يوم من الأيــام..احذر هؤلاء يا فخامة الرئيس

> د. هشام محسن السقاف:

>
د. هشام محسن السقاف
د. هشام محسن السقاف
لا نريد لمستجد يمني بحجم التحول الذي تخلقه رغائب البشر ديمقراطياً وعن طريق الانتخاب الحر، أن يخضع لمشيئة شيطانية تضعه خارج حركة التاريخ، ارتداداً باستقراء فقه الأحكام السلطانية، والعودة به/ بنا القهقرى، دون أن نفقه كما يتوهم أصحاب تلك المشيئة، إلى مربعات التبشير بالشمولية (ولا أريد أن أقول أكثر من ذلك) وعن طريق هذه الزخارف التي يدعونها بهتاناً.. ديمقراطية. وفي الحالتين: كأننا لم نكن لنغادر حتى نعود على الأثر إلى المواقع ذاتها، في إلغاء متعمد لحلم راود الناس طويلاً أن تكون الوحدة ولاّدة لحال أفضل، عجزت الثورة اليمنية ذات الأربعين حولاً أن تحققه من خلال تبادل المواقع بأكبر قدر من الأيديولوجيا والدماء، في حين مرَّت مخاضات أشقاء الجوار بأكبر قدر من الوفاق البعيد عن شقاق الثوار، لتحصد الصحراء (العمران) الذي تحدث عنه ابن خلدون قبل ستمائة عام، وفي البعدين: أننا لم نُعمر - يمنياً - ولم نتدمقرط.

إن حلم الوطن، الثورة، والديمقراطية، بمجاز ما يحلم به الناس، يمرُّ - الآن- من سمَّ الخياط، فمن حلم الأرض التي تنتج عسلاً ولبناً - كما تقول التوراة - لم يبق شيء إلا ما يسدُّ الرمق على وهج الطاقة الأقل عالمياً - إلا أن يكون الصيف في عدن سويسرياً بالتمني طبعاً، والإنسان - كل الناس - شاعر يكتب معلقة المجد على ضوء الشموع - وليس أكثر من أن يحظى صاحب العدالة بالأمان والرعية بالمساواة.

إن عقيدة الإيمان بالتحول نحو الأفضل، وعلاوة على أنها مشيئة تاريخية، لن تجهض إلى الأبد - هكذا - بمشيئة ممسوخة، تخرج بالأشياء عن جادتها، لتضع مُسَلَّماً بديلاً، وهماً يصنعه بكلتا اليدين حملة المباخر من أصحاب الحاجة والمتسلقين كاللبلاب.. التنابلة وأصحاب المصالح.. والعاملين عليها في مطابخ السلطان، القائلين - إذا قالوا - الرياء، والساكتين - إذا سكتوا - كالشيطان الأخرس. وعليه (نرى كيف ينخرط الموروث في ألاعيب السلطة ويوظف لخدمتها، ويصبح شاهد زور على انتهاكات الحقوق الطبيعية للأفراد والجماعات، من قبل السلطة المتمثلة في رجل التدين ورجل الفكر القبلي ورجل العقيدة الاجتماعية ورجل السياسة الجاهزة) د. قصي حسين، الفساد والسلطة، ط الأولى 1997م.

أما الناس - كل الناس - المسحوقين والمقهورين والعاملين بشرف الانتماء للوطن، الذين يوقدون شمعة في ليالي الكهرباء المتقطعة، ويحلمون براتب لا يقيم الأود في نهاية كل شهر، فإنهم يغمرون رئيسهم بحب لا يجرحه نفاق، وحبهم يفوق حب الزلفى الذي يطل برأسه بقول لا يقره الممدوح وإن تزلف به المادح: لم تنجب الأرض اليمنية أحداً يستطيع أن يكمل المسيرة، وكأن الممدوح (الحاكم) يحكم قطيعاً من الأغنام يعدون عشرين مليوناً (إنه المدح الذي يشبه الذم) فاحذر هؤلاء - يا فخامة الرئيس - فهم أول المتزلفين وأول الناكثين، ففخرك/ فخرنا جميعاً أنك تحكم عشرين مليوناً قد بلغوا نضجاً ورشداً ومقدرة على تدبير أمور حياتهم، وكان حرياً أن يقول هؤلاء ما هو أقرب إلى الصواب: أن تهيأ البلاد لمرحلة قادمة، مرحلة ما بعد علي عبدالله صالح، وأن تصبح - مكلَّلاً بغار المحبة - مثلاً عربياً يحتذى به، وتتربع منصة الشرف إلى جانب سوار الذهب ومهاتير محمد وغيرهما ممن تركوا بصماتهم في مجرى التاريخ، يوم سلموا دفة القيادة لجيل آخر.. جيل مقتدر من أبناء شعبهم.. تلك هي سنة الحياة، فالتاريخ لا يرحم في أحايين كثيرة.

إننا نحبك يا فخامة الرئيس، ونقدر كلمة الحق التي قلتها على رؤوس الأشهاد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى