يوم من الأيــام..وظائف شاغرة بمواصفات خاصة ومن طراز آخر

> محمد عبدالله باشراحيل:

>
محمد عبدالله باشراحيل
محمد عبدالله باشراحيل
من المعروف أن دولة المؤسسات والقانون يكون لها نظام لإشغال الوظائف الشاغرة يقوم على أساس المساواة بين المواطنين وإتاحة الفرص للجميع، ويبدأ بالإعلان عنها وتبيان متطلباتها من مؤهل علمي وخبرة عملية ومهام الوظيفة وغيرها، والعكس صحيح في الدولة غير المؤسسية. هذا المدخل المبسط قادني للحديث عن أنماط من وظائف مستقاة من حياتنا ولكنها من طراز آخر.

الوظيفة الأولى: وظيفة كبيرة وفنية مواصفاتها الولاء للسلطة أو القبيلة بدرجة أساسية وليس بالضرورة الإعلان عنها أو توفر المؤهل العلمي فيها أو الخبرة التي تتطلبها فهي حكر للمتنفذين وأبنائهم والمنطلقين من مبدأ امنحه الوظيفة أولاً فالقضاء يُفقّه، والتكرار يعلم الحمار.

الوظيفة الثانية: أعلنت عنها مؤسسة عامة تطلب محاسباً بمؤهلات وخبرة وعمر حددها الإعلان وقد تم ترشيح ثلاثة من المتقدمين لاختيار أحدهم، وعند مقابلة المدير لكل منهم على حدة طرح عليهم سؤالاً واحداً وهو 100*100 تساوي كم؟ فأجاب الأول بسرعة فائقة 10000 أما الثاني فقد استخدم آلته الحاسبة مرتين ليتأكد من الرقم ثم أجاب 10000، أما الثالث والأخير فقد قال ليس بالضرورة أن يكون الجواب 10000 فالرقم الذي يريده المدير هو الصحيح عندي، فرد عليه المدير أنت شخص ممتاز وتستحق الوظيفة لأن مواصفاتها متوفرة فيك.

الوظيفة الثالثة: في بدايات السبعينات من القرن الماضي كانت توجد وظيفة مساعد ضابط آثار شاغرة في محافظة حضرموت، وقد رأى المسؤولون حينها أن يعيَّن عليها الشاعر الكبير حسين أبوبكر المحضار، كمساعدة له والذي كان يواجه ظروفاً صعبة وعند عرض الوظيفة عليه رد عليهم بالأبيات التالية:

صحابي يوم وحلوا بي قالوا أيش بانعمل لبومحضار

جمعوا رايهم مرة وعينونا مساعد ضابط الآثار

والآثار مش شغلي ولا نا من عرب يهوون رسم الدار

أنا مشغول بالحاضر وبالآتي وما يحويه من أسرار

فأبومحضار يدرك أن مواصفات الوظيفة لا تنطبق عليه ولا يقبل أن يكون ملمعاً للسلطة وهو القائل في الوقت نفسه منتقداً الأخطاء:

ولا ذي الأولة منك ولا ذي التالية

ونقبل مايجي منك ونفسي راضية

ولكن قد تجي وحده ولا تلقى قبول

الوظيفة الرابعة: وهي وظائف البورصة عبر سماسرة المسؤولين فوظيفة المدرس سعرها (200-300) ألف ريال ووظيفة الطبيب الجديد مليون ريال وفي أحسن الأحوال ينخفض سعر الوظيفة إلى دفع مرتب سنة لها مقدماً وهذه هي شروطها ومواصفاتها، فالمفسدون في البلاد يرون أن هذا الأسلوب أرقى وأسرع وأسهل من الإعلان عن الوظيفة ومواصفاتها ولا حاجة للبيروقراطية والروتين الطويل وتضييع الوقت من وجهة نظرهم. والمشكلة أن الناس بوجه عام وفي المحافظات الجنوبية بوجه خاص مع فقرهم وبؤسهم ومعاناتهم وانشغالهم بالجري وراء لقمة العيش لا يحركون ساكناً وهادئون، والعاصفة دوماً يسبقها هدوء وزيادة الضغط يولد الانفجار والتاريخ مليء بالتجارب والشواهد . ونحن بدورنا نقول للمفسدين من المسؤولين الكبار المقولة المشهورة: (إن دامت لغيرك لما وصلت إليك) أو كما قال الشاعر أبومحضار في القصيدة نفسها المشار لها أعلاه:

ورا الأيام لك وحدك ** ومهما طال بك سعدك

مصيره ينتهي ويزول ** والبقاء والدوام لله وحده.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى