أيــام الأيــام..على خلفية قراءة «حلم ليلة صيف» .. (كامب العريش) و(طرود بريد عدن) في كف عفريت

> نجيب محمد يابلي:

>
نجيب محمد يابلي
نجيب محمد يابلي
(حلم منتصف ليلة صيف) إحدى روائع الأديب الإنجليزي الذائع الصيت وليم شكسبير، وتدور أحداثها في أثينا القديمة ببلاد الإغريق (اليونان) ومحور الرواية الفتاة الجميلة (هرميا) وفتاها (ليساندر). (هرميا) ترفض ترشيح أبيها (ايجوس) للفتى (ديمتريوس) زوجاً لها. تقدم والدها إلى (تليسيوس) الحاكم العادل للمدينة طالباً إعدام ابنته استناداً لقانون ظالم غريب ولذلك ندر تطبيقه.

أمهل (تليسيوس) الفتاة أربعة أيام لتدبر أمرها وإلا طبق عليها القانون. دبر الشابان خطة للهروب سراً إلى إحدى المدن اليونانية البعيدة التي لا تطبق هذا القانون الجائر. أقف عند هذه النقطة من حكاية الزمن الغابر، الذي يفصلنا عنه أكثر من عشرين قرنا ونحن لا نزال نعض على التخلف والاستبداد بنواجذنا، وأنتقل الآن من اللامركزية المثمرة إلى المركزية العقيمة والمقرفة.

1- كامب العريش: ملكية كندية واستهتار يمني:

نشرت «الأيام» استغاثة بفخامة رئيس الجمهورية في 6 مارس 2006م وجهها عاملون وحراس في كامب العريش، وهو مجمع يضم عدة مبان فخمة محاطة بسور منيع ويتوسطها مسبح تكبدت شركة (كنيدين نيكسن) (أوكسي سابقاً) ملايين الدولارات من أجل إنشاء ذلك المجمع وتركت أمر الإشراف عليه بعد انتقال إدراتها إلى صنعاء لشركة تدعى (الشرق مسعود الدولية) ومقرها في صنعاء وتركت (الجمل بما حمل) لشخص يدعى (شداد).

ورد في استغاثة المنكوبين أنهم كانوا بين أمرين، إما التزام الصمت حيال ممارسات شداد التي ما أنزل الله بها من سلطان أو أن يواجهوا مكروهاً يعلم الله بفداحته. النيابة العامة والقضاء يبرئان ذمة المنكوبين ويطالبان شداد بالمثول أمامهما، وجوبه الطلب بالرفض.

عند الاطلاع على ملف القضية استنتجت أن (الشرق مسعود) لا علاقة لها بالإدارة على الإطلاق. أوامرها قصيرة تنحصر في تحديد اسم الموظف وأنه موقوف عن العمل وعليه مراجعة الشركة في صنعاء للتحقيق معه في التقرير الذي رفعه عنه مسؤوله المباشر واتخاذ الإجراءات الإدارية المناسبة وهناك يحصل ما يحصل وكل ما في الأمر أن (كنيدين نيكسن) بقرة حلوب وأن خلق الله سجاجيد على الأرض تدوسها أقدام شداد والشرق مسعود.

الأسئلة كثيرة والملاحظات أكثر ودعونا ننتظر!

2- خدمات بريد عدن في المشمش:

بريد عدن صاحب أكبر عراقة في عموم الجزيرة العربية وتتسم عراقته في خدماته المتنوعة وأرشيفه يشهد بذلك، ولا أريد الخوض في التفاصيل لأنها وفيرة ومتشعبة. كان بريد عدن منذ مطلع القرن الماضي يؤدي ضمن ما يؤديه من خدمات إرسال واستلام الطرود البريدية وبمنتهى الدقة والسلاسة اللتين اكتسبهما بعراقة النظام الإداري والتدريبي والتأهيلي الذي كان سائداً خلال العصر الذهبي لعدن.

بدلاً من أن نعمم التجارب الرائدة في كل مجال (إذا كنا ننشد التقدم والتطور) حدث العكس وتعسفنا النظم الإدارية والنوعية، التي تختصر الزمن وتعظم النتائج ومن ذلك صدور منشور غريب في شكله وأغرب في مضمونه، حيث أفادت جهة إصداره (وهي الهيئة العامة للبريد) بأنها اتفقت في العاصمة مع مصلحة الجمارك على مركزة الإجراءات والرسوم المتعلقة بالطرود البريدية وسيتم التعامل معها في صنعاء، أي أن الطرود يتم ترحيلها عند وصولها جواً (إلى مطار عدن) إلى مطار صنعاء، فبدلاً من تسليم الطرود في عدن، تواصل الطائرة رحلتها إلى صنعاء أو تنقل الطرود براً إلى صنعاء.

هذا النظام الغريب له نتائج سلبية منها:

1) أنه يهدف إلى تعظيم مصالح موظفين دون غيرهم من الموظفين في مكاتب البريد الأخرى، سواءً أكانوا تابعين للبريد أو للجمارك.

2) أنه يهدف إلى إقصاء وإلغاء الآخرين وتجريدهم من مهام كانت من صلب مهامهم، لأن هناك سادة وهناك رقيق.

3) أنه ألغى عامل الزمن، الذي أصبحت وتيرته متسارعة وعلى أصحاب الطرود الانتظار، لأن هذا أمر واقع يحدد انطلاق الزمن أو تجميده.

4) أنه يلغي دور ومكانة عدن كعاصمة اقتصادية والأمرّ من ذلك أنه يحرم عدن من موارد مستحقة تم مركزتها في العاصمة.

أترك هاتين القضيتين بين يدي الأخ أحمد محمد الكحلاني، محافظ عدن المشهود له برزانته ومنطقيته وصراحته ويقيني أنه سيعيد الحق إلى نصابه. والله من وراء القصد!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى