كـركـر جـمل

> عبده حسين أحمد:

>
عبده حسين أحمد
عبده حسين أحمد
كل الناس إذا أرادوا أن يعرفوا شيئاً عن شخص يسألون عنه: هل تعرف فلاناً؟.. نعم أعرفه.. هل سافرت معه؟.. لا.. إذن أنت لا تعرفه! فهل السفر قاموس المعرفة الذي يترجم حياة أي شخص؟

< هناك بعض الفلاسفة والأدباء قرأوا وكتبوا كثيراً لكي يعرفهم الناس.. وكانت لهم أساليب مختلفة في تعريف أنفسهم للناس.. مثلاً ..«قال الفيلسوف الألماني كارل ماركس: أنا آكل.. إذن أنا موجود.. وقال الفيلسوف الفرنسي ديكارت: أنا أفكر.. إذن أنا موجود.. وقال الشاعر بايرون: أنا أحب.. إذن أنا موجود.. وكان كل واحد من هؤلاء يريدك أن تعرفه على هذه القاعدة.. فهذا هو مفتاح الدهليز إلى أفكاره وأعماقه النفسية».

< إذن ليس بالسفر وحده تعرف الناس.. فأنت تستطيع أن تعرف أي أحد من مشاهير الرجال والنساء بالقراءة في الكتب أيضاً.. تستطيع أن تقرأ عن كثير من الفلاسفة والأدباء والشعراء والسياسيين والمؤرخين وعلماء الاقتصاد والاجتماع ونجوم السينما والطرب وكرة القدم وغيرهم.. تستطيع أن تقرأ عن هؤلاء كلهم.. ولكن ليس كل الناس.

< وقد عرف الكاتب المصري الكبير أنيس منصور كثيراً من الشخصيات العربية والعالمية من قراءة الكتب.. فهو يقول:«عندما كنت مشغولاً بالأستاذ العقاد.. لم أكن أقرأ لسواه.. لدرجة أنني لم أعرف أن هناك أدباء آخرين غيره في مصر.. ولما قرأت مقالاً لطه حسين بعد سنوات من متابعتي للعقاد.. أدهشني أن هناك أدباء آخرين .. ولكن طه حسين جاء في غير أوانه.. وإنما أجلسته على بابي سنة.. وعشر سنوات.. وأحزنني أنني لم أعرف طه حسين والحكيم والمازني والرافعي وشوقي وابن المقفع والجاحظ وابن خلدون والحريري وزكي مبارك.. إلا بعد ذلك بوقت طويل».

< «ويوم عرفت الأديب الإيطالي البرتو مورافيا وقابلته وصادقته وقدمته إلى اللغة العربية.. لم أكن أعرف نجيب محفوظ ولا قرأت له.. ثم عرفت تولستوي وديستوفسكي وبروست وشيللي وبيراندللو وديكنز وبلزاك.. قبل أن أعرف أسماء الأدباء المصريين.. وكنت في الثانية عشرة من عمري.. وعرفت الفيلسوف الألماني أوزفالد اشبنجلر فيلسوف الحضارة الغربية.. وقرأت ما كتبه أستاذنا عبدالرحمن بدوي عنه.. قبل أن أقرأ سطراً واحداً للمؤرخ المصري عبدالرحمن الرافعي.. وعبدالرحمن بدوي أستاذنا في الفلسفة.. قد قدم لنا عشرات الأسماء في الفلسفة والأدب والفن والموسيقى.. وفي زحمة هذه الأسماء الباهرة.. ضاع هو فلم نعرف أثرة وقدره إلا بعد عشرات السنين».

< والمعروف أن الأستاذ أنيس منصور كان ولايزال يحب السفر كثيراً.. وقد كتبت عن رحلاته أكثر.. ومن أهم كتبه في أدب الرحلات (حول العالم في 800 يوم).. يقول أنيس منصور:«علمني حب السفر.. متعة التنقل.. ولذة التغيير.. وجمال الحركة.. أنا الذي أتنقل خفيفاً.. من مكان إلى مكان.. من كتاب إلى آخر.. ومن مفكر إلى أديب إلى موسيقار.. إلى كاهن إلى راهب إلى قسيس.. إلى شيخ إلى حاخام إلى إمام إلى بوذي.. وكما يقلب الإنسان الكتب بأصابعه.. فإن كتاب الكون أقلبه بقدمي أو بعيني.. فأنا على سفر دائم.. وأنا أتغرب في بلاد غريبة.. لا انتهت دهشتي.. ولا أحسست بأنني قريب لأحد أو من أحد.. وإنما غريب في كل مكان وزمان».

< هذا قليل من كثير مما عرفه أنيس منصور.. فاقرأوا كثيراً تعرفوا وتفهموا أكثر.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى