بطولة متميزة أقيمت مع دنو ظلال الحرب العالمية الثانية

> «الأيام الرياضي» عن «د.ب.ا» :

> في المرة الثالثة التي أقيمت فيها احتفالية بطولة كأس العالم لكرة القدم كانت أحد أكثر المرات تميزا في تاريخ اللعبة. فالعالم كان يسوده جدل سياسي واسع قبل انطلاق البطولة وتلاها أصداء سياسية أوسع. وشهدت البطولة مشاركة عدد من المنتخبات التي لم تعد إليها مجددا. كما شهدت مواجهات رياضية بارعة ولعبا شديد الخشونة في ذات الوقت. أما نجم البطولة فقد كان يشاهد خروج فريقه من الدور قبل النهائي وهو جالس على مقاعد البدلاء. ولكن أهم ما ميز بطولة كأس العالم 1938 بفرنسا أنها أقيمت مع اقتراب الحرب العالمية الثانية التي بدأت بعد أكثر من عام بقليل والتي غيرت العالم إلى الابد. وعلى سطح الامور بدا عالم كرة القدم وكأنه الشيء الوحيد الذي ظل "طبيعيا" في ذلك الوقت .. حيث دافعت إيطاليا بقيادة المدرب فيتوريو بوتسو عن جدارة واستحقاق عن لقبها كبطلة للعالم لتثبت أنها أحد أنجح فرق كرة القدم في التاريخ..ولكن الجدال الاول حول البطولة أثير بسبب اختيار الدولة المنظمة لها عندما لم يتم الوفاء بالالتزام الذي ينص على مداولة تنظيم كأس العالم ما بين أوروبا وأمريكا الجنوبية. ففي عام 1936 اتفق مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) في برلين على منح فرنسا حق تنظيم بطولة كأس العالم 1938 تقديرا للاعمال التي قدمها جول ريميه رئيس الاتحاد للعبة في ضوء قيام بطولة كأس العالم.. كما قرر المجلس المثير للجدل نفسه إقامة البطولات المقبلة من كأس العالم في ألمانيا ثم النمسا ثم تشيكوسلوفاكيا الا أن الحرب جاءت لتغير كل هذه المخططات..لقد جاء القرار المتحيز لفرنسا صدمة كبيرة للارجنتين التي كانت واثقة تماما من حصولها على حق تنظيم كأس العالم في .1938 ونتيجة لذلك ظلت الارجنتين بعيدة عن بطولات كأس العالم لعقدين كاملين كنوع من الاعتراض. واستمرت المشاكل في المشهد السياسي. حيث عانت أسبانيا من الحرب الاهلية. أما النمسا التي كانت قد تأهلت بالفعل لنهائيات البطولة فقد ذابت داخل ألمانيا النازية. هذا بالاضافة إلى أنه أثناء التصفيات نفسها رفضت تسع دول مختلفة المشاركة فيها من بينها أورجواي أول بطلة لكأس العالم.

وبوجود حاملة اللقب إيطاليا وفرنسا التي تأهلت للنهائيات مباشرة بوصفها البلد المضيف وصل عدد الدول الاوروبية المشاركة في البطولة إلى 12 دولة من إجمالي 15 مشتركا بكأس العالم ، وكانت الدول الثلاث التي شاركت في هذه البطولة من خارج "القارة العجوز" هي البرازيل ودولتان أخريان لم يشاركا في البطولة العالمية منذ ذلك العام وهما كوبا (التي فازت على رومانيا في الدور الاول للبطولة) وجزر الهند الشرقية الهولندية (إندونيسيا حاليا).

وأجريت بطولة كأس العالم 1938 في الفترة ما بين الرابع و19 يونيو في عشرة مواقع مختلفة. وهو ما اعتبر زيادة كبيرة بعدما أجريت بطولة 1930 في ثلاث مواقع فقط بأورجواي وأجريت بطولة 1934 التالية في ثمانية مواقع بإيطاليا. وكالعادة حققت البطولة الفرنسية نجاحا مدويا.. وبعكس دورة الالعاب الاوليمبية لعام 1904 التي حصلت فرنسا على حق تنظيمها تكريما للبارون دو كوبرتين ولم تنل تأييد كل الشعب الفرنسي .. فقد تكاتفت فرنسا كلها على تأييد استضافة البلاد لكأس العالم .1938 وشهدت البطولة العديد من اللحظات المتميزة مثل فوز البرازيل الرائع على بولندا 6/5 في دور المجموعات. وسجل النجم البرازيلي ليونيداس الذي لعب حافيا أربعة أهداف لبلاده. وسجل إرنست فيليموفسكي أربعة أهداف أيضا لبولندا.

كما جاءت مباراة دور الثمانية بين حاملة اللقب إيطاليا والبلد المضيف فرنسا على مستوى التوقعات حيث انتهت 3/1 لايطاليا ولكن هذه المباراة ظلت خالدة في التاريخ لسبب آخر فقد كانت هذه هي المرة الاولى التي تخرج فيها الدولة المضيفة من بطولة كأس العالم.

أما الوجه الاخر للعملة فقد كان يحمل أشكالا للعنف الذي اقترفه عدد من اللاعبين على أرض الملعب.

فقد جاءت مباراة دور الثمانية بين البرازيل وتشيكوسلوفاكيا كأول معركة حقيقية ببطولة كأس العالم بكل ما تحمله هذه الكلمة من معان فقد طرد ثلاثة لاعبين من المباراة وانتهى الامر بالنسبة لخمسة لاعبين آخرين في المستشفى اثنان منهم كانا مصابين بكسر في الذراع.وفي الدور قبل النهائي للبطولة أجلس أدينيار بيمنتا مدرب المنتخب البرازيلي نجمه الاول ليونيداس على مقاعد البدلاء لثقته المفرطة في بلوغه النهائي حيث قال :"إنني احتفظ به لمباراة النهائي" الا أنه لم يكن هناك أي نهائي للبرازيل بعدما تغلبت عليها إيطاليا 2/.1 وفي المباراة النهائية الحاسمة اتفق المؤرخون الرياضيون على أن اثنين من أفضل فرق العالم قد واجها بعضيهما البعض وهما إيطاليا والمجر.. ونجحت إيطاليا مجددا في الفوز باللقب أمام 55 ألف متفرج في "ستاد دو كولومبس" بعد تغلبها على المجر 4/.2 ومقارنة بنهائي كأس العالم 1934 الذي جرى على أرضها .. فقد جاء فوز إيطاليا في فرنسا عن استحقاق كامل ونجحت في إضافة لقب ثان ببطولة العالم لقائمتها الشرفية تحت قيادة نجم خط وسطها المبدع جوزيب ميتسا وهو الانجاز الذي عادلته البرازيل لاحقا مع نجمها بيليه في بطولتي كأس العالم بالسويد عام 1958 وشيلي عام .1962 وبعد انتهاء البطولة بدأت إيطاليا تنسج أحلامها حول إحراز اللقب للمرة الثالثة في ألمانيا 1942 بينما ظل ليونيداس يفكر في الثأر من بيمنتا لقرار إبقائه على مقاعد البدلاء أمام إيطاليا..ولكن في النهاية لم يسر شيء وفقا لهذه المخططات. فقد جاءت الحرب العالمية الثانية لتلقي بظلالها القاتمة على حياتهم وحياة الملايين من الناس في مختلف أنحاء المعمورة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى