أقصوصتان

> «الأيام» محمد سعيد غانم:

>
(1) النبت
فرغ من كتابتها ثم تركها على الطاولة التي تكومت بها الأوراق، أحس أن ما يكتبه نبت شيطاني يطارده ولا يستطيع الهروب منه. تذكر حينها ذلك الرجل الذي «يتحسس» كلما اشتم رائحتها وسمع بها، فقرر عندئذ أن يدعها قليلاً ويلتقط كتاب (الناس اللي تحت) وما أن بدأ في قراءته حتى استوقفته وبادرته بالحديث:

- ألم تنته بعد؟

فأجابها:

- لقد انتهيت ووضعت لها عنواناً.

- ماهو؟

- القطط.

- ولماذا القطط؟ قالتها باندهاش

- ألم أقل لك إنني دائماً أشاهدها وهي تمرح.

- ولكن ما شأنك أنت بها، أليست مجرد قطط؟

فرد على الفور:

- لكنها سمان وبدون مخالب.

- غريب ما تقوله، وكيف تحمي نفسها؟

- إنها لا تهاجم بل تحمي نفسها بصغارها.

- وضح لي ما تقصده .

- كفى لقد أرهقتني بأسئلتك.

- وأنت أرقتني بإصرارك.

- إذن.. أو لم تفهمي بعد؟!

- بلى.

وأشارت إلى مؤخرة رأسها وقالت بثقة:

- لقد فهمت الآن. إنه النبت.


(2) النزيف
تفصد العرق من جسده ثم هرول مسرعاً إلى الغرفة فانتفض من كان بداخلها وأصيبوا بالذهول.. فسألوه: ما بك هكذا تلهت وكأن أفعى لسعتك؟

فصرخ: إنها الحمى.

- ولكن هل تشعر بألم؟

لم يستطع الإجابة فسقط على الأرض.

حينها هرع أحدهم إلى منزل الدكتور الذي يطل على مدخل الشارع وقال: أسرع يادكتور لقد أصابته الحمى.

فقال الدكتور: منذ متى وهو يعاني منها؟

- منذ عام ونيف تقريباً.

- وهل يحس بتقيؤ؟

- لا أدري ولكنه يصرخ بشدة ويتأوه من لفحتها.

- ولماذا السكوت عليها خلال هذه المدة؟

- لأنها لا تهجم دفعة واحدة، بل تعاوده على فترات متقطعة.

- إذن لقد فهمت ما يحسه.. إنه النزيف.

- ولكن لم أر نزيفاً.

- طبعاً لن تستطيع رؤيته لأنه نزبف داخلي.

- وهل بإمكانك إيقافه؟

- كلا.

- لكنه يتعذب ويصرخ بألم.

- دعه يصرخ لأن في صراخه هذا علاجاً لإيقاف النزيف وحقنه.

- ولكنه سيتخثر؟

-لا.

- كيف؟

- لأن المثل يا ابني يقول: «اسأل مجرب ولا تسأل طبيب».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى