في حلقة النقاش المتخصصة لجامعة عدن حول (تحديات المرحلة واستجابة فخامة الأخ الرئيس)

> «الأيام» نبيل مصطفى مهدي - محمد فضل مرشد:

>
أ.د. عبدالوهاب راوح، رئيس جامعة عدن عند افتتاحه حلقة النقاش أمس
أ.د. عبدالوهاب راوح، رئيس جامعة عدن عند افتتاحه حلقة النقاش أمس
نظمت صباح أمس الأربعاء جامعة عدن حلقة نقاش متخصصة برعاية أ. د. عبدالوهاب راوح، رئيس الجامعة، حول (تحديات المرحلة واستجابة فخامة الأخ الرئيس) بمشاركة نخبة من الشخصيات الاكاديمية والاعلامية والسياسية من مختلف أطياف المجتمع اليمني اتسمت بالتباحث الموضوعي الهادف والبناء في سياق التحضير الوطني لممارسة الاستحقاق الدستوري المتمثل بالانتخابات الرئاسية والمحلية المقبلة بما يلبي الاحتياجات والمتطلبات المستقبلية لليمن.

د. راوح: لدى كثير من الفتن المستيقظة في الخارج في هذا الظرف وكالة نائمة-مستيقظة في الداخل

وافتتحت حلقة النقاش من قبل أ. د. عبدالوهاب راوح، رئيس جامعة عدن، بمشروع ورقة عمل متميزة قدمها للمشاركين، وجاء فيها:

«يقوم محور هذه الحلقة النقاشية المتخصصة على شقين متقابلين مترابطين هما: ما تطرحه الظروف الراهنة والمصاحبة من تحديات داخلية وخارجية (الشق الاول) ما أوجب عدول فخامة الاخ الرئيس عن رغبته في عدم ترشيح نفسه لولاية رئاسية جديدة (الشق الثاني).

التحديات المحلية

تتمثل تلك التحديات إجمالا بما يقتضيه البناء الوطني على عمومه ولعل من أبرزها مايلي:

1- ترسيخ لثقافة الوحدة الوطنية بما يجعل منها بنية داخلية تدافع من داخلها (ميكانيزم) عن مكتسب وحدة الوطن.

2- استكمال البناء في تعزيز القدرات المؤسسية للدولة التي بدأت مع برامج إعادة الهيكلة المؤسسية وإعادة هيكلة وظيفة الدولة بما في ذلك إعادة هيكلة العلاقة بين الدولة والمجتمع باعتماد نهج المشاركة (Governance) الذي يقوم على مبدأ: «من الحكومة الى الادارة الرشيدة» او الحكم الرشيد (From Government to Governance) وبالاستفادة مما توصلت اليه التجربة الانسانية في هذا المجال، ولعل من أبرز تجليات ذلك البناء والعمل ما تم اعتماده وتطبيقاته مع حكومات ما بعد الوحدة المباركة من الحريات الاربع المفتاح:

أ- الحرية السياسية وما يتوالد منها من مؤسسات سياسية وحقوقية وتعددية سياسية..

ب- والحرية الاقتصادية وما يتوالد منها من تحرير للاسواق وتحديد وظيفة الدولة ودورها في التنظيم والاشراف والرقابة دون الادارة..

ج- والحرية الثقافية ممثلة في منظومة حريات التعبير والتفكير والنشر والتوزيع وامتلاك وسائله وضمان تلك الحريات وحمايتها بالتشريعات القانونية النافذة..

د- والحرية الاجتماعية ممثلة في حق الشعب في تكوين الجمعيات والاتحادات الحقوقية والرقابية والنقابية والخيرية لإيصال صوته مؤسسياً الى المعنيين في صناعة القرار الى جانب اسهامه المؤسسي في صناعة القرار ورقابة تنفيذه.

إن تجليات تلك الحريات ملموسة ومعاشة بضماناتها الدستورية والقانونية والمؤسسية، غير ان محذورها يأتي من حداثة عهدها (16 عاماً) وهو ما يشكل تحدياً وطنياً يوجب تأمين البيئة التمكينية لرعايتها وتنميتها وترسيخ جذورها واستواء بنية ثقافتها.

3- تأمين البيئة المناسبة لبناء الانسان اليمني ومساعدته على تنمية ذاته وابراز قدراته ومشاركته في صياغة مدخلات حياته ومستقبله ومستقبل أبنائه.. وذلك من خلال تنظيم العلاقة القائمة بينه وبين الدولة مؤسسة على عقد الحرية وحقوق الانسان وتحديد وظيفة الدولة وحدود تلك الوظيفة.

4- حماية اركان البنية التحتية للامن والاستقرار والرشد السياسي، بعيداً التجريبية السياسية، وعن المغالاة والمذهبية والعرقية، والولاءات غير المدنية (= ما تحت الدولة وما قبلها) أو تلك الولاءات التي تقدم «الجماعة» على «المجتمع» وتقلص دائرة «الولاء» على جماعتها وتوسع دائرة «البراء» على ما دونها بدءا من القريب المباشر في الاسرة والداخل وانتهاء بالخارج الانساني والبشرية، والارتهان والاستقواء بالخارج. تلك بعض القواسم التي تجد لها حملتها في صفوف المجتمع اليمني ولها ارتباطاتها التنظيمية المؤسسية بالمراكز التنظيمية والتمويلية خارج الوطن.

5- الحفاظ على ما تم تحقيقه من مكتسبات ومصالح عليا للوطن وتنميتها وصونها.

التحديات الخارجية

يرتبط مناخ الاستحقاق الدستوري في الانتخابات الرئاسية والمحلية على صعيد الداخل بالمناخ الاقليمي والدولي بصفة مباشرة وغير مباشرة حيث كثير من «الوكالات» المضمرة في الداخل تستمد حضورها ومتاعها ورمزيتها وحبل حياتها وبقائها من الاستفادة من رفع المقولات الكبرى، تلك المقولات التي «تخدمها» في الظاهر «وتستخدمها» في الباطن. وما أكثر الذين «يأكلون عيش» تحت لافتات المقولات الكبرى.

ودونما دخول في تفاصيل تلك المقولات ومدعي الوصاية عليها اكتفي بالاشارة الى القول بأن كثيراً من الفتن المستيقظة في الخارج الاقليمي والدولي في هذا الظرف لدى كل منها «وكالة» نائمة - يقظة في الداخل، تعرف وظيفتها ودورها وعمولاتها وفواتيرها، وفي حالة انتظار واستقبال الاشارات للعمل في الوقت المناسب وبالآلية المناسبة وتحت أستار الاقنعة المناسبة انطلاقاً من أجندة المؤسسة الأم خارج الوطن.

يرتبط عضوياً بهذين البعدين (التحديات والاستجابة) أبرز اللاعبين الرئيسيين المتواجدين في أرضية الملعب السياسي الدستوري والمؤثرين في رسم أبعاده ممثلين فيما يلي:

1- فخامة الاخ الرئيس: الشخصية المحورية ذات العلاقة المباشرة والمؤثرة بجميع أطراف المشهد السياسي.

2- المؤتمر الشعبي العام (كمؤسسة سياسية حاكمة وفق قواعد الدستور وأدبيات التعددية السياسية)

3- المؤتمر الاستثنائي للمؤتمر الشعبي العام (21-24 يونيو 2006) كفعالية مؤسسية تنظيمية معنية تنظيميا باختيار وتسمية مرشحها لمنصب رئاسة الجمهورية.

4- المعارضة السياسية ممثلة في (اللقاء المشترك) و(المجلس الوطني للمعارضة)

5- الشعب، المؤسسة الأم، وهي المؤسسة المحيطة بجميع الاطراف المشار اليها وتجمع وحدها بين وظيفتي (اللاعب والمجال معاً).

على ضوء ما تقدم يتجه مسار الحديث في هذه الحلقة حول استبطان الخلفيات وراء الحدث، محور الحلقة وموضوعها. ولعل من ابرز تلك الخلفيات المطلوب استبطانها وقراءتها في هذه الحلقة المتخصصة تتمثل فيما يلي:

1- خلفية إعلان فخامة الاخ الرئيس رغبته الصريحة والصادقة في عدم الترشح لولاية رئاسية جديدة.

2- خلفية اعلان فخامته عدوله عن تلك الرغبة منظوراً اليها في سياق الظروف الموضوعية المصاحبة وفي سياق ترجيح آلية لخدمة الديمقراطية وتداول الحكم سلمياً على آلية أخرى لخدمة نفس الاهداف، مستفيداًَ فخامته من مجمل ما أسفرت عنه المداخلات والقراءات والتحليلات «غير المسبوقة» التي تناولت حدث «عدم الرغبة» ذاك بكل أبعاده وما تفضي اليه سيناريوهات الاستمرار فيه.

3- خلفية «اللقاء المشترك» في ترحيبه بإعلان العزوف عن الترشح، وفي نقده لإعلان العدول.

4- خلفية اختيار اللقاء المشترك لمرشح مستقل من خارج مؤسساته وما هي السيناريوهات المفترضة لمستقبل هذا الاختيار؟

5- خلفية حديث صحيفة الشورى (558/الاربعاء 12/7/2006م، ص 3) باتهام المشترك باختيار مرشحه المستقل بأنها «مؤامرة لتمزيق الوطن والنيل من وحدته» ووصفت قياداته بـ «المؤدلجين والمحملين بأثقال تاريخية من الهزيمة والانكسار والحقد والبغض والامراض المزمنة التي بفعلها.. تحولوا الى أدوات ومعاول هدم.. للنيل من الوطن ومنجزاته ومقدراته ومكتسباته وتمزيق لحمته ووحدته..» ووصفت ما أسمته بـ «مؤشرات المخطط التآمري الذي يحاك في كواليس المشترك» بانه «فاق خيالنا وتصوراتنا وتعدى كل حدود الممكن والمعقول، انه أخطر من الخطر وأبعد من النظر وأسفل وأحقر وأدنى من ان يخطر على قلب بشر.. يريدون تمزيق كيان الوطن وتشطيره..» وأما عن مضمون هذا المخطط فتقول الصحيفة المذكورة حسب ما روته لها شخصيات مقربة من المشترك ومن مصادر موثوقة:«لقد وقف قادة المشترك في اجتماعاتهم المغلقة أمام خيارين الاول ينص على انه في حال اصرار رئيس الجمهورية على قراره في عدم الترشيح.. فإنهم سيرشحون شخصاً منهم والخيار الثاني ينص على انه في حالة اعادة الحزب الحاكم ترشيح رئيس الجمهورية.. سيقومون بترشيح شخصية مستقلة.. من المحافظات الجنوبية قصد تعاطف سكانها والحصول على نسبة 70% منهم تمهيداً للضغط على الرئيس علي عبدالله صالح بتحديد المصير للمحافظات الجنوبية وسيستعينون بمنظمات خارجية..» وتقول الصحيفة بان «هذا المخطط جاء بعد تواصل سري.. مع زعامات ومنظمات خارجية حاقدة على اليمن ووحدته» وتقول بـ«ان الكثير من قادة احزاب المشترك لا يعلمون بهذا المخطط .. وربما ايضاً المرشح نفسه فيصل بن شملان لا يدرك ذلك وانه مغرر به» لتختم الصحيفة مقالها بـ «ان المشترك يقود البلاد الى هاوية سحيقة ومؤامرة دنيئة وحقيرة الهدف منها سفك الدماء وتمزيق الوطن» كما انتهت الى تنبيه المواطنين بألا «ينقادوا وراء هذا المخطط الاجرامي التآمري وان يجعلوا مصلحة الوطن ووحدته فوق كل الاعتبارات».

واختتم هذه الورقة، المشروع بتساؤل: ألم يكن في اعلان الاخ الرئيس عدوله عن قراره بعدم الترشح ستراً وغطاء للمشترك حيث كان من المؤكد لدى بعض التحليلات بانه سيتفكك ليعود كل حزب الى مربعه التاريخي الذي يستمد منه مقومات شرعيته ومشروعه من اتخاذ شريكه في المشترك «آخر» وانه بناء على هذه الثنائية البنيوية كان حسب بعض التحليلات سيتم التعجل بانفراط عقده الهش «حيث لا يأمن حزب منهم تسليم رقبته لمرشح رئاسي آخر حسب بعض المحللين. فبقي المشترك تحت سقف هذا الكنان الظرفي بمرشح مستقل ظرفي تمهيداً للوصول الى محطة ما بعد ابن شملان حيث حينئذ يتم اعلان المرشح المخبوء خلف عباءة ابن شملان النزيهة.

جاءت هذه الورقة محكومة بقواعدها حيث السؤال المفتوح على اكثر من اجابة وقراءة كما حرصت على عدم طرح أي اجابة مراعاة للمنهجية العلمية حين اكتفت بالاثارة تاركة الاصطياد للمداخلين.

مع رجاء ان تكون المداخلات مداخلات هادئة وعقلانية ومسئولة.

ومصلحة الوطن ومكتسباته ومصالحه العليا وخيره الاسمى من وراء القصد.

عقب ذلك بدأت برئاسة الزميل الاستاذ هشام باشراحيل، رئيس تحرير "الأيام"، أعمال الحلقة النقاشية والاستماع الى مداخلات المشاركين حول تحديات المرحلة واستجابة فخامة الأخ علي عبدالله صالح لنداءات الجماهير بالعدول عن قرار عدم الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة.

< وكانت مداخلة الزميل الاستاذ أحمد الحبيشي رئيس تحرير «14 أكتوبر» أولى مداخلات الحلقة النقاشية المتخصصة وجاء فيها: «فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح أراد باستقالته تسليط الاضواء على بعض المخاطر التي تعترض طريق البلد وهي بحاجة الى مهارات ووضوح في القيادة وبالتالي يحصل على تفويض شعبي لاجراءات شديدة في المرحلة القادمة، وهي بالمناسبة آخر سبع سنوات من الناحية الدستورية للأخ الرئيس في الرئاسة لأن الدستور كما نعلم عندما تم تعديله في الدورة الرئاسية السابقة على اساس ان وجود أي رئيس في الرئاسة هي دورتين دستوريتين لاغير، فربما ان هناك مجموعة مهام ضخمة جدا تنتظر في السبع السنوات القادمة لتأهيل الملعب السياسي فعلا لتداول سلمي آمن وتداول سلمي ناضج يقوم على نضوج في الملعب السياسي ويستطيع بالتعاون مع كثير من القوى الطيبة داخل البلد سواء من الحزب الحاكم أو خارج الحزب الحاكم تأمين تهيئة هذا الملعب لتداول سلمي حقيقي وآمن وفاعل يجنب البلد كوارث تحويلها الى حقول تجارب لأننا رأينا كثيرا من البلدان تحولت الى حقول تجارب ونحن في اليمن وفي جزء من اليمن كنا في فترة من الفترات حقلا للتجارب وفي افغانستان رأينا حقلا آخر للتجارب وفي السودان رأينا حقلا آخر للتجارب وفخامة الأخ الرئيس لا يريد لليمن ان تكون حقلا جديدا لأوهام تجريبية يدفع بسببها شعبنا وأجيالنا القادمة ثمنا فادحا، هذه كلمة قصيرة أعقب فيها على ما جاء في مداخلة أ. د. عبدالوهاب راوح».

< عقب ذلك وقف المشاركون على مداخلة مقدمة من صحيفة «الأيام» قرأها الزميل نجيب محمد يابلي، وتتكون من:

1- عرض مقارن لفترات ولايات الحكم في اليمن، قبل وبعد الوحدة اليمنية

2- الحصاد: 17/ يوليو/ 1978م - 17/ يوليو/ 2006م

3- استحقاقات تقابلها تحديات

4- توصيات

وجاء في مداخلة «الأيام»: «1- عرض مقارن لفترات الحكم في اليمن، قبل وبعد الوحدة اليمنية:

ما أحوجنا إلى نظرة عامة نستعرض من خلالها شريط الحكم في اليمن، قبل وبعد الوحدة اليمنية والذي يبين لنا أن الرقم (5) قاسم مشترك بين شطري اليمن، حيث حكم المناطق الشمالية (5) رؤساء قبل الوحدة، فيما حكم المناطق الجنوبية (5) رؤساء خلال نفس الفترة وذلك على النحو المبين أدناه:

المناطق الشمالية:

دامت فترة الحكم في المناطق الشمالية من الوطن حتى قيام دولة الوحدة من سبتمبر/ 1962م وحتى مايو/ 1990م وإجمالها 27.66 عام وفق الحصص التالية:

1- المشير/ عبدالله السلال = 5.08 عام، حصته =18.3%.

2- القاضي/ عبدالرحمن الإرياني = 6.58 عام، حصته = 23.7%.

3- المقدم/ إبراهيم محمد الحمدي = 3.25 عام، حصته = 11.7%.

4- المقدم/ أحمد حسين الغشمي = 66،0 عام، حصته = 2.3%.

5- العقيد/ علي عبدالله صالح = 11.83 عاماً، حصته = 42.7%.

المناطق الجنوبية:

دامت فترة الحكم في المناطق الجنوبية من الوطن حتى قيام دولة الوحدة من نوفمبر 1967م وحتى مايو 1990م وإجمالها 22.50 عام وفق الحصص التالية:

1- قحطان محمد الشعبي = 1.50 عام، حصته = 6.6%.

2- سالم ربيع علي = 9 أعوام، حصته = 39.8%.

3- عبدالفتاح إسماعيل = 1.83 عام، حصته = 8.1%.

4- علي ناصر محمد = 5.66 عام، حصته = 25%.

5- حيدر أبوبكر العطاس = 3.25 عام، حصته = 14.3%.

يلاحظ من القراءة المقارنة أن أطول فترة حكم في المناطق الشمالية كانت من نصيب فخامة الرئيس علي عبدالله صالح، بنسبة (42.7%) فيما كانت أطول فترة حكم في المناطق الجنوبية كانت من نصيب فخامة الرئيس سالم ربيع علي رحمه الله بنسبة (39.8%).

إذا قمنا بقراءة أشمل لارتفعت نسبة أو حصة فترة حكم الرئيس علي عبدالله صالح، من خلال القراءة المقارنة التالية:

نسبته من فترة الحكم في ظل الوحدة = 100%.

نسبته من فترة الحكم قبل وبعد الوحدة = 64.7%.

2- الحصاد: 17 يوليو، 1978م - 17 يوليو 2006م:

الزميل هشام باشراحيل يدير أعمال الحلقة النقاشية بعد اختياره رئيساً لها
الزميل هشام باشراحيل يدير أعمال الحلقة النقاشية بعد اختياره رئيساً لها
مما لا شك فيه أن صعود نجم الرئيس علي عبدالله صالح في سماء العمل السياسي الملبدة بالغيوم، قبل ثماني وعشرين سنة، يعتبر بحد ذاته تحدياً كبيراً لطبيعة الأوضاع السائدة وقتئد فلم يكن الدخول إلى قصر الرئاسة بصنعاء مغنماً بقدر ما كان مغرماً، فقد فقدت الجمهورية العربية اليمنية (مثلاً) رئيسين هما: إبراهيم محمد الحمدي وأحمد حسين الغشمي، حيث حكم الأخير أقل من عام خلال الفترة من أكتوبر 1977م - يونيو 1978م وفي يونيو 1978م أيضاً أعدم الرئيس سالم ربيع علي في جنوب الوطن بعد محاكمة صورية وتلبدت سماء العلاقات السياسية بين النظامين القائمين في صنعاء وعدن، ليحترب الإخوة الأعداء حرباً ثانية بعد حرب العام 1972م - أي في العام التالي لاغتيال الرئيسين الغشمي وسالمين.

نذكر الجميع بأبيات شعر جادت بها قريحة الشاعر محمد أحمد منصور:

قالوا: أتحلم في حكم البلاد غداً

قلت: لا أبتغي صنعاء ولا عدنا

وأتعس الناس في الدنيا وأنكدهم

من يمتطي الليث أو يحكم اليمنا

بالرغم من كل ذلك، استطاع فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح، أن يمر باليمن من بين حقول الألغام بسلام، توقف الحرب اليمنية باتفاقية الكويت المبرمة بين شطري الوطن 1979م وعودة الروح للجان الوحدة من جديد ليثمر ذلك تقارباً بين النظامين والوصول بالجهد المشترك إلى إنجاز تاريخي يتمثل بوضع أول دستور لدولة الوحدة المرتقبة والخروج من غبار التصدع والاحتراب الداخلي فيما عرف بمعارك المناطق الوسطى التي قادتها الجبهة الوطنية المدعومة من عدن، والاتجاه نحو رؤى سياسية فيها قدر من الشفافية عن طريق تطبيع الحياة السياسية في البلاد وإشراك أكبر قدر من الشخصيات والفعاليات والتنظيمات المختلفة في صياغة الميثاق الوطني وتأسيس حزب المؤتمر الشعبي العام كخطوة أولى في مقابل الحزب الحاكم في جنوب الوطن وفي بلد الحزبية تطل برأسها من كل بيت فيه رغم التحريم الرسمي وهو ما وضعته القيادتان السياسيتان في الشمال والجنوب نصب أعينهما عشية إعلان وحدة الوطن اليمني المعلنة في 22 مايو 1990م كأهم الأحداث السياسية قاطبة في القرن العشرين، والتي كان لفخامة الرئيس علي عبدالله صالح الدور البارز في انضاج ظروفها واشتراطاتها المعقدة بمعية القيادة السياسية الحاكمة في عدن برئاسة الأخ علي سالم البيض، دون أن نغفل في هذا الاتجاه الظروف الخارجية والمتغيرات الدولية التي حدثت بشكل دراماتيكي لم يكن في الحسبان في العشر السنوات الأخيرة من القرن العشرين وأهمها سقوط جدار الفصل البغيض في برلين عام 1989م وانهيار المعسكر الاشتراكي فيما بعد وانتفاء ثنائية الاستقطاب العالمية بين الشرق والغرب وانتهاء الحرب الباردة، وكانت الوحدة اليمنية أمنية الجماهير اليمنية تأتي متزامنة ومتوائمة مع أهم مقومات بقائها وهو الديمقراطية وإطلاق كوامن الابداع الشعبي اليمني من خلال الحريات السياسية والتعددية الحزبية وحرية الكلمة، باعتبار أن الديمقراطية هي صمام أمان الوحدة من أجل الحرية والكرامة والمواطنة المتساوية عبر كل مراحل النضال الوطني في اليمن، وبدونها تصبح الوحدة اليمنية مفرغة من محتواها الوطني الشامل الذي يضع اليمن في الطريق الصحيح نحو حياة عصرية. هناك مصاعب جمة على الأرض تجعل المطبق ديمقراطياً أقل بكثير من النظري المنصوص عليه دستورياً وقانونياً، ناهيك عن مطالب المواطنين الشرعية بهذا.

الخلاصة، فإن ما تحقق يحسب لليمن وفخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح، إذ أجرى فعلاً حقيقياً وبإرادة شجاعة للتأسيس عليه قدماً لحياة ديمقراطية ترتكز على مقومات التداول السلمي للسلطة وفصل السلطات بما في ذلك السلطة القضائية لتكون حكماً عادلاً في القضايا السياسية دون تدخل من أحد.

وفي مجال التنمية، يحسب للأخ الرئيس تنفيذه الخطط الخمسية للسنوات (1975- 1981م) و (1982- 1986م) و (1987م- 1991م) وتنفيذ الخطط الخمسية بعد الوحدة للسنوات (1996- 2000م) و(2001م-2005م) و(2006م-2010م) والتي يتوقع صدورها في صيغتها النهائية قريباًً.


3- استحقاقات تقابلها تحديات:
إن قبول فخامة الرئيس علي عبدالله صالح ترشيح حزبه (حزب المؤتمر الشعبي العام) له لخوض الانتخابات الرئاسية في 22 سبتمبر، 2006م هو استحقاق دستوري لولاية اخرى تمتد من 2006 حتى عام 2013م، ليصبح اجمالي فترة حكمه (35) عاما (في حال فوزه وهو المرجح) في ظل واقع تسوده آفتان وهما: النمو السكاني المتسارع والفساد، حيث تشير الوثائق الدولية إلى أن سكان اليمن في منتصف عام 2001م بلغ حوالي (18) مليون نسمة ويقدر ارتفاع هذا الرقم الى (39) مليوناً و(600) الف نسمة عام 2025م وإلى (71) مليوناً و(100) الف نسمة عام 2050 ومن المسلمات البديهية أن الاستهلاك يرتفع بمتوالية هندسية مع ارتفاع عدد السكان وأن الفساد يقوض كل إمكانيات التقدم أو النجاح في خطط التنمية.

من التحديات التي سيواجهها فخامته (في حال فوزه) هو التوسع في زراعة القات ويتضح لنا من خلال البيانات المتاحة أن مساحة الأراضي التي كانت مزروعة بالقات عام 1970 بلغت (8000) هكتار بينما وصلت المساحة عام 2000 الى (102) الف و(934) هكتارا.

إن القات يستهلك حوالي (830) مليون م3 من المياه/ سنة وفي محافظة صنعاء وحدها (60) مليون م3/ سنة بينما يستهلك سكان مدينة صنعاء حوالي 30 مليون م3/ سنة ويعتبر القات من المحاصيل الأكثر استهلاكا للمياه، حيث يحتاج في المتوسط الى 8500م3/ سنة مقابل 7056م3/ هكتار لمحصول القطن و5040م3 /هكتار لمحصول العنب. (راجع: حماية الثروة المائية- د. عبدالله الجبار حسن- ص 20).

ان التحديات التي سيواجهها فخامته سبق تحديدها في برنامجه الانتخابي الرئاسي عام 1999م ونفضل ان يأخذ التحديات الواردة في ذلك البرنامج لتكون مسك ختام فترة حكمه ومن تلك التحديات:

1- مواصلة برنامج الإصلاح الإداري بكل تفاصيله.

2- مواصلة برنامج الاصلاح السياسي بكل مفاصله.

3- إعادة الهيكلة للمؤسسات الحكومية والعامة بما يضمن تحقيق كفاءة أكبر في الاداء وإزالة المعوقات والممارسات الفاسدة وتعميق القيم الإدارية الرفيعة والنزيهة وتأكيد هيبة الدولة دولة النظام والقانون في جميع المرافق والتطبيق المستمر لمبدأ الثواب والعقاب وتحقيق الربط الوثيق بين الحق والواجب.

4- أوضاع الاستثمار عامة والمنطقة الحرة بعدن والمنطقة الصناعية في مثلث عدن/لحج/أبين والمنطقتين الصناعيتين في الحديدة والمكلا.

5- أوضاع الشباب الباحثين عن فرص عمل وتشجيع الأعمال الصغيرة باعتبارها الوسيلة الناجحة للحد من البطالة.

6- الارتقاء بتجربة السلطة المحلية وإزالة المعوقات التي تقف في طريقها وأبرزها المركزية وتأهيل الكادر في أجهزة السلطة المحلية والمكاتب التنفيذية في المحافظات.

7- أوضاع الطاقة الكهربائية ومشاريع الصرف الصحي للمدن الرئيسية والثانوية.

8- ايجاد القاعدة المادية والتنظيمية لجعل السياحة رافداً اساسياً وهاماً من روافد التنمية الاقتصادية ومصدراً من مصادر الدخل للنقد الاجنبي.

9- إيلاء عناية مستمرة للثروة السمكية وحماية الثروة المائية والبيئة البحرية من النهب والتخريب والعبث ووضع التشريعات والرقابة الصارمة للقضاء على الاستغلال العشوائي للثروة السمكية وضمان الحفاظ على تجددها.

10- رصد كل الإمكانات من أجل تأهيل اليمن للانضمام الى مجلس التعاون الخليجي بالاعتماد أولاً على مواردنا الذاتية.

4- توصيات:

4-1: إعداد آلية فاعلة لمحاربة الفساد والعمل بمبدأ الثواب والعقاب.

4-2: ربط زيادة السكان بزيادة الإنتاج من خلال برامج تنموية ترصد لها الاعتمادات الكافية وتخضع للتقييم الإداري والإفصاح عن نقاط قوتها وضعفها وإيجاد المعالجات السريعة لنقاط الضعف.

4-3: إيجاد آلية لتعزيز مبدأ الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني.

4-4: إيجاد سلطة محلية فاعلة وإطلاق المبادرات المحلية والتنافس بين المحافظات.

4-5: ترسيخ مفهوم استخدام الأرض بدلاً من تركها عرضة للمتاجرة.

4-6: العمل على توضيح صورة الدولة امام الاستثمارات المحلية والعربية والاجنبية لتفادي التجربة المرة التي حدثت لشركة دبي لتشغيل المنطقة الحرة.

4-7: إعداد استراتيجية شاملة لملف الأعمال الصغيرة لمحاربة البطالة والفقر وإيجاد قاعدة بيانات بخريجي المعاهد والكليات والمدارس واحتياجاتهم اللازمة لفتح مشاريعهم الصغيرة أو المتوسطة وإيجاد منظومة متناسقة بين الشباب والجهات المختصة لتيسير الإجراءات والخدمات اللازمة.

4-8: كسر الاحتكار في مجال النقل الجوي لتعزيز توجة الدولة في مجال «السماء المفتوحة».

4-9: التعامل الرشيد مع الموارد العامة لاستخدامها في مشاريع استراتيجية في مجال البنية التحتية وهي من أبرز المعوقات التي يواجهها المستثمرون.

4-10: تعزيز سلطة النظام والقانون بإيجاد الإدارة الفاعلة التي تتقن إدارة الوقت والمورد البشري وإيجاد القضاء المؤهل والعادل والسريع في إجراءات التقاضي وإيجاد الأمن المسؤول».

< أما مداخلة الأخ د. فارس السقاف، رئيس الهيئة العامة للكتاب، فقد جاء فيها: «كما قرأنا من قبل لأدونيس عن مسألة (الثابت والمتحول) ان الثابت الوحيد والاساس في حياة الانسان هو التغير والتحول أي ان الثبات ليس ان يقف الانسان جامدا في محله، والثوابت في زعامة الرئيس علي عبدالله صالح كثيرة وفي صدارتها ثابت الحوار والتصالح والتسامح وهذه ربما لمسها الجميع من الخصوم ومن الاصدقاء والموالين للرئيس علي عبدالله صالح، فالحوار قائم منذ البداية، وكان يقال ان الانسان يتعامل مع الحاكم بين سيف المعز وذهبه فعلي عبدالله صالح استخدم المرونة والتسامح والحوار وحتى أنه استوعب الكثير من خصومه على مر التاريخ ابتداء من الجبهة الوطنية التي كانت تثير حالة تمرد في مناطق داخل اليمن الشمالية آنذاك الى الانقلاب الناصري الى حرب الانفصال والى ما قبل ذلك بعد مقتل ابراهيم الحمدي وما حصل من تمرد لقائد من قادة وحدات الجيش في ذلك الوقت فهذه كلها شواهد على هذه السمات والصفات، أما من الثوابت الاخرى ايضا في شخصية الرئيس علي عبدالله صالح وهي ثوابت متحركة ومتغيرة ومتطورة منها ثابت الديمقراطية فهو صعد عبر مجلس الشعب التأسيسي وان كان مجلس الشعب التأسيسي الذي أسسه بالتعيين الرئيس الراحل أحمد الغشمي لمدة سنتين ولكنه استمر حتى العام 1988م عندما بدأت أول انتخابات برلمانية ديمقراطية في شمال اليمن في الجمهورية العربية اليمنية عام 1988م ثم كانت هناك انتخابات النقابات والاتحادات المهنية والابداعية وغير ذلك ثم الانتخابات البرلمانية بعد تحقيق الوحدة والانتخابات المحلية وبعد ذلك عندما قامت الحرب في 94م وانتهت كان يقول البعض بأننا سنعود الى الشمولية لكن فخامة الأخ الرئيس استمر على النهج الديمقراطي فتمت انتخابات في العام 97م ثم انتخابات في العام 2003م ثم انتخابات محلية الى الانتخابات الرئاسية في العام 1999م وحدد في الدستور بدورتين وحتى اصحاب الكابوس الذين يتحدثون عن مسألة التوريث أنا أكدت في كتابات لي أنها أوهام لأنه الى الآن لم ينص على هذا الأمر في الدستور كما لا توجد تحركات في هذا المجال لتهيئة هذه القضية ومن يثيرون هذا الأمر يريدون ان يسقطوا كثيرا مما في دواخلهم على هذا الأمر فيما القضية ليست قائمة والقائم ما هو حاصل وراهن في وضعنا الحالي وعلينا ان نواجه هذا الأمر بالمعارضة البناءة والنقد الموضوعي وما الى ذلك.

أنا أستغرب ان تثار ضجة حول تراجع الرئيس عن عدم الترشح فأعتقد انه ما دام هذا الحق مكفول له دستوريا لا يجب ان نحمل الامر فوق ما يحتمل فلو كان تراجع عن النهج الديمقراطي أو تراجع عن مواعيد الاستحقاق الانتخابي لوقفنا جميعنا ضد هذا التراجع لكن الأمر في اطار الحق المسموح للرئيس علي عبدالله صالح.

والرئيس علي عبدالله صالح امتلك زعامة تاريخية بتحقيق الوحدة ورديفها الديمقراطية انتقل الرئيس علي عبدالله صالح من موقع الرئاسة الى موقع الزعامة وهو الآن بين الزعامة التاريخية بتحقيق الوحدة والزعامة المستقبلية ليقود اليمن نحو المستقبل وتحدياته واشتراطاته وأعتقد ان الرئيس علي عبدالله صالح ثبت من خلال الحراك الذي حدث خلال الفترة القريبة الماضية بأنه الأجدر لذلك».

< كما أسهم الاستاذ الجامعي والكاتب الصحفي د. هشام السقاف بمداخلة جاء فيها: «نحن بدأنا في 1990م باتفاق على اساس ان تكون الوحدة متلازمة مع المسلك الديمقراطي من حيث بدأ لكن مع الاعتراف ان واقعنا اليمني يحتوي على كثير من التعقيدات لكن ذلك ليس عقبة وليست مبررات فنحن رأينا كثيرا من البلدان في أفريقيا وخاصة كينيا وهي على مقربة من اليمن استطاعت ان تصل الى مسألة التداول السلمي للسلطة بطريقة شفافة وبعيدة عن المنغصات فلا نريد ان نعول كثيرا على الوقت لأننا نعطي مبررا أيا كانت نوايا التوليفة الحاكمة أو الحاكم نفسه لكن يجب ان نحتاط للمستقبل ان الوقت هو وقت الديمقراطية ولذلك أنا لا أتفق مع بعض الكلام المكثف اللغوي الجميل عن الاستعانة بالخارج أو الاستقواء بالخارج هذه المسألة غير مقبولة في هذا الوقت العالم لم يعد قرية واحدة بل أصبح الآن شقة في عمارة بمعنى ان كل ما في العالم يصل الينا أولا بأول وعملية الاستقواء لا يجب ان ننظر اليها بأن اي تعامل مع الخارج هو تعامل مع الدبابات الامريكية التي دخلت الى العراق، لا، العالم الخارجي هو عبارة عن منظمات وهيئات ومؤسسات وصحافة واعلام حر واحيانا تضطر كثير من الشعوب التي لا يتوافر فيها نصيب وافر من الحرية ولا تجد في كثير من الاحيان ان القانون يسند البسطاء من المواطنين تجد في الصوت الخارجي داعما لها وهذه حقيقة موضوعية اصبحت في وقتنا الحاضر، إذا كان الأمر أنا أتكلم كمواطن ومراقب وككاتب ايضا وليس كحزب سياسي أنا انسان مستقل أولا وأخيرا إذا كان القصد هو الاحزاب السياسية هذا شأن آخر سنتحدث فيه لأن حتى الأنظمة السياسية العربية بما فيها اليمن الميمون يتعامل مع الخارج ويستجيب للخارج نحن نعرف من يدير العالم ومن يرسم سياسات حتى في منطقتنا العربية ربما هناك هامش لبعض الانظمة للتحرك والحديث ولكن في الأخير ايضا نحن محكومون بقوة الخارج.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى