واحد.. مقتل النظام لن يكون إلا على يد الفساد.. الفساد خنجر مسموم في ظهر النظام.. سكوت النظام عن الفساد كمن يربي في بيته حية رقطاء!

ولكن ما هو الفساد.. الفساد أنواع.. وما نتحدث عنه هنا هو فساد الموظف العام.. اذهب إلى أي مرفق حكومي إلى أي إدارة أو مؤسسة في الجهاز الإداري للدولة.. مدنية أو عسكرية.. حيثما تكون حاجة الناس ماسة وضرورية فالحاجة لا تنقضي إلا برشوة.. الموظف العام.. مدني أو عسكري.. في أعلى المراتب الوظيفية أو أدناها هو خادم الشعب.. هذا فقط عند الشعوب الراقية.. بل خادم مطيع!

أما عندنا فـ... يا ساتر.. وحش فظيع.. يشتهي لحمك ويود أن يسحق عظامك.. الشعوب الراقية تعيش في أوطان ملك لها.. نحن لم يعد لنا وطن!

قبل أن أتوقف عن الكتابة دعوني أعرفكم بالعامل الذي كان يتهم يكشف يفضح ويميط اللثام عن وجه الفساد القبيح في مكتب المدير العام للمؤسسة العامل للنقل البري في عدن.. إنه عمر أحمد العبادي.. البطل الذي قاتل في جنوب لبنان مع فدائيي منظمة (فتح) الفلسطينية بعد أن تطوع في صفوفها في مطلع ثمانينات القرن الماضي وهو الفتى البالغ من العمر ثمانية عشر عاماً.

أحمد عمر العبادي.. العامل والمواطن الشريف الذي لا يملك من حطام الدنيا سوى أربعة جدران وسقف يأوي أطفاله السبعة.. مازال عند عهده لربه وللوطن!

عندما زرته في زنزانة شرطة الشيخ عثمان قال لي: هذا السجن بنته بريطانيا للسرق واللصوص والمجرمين.. تصور اليوم أنا داخل السجن.. والسرق واللصوص خارجه!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى