مع الأيــام..عظمة (جمال عبدالناصر) لا تلغي عظمة (عباس محمود العقاد)

> نجيب محمد يابلي:

>
نجيب محمد يابلي
نجيب محمد يابلي
نشرت مجلة «العربي» الكويتية مقالاً في عددها الصادر في يوليو 1987م للدكتور عبدالعزيز كامل موسوماً ب: (الأبعاد الأربعة في منهج الإسلام)، وورد في البعد الثالث: «ولا تجد حاكماً مستبداً يتلذذ بإذلال الآخرين، إلا كان في أعماق نفسه يحس المهانة، ذلك لأن احترام الآخرين ينبع من احترام الذات..»، وورد في البعد نفسه: «ومن الإيمان بكرامة الإنسان تنبع كل حقوق الإنسان وواجباته، وتأمل الإحساس بهذه الكرامة في قوله تعالى: {ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيرا، إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا} - الإنسان: 8-9».

على قاعدة: (الشيء بالشيء يذكر) نشرت مجلة «الشباب» المصرية عدة حلقات ضمن شخصيات عرفتها لفقيد المسرح والسينما، الكاتب الكبير سعد الدين وهبة وكرست إحدى الحلقات للراحل الكبير عباس محمود العقاد، وكان الموضوع طويلاً ضمنه الأستاذ وهبة انطباعاته عن العقاد وعن الظرف الذي جمعه بالأستاذ العقاد عام 1959م في مكتبة (النهضة) المصرية العريقة وذلك بعد عام واحد من إصدار وهبة مجلته «الشهر» وتواضع الأستاذ الكبير العقاد عندما قبل بأن يكتب في «الشهر» مقابل (15) جنيهاً في حين كان يتقاضى من الصحف مبلغاً يتراوح بين (50) و(70) جنيهاً للموضوع الواحد.

سأل الأستاذ العقاد، سعد الدين وهبة:

«بحق، أكتب عن أيه الشهر ده؟» وجاء في رد وهبة أنه قرأ في «الجمهورية» القاهرية خبراً عن ترجمة (الدكتور زيفاجو) للكاتب السوفيتي المشهور (بوريس باسترناك)، وهنا فاجأه العقاد بأنه قرأ هذه الرواية قبل شهر واحد، لأن الناشر البريطاني بعث بملازم الرواية المترجمة إلى الإنجليزية قبل تجليدها، وبناء على طلب وهبة كتب العقاد موضوعاً عنوانه:(باسترناك بين الشهرة والضجة والتقدير).

كتب الأستاذ وهبة: «وأرسلت البروفات للرقيب وعادت وفوجئت به قد حذف فقرة من مقال العقاد يتحدث فيها عما معناه أن د. زيفاجو، سوف تستخدم مادة في الحرب الباردة بين الشرق والغرب».

اتصل وهبة بالعقاد وأطلعه على ما حدث فسأله العقاد: وهذا الرقيب يتبع من؟ رد عليه وهبة: ماذا تقصد؟

أعاد العقاد صياغة السؤال: من هو رئيسه؟ وهبة: رئيسه هو رئيس الرقابة الأستاذ حسن صبري الخولي. العقاد: وهذا الخولي يتبع عبدالناصر. وهبة: طبعاً يتبع وزير الدولة الذي يتبع الرئيس عبدالناصر.

رد العقاد في حسم: «إذن قل لعبدالناصر إذا حذفت كلمة من مقال يكتبه العقاد فلن يكتب كلمة في مصر بعد الآن. تصبح على خير».

نقل وهبة رسالة العقاد إلى حسن صبري الخولي، الذي لم يبد أي اكتراث لما قاله العقاد، إلا أن وهبة أصر على نقل تلك الرسالة إلى علي صبري، وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية وكانت الرقابة على الصحف تتبعه.

بعد نصف ساعة اتصل علي صبري بوهبة واستفسر عما حدث، ووعد وهبة بالاتصال به ثانية، وبعد ربع ساعة تقريباً جاء رد علي صبري هكذا:

«بلغ الأستاذ العقاد اعتذاري له شخصياً وقل له إن الرئيس عبدالناصر يحييه وأن سيادته أصدر تعليمات أن مقالات الأستاذ العقاد لا تراقب وليكتب ما يشاء».

نقل وهبة رد علي صبري واكتفى الأستاذ العقاد بالرد بكلمة واحدة:«متشكر!».

إنها كرامة الإنسان والثقة بالنفس!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى