كتاب لنبيل الهلالي يسجل «نضال» اليهود الشيوعيين المصريين ضد الصهيونية

> القاهرة «الأيام» سعد القرش :

> لم تسمح سنوات الاعتقال الكثيرةللمحامي المصري الراحل أحمد نبيل الهلالي بالتفرغ للكتابة لكنه احتفظ لنفسه بمكانة بارزة بين كل التيارات السياسية والفكرية بما فيها المعارضةلأيديولوجيته الماركسية. وكان الهلالي يعتبر الحركة الشيوعية المصرية نبتا طبيعيا وليست ظاهرة مستوردة من الخارج. وتوفي الهلالي الملقب بالقديس والنبيل الأسبوع الماضي عن 85 عاما تاركا ذكرى طيبة باعتباره من أشهر محامي الرأي في مصر كما ترك في كتابه الأخير ما يمكن اعتباره شهادة عن «نضال» الكوادر اليهودية المصرية داخل الحركة الشيوعية ضد الصهيونية. الهلالي الابن هو نجل أحمد نجيب الهلالي (1891 - 1958) رئيس وزراء مصر قبل ثورة 23 يوليو 1952.

لكن ميوله اتجهت إلى الحركات الشيوعية واليسار عموما رافضا أن يرث أموال والده وتبرع بها لحركات يسارية وعمالية. ودفع ثمن اقتناعه بأفكاره سنوات من حياته في المعتقلات منها ست سنوات في عهد الرئي سالراحل جمال عبد الناصر بداية من مطلع 1959 حتى 1964. وحمل كتاب الهلالي عنوان (اليسار الشيوعي المفترى عليه ولعبة خلط الأوراق) وصدر في القاهرة عن دار ميريت. ويرفض المؤلف الاستسهال في الربط «المتعسف» بين اليهودية كدين والصهيونية كأيديولوجية قائلا إن ذلك ينافي الحقيقة «ويلحق أفدح الضرربالنضال ضد العدو الصهيوني إذ تتطابق هذه النظرة مع الفكرة الصهيونية القائلة بأن كل يهودي صهيوني».

ووصف الصهيونية بأنها حركة معادية لمصالح اليهود أنفسهم لأنها تسعى لانتزاعهم من أوطانهم الأصلية وتفرض عليهم الاغتراب عن مجتمعاتهم فيما يسمى بأرض الميعاد. وسجل نداء أصدرته يوم 26 مايو 1947 الرابطة اليهودية لمكافحةالصهيونية وينص على أن «الصهيونية عدو اليهود» كما رفضت الرابطة نفسها في كتيب أصدرته في الشهر التالي مقولة أن «أمة يهودية قد تشكلت في فلسطين».

وأوضح أن قادة الصهيونية كانوا معادين للشيوعية حيث أكد مؤسس الحركة الصهيونية العالمية (تيودور) هرتزل منذ وقت مبكر أنه «لن نرضى أبدا توجيه اليهود نحو الاشتراكية» كما طالب مناحم بيجن رئيس وزراء إسرائيل الأسبق بضرورة «أن نظهر للعالم كله أننا نمثل أشد الحركات عداء للشيوعية». وقال إن هناك موقفا «ثابتا» للحركة الشيوعية المصرية من الظاهرة الصهيونية فيوم «احتفلت الحركة الصهيونية العالمية بافتتاح الجامعة العبرية عام 1925 على تراب فلسطين شارك في الاحتفال مثقفون برجوازيون مصريون بارزون من بينهم أحمد لطفي السيد (1872 - 1963) في حين نددت جريدة الحساب لسان حال الحزب الشيوعي المصري بهذا الحدث الخطير».

كما رفض الهلالي القول الشائع «باتهام الحركة الشيوعية العالمية ككلب الموافقة على قرار التقسيم (الخاص بفلسطين) فالثابت تاريخيا أن أحزابا شيوعية عديدة عارضته». ونفى أن الحركة الشيوعية المصرية ظاهرة مستوردة من خارج البلاد أو ثمرة مؤامرة أجنبية ويهودية مشيرا إلى أن إرهاصات الفكر الاشتراكي في مصر ظهرت منذ أواخر القرن التاسع عشر على «يد مفكرين مصريين لحما ودما» حتى قبل انتصار الثورة الاشتراكية في روسيا عام 1917. واستعرض الهلالي للتدليل على ذلك بكتب صدرت في وقت مبكر منها (الاشتراكية) عام 1913 لسلامة موسى (1889 - 1958) و(تاريخ المذاهب الاشتراكية) عام 1915 لمصطفى حسين المنصوري. وقال إن ظروفا موضوعية أدت إلى تأسيس الحزب الشيوعي المصري عام 1922 «منبثقا عن الحزب الاشتراكي المصري الذي كان قد ألفه لفيف من المثقفين المصريين ووقع على برنامجه كل من سلامة موسى ومحمد عبد الله عنان وآخرين».

وأشار إلى أن الشيوعية تعرضت لعداء قوى طبقية متنوعة ومتناقضة كالنازية والفاشية وأجهزة المخابرات «الامبريالية» والبرجوازية القومية الحاكمة في العالم الثالث والأصولية الدينية.

وقال إنه رغم التفاوت بين هذه القوى «فقد ظل جوهر معاداة الشيوعية واحدا وهو الخوف من الثورة الاجتماعية والعداء للديمقراطية والتقدم والاشتراكية."

ونفى الهلالي أن يكون بعض اليهود المصريين قد استبعدوا من الحركة الشيوعية عندما اقترح تمصير الكوادر الشيوعية وإبعاد الأجانب عن مواقع القيادة.

وأشار إلى استمرار كوادر شيوعية من أصل مصري ضمن قيادة الحركة منهم يوسف درويش الذي ولد عام 1910 وريمون دويك الذي ولد عام 1918 وأحمد صادق سعد (1919 - 1989) وشحاته هارون (1920 - 2001). وتمسك هارون وهو محام بالبقاء في مصر ورفض الاعتراف بدولة إسرائيل بل وصفها بأنها خرافة يستحيل أن تتحقق لأنها ضد التاريخ وضد قانون الطبيعة.

كما رفض اتفاقيات كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل وله كتاب وحيد عنوانه(يهودي في القاهرة) وابنتان: ماجدة تزوجت طبيبا كاثوليكيا إيطالي الأصل ونادية تزوجت مصريا مسلما. وكان هارون قبل أن يموت في مارس عام 2001 أوصى بألا يحضر حاخام يهودي من إسرائيل للصلاة علي روحه وألا يشارك في المراسم مسؤولون بالسفارة الإسرائيلية بالقاهرة. رويترز

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى